تفسير الايات لابن كثير

تفسير الايات من 41 الى
45

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ (44) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

صدق الله العظيم

- 41 - يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام
- 42 - فبأي آلاء ربكما تكذبان
- 43 - هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون
- 44 - يطوفون بينها وبين حميم آن
- 45 - فبأي آلاء ربكما تكذبان

يقول تعالى: {فإذا انشقت السماء} يوم القيامة كما دلت عليه الآيات الواردة في معناها، كقوله تعالى: {وانشقت السماء فهي يومئذ واهية}، وقوله: {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً}، وقوله: {إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت}، وقوله تعالى: {فكانت وردة كالدهان} أي تذوب كما يذوب الدُّردِي (الدردي: ما يركد في أسفل كل مائع كالشراب والأدهان) والفضة في السبك، وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها، فتارة حمراء وصفراء وزرقاء وخضراء، وذلك من شدة الأمر وهول يوم القيامة العظيم. عن أنَس بن مالك قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يبعث الناس يوم القيامة والسماء تطش عليهم" (رواه الإمام أحمد من حديث أنَس بن مالك) قال الجوهري: الطش المطر الضعيف، وقال ابن عباس: {وردة كالدهان} كالأديم الأحمر، وعنه كالفرس الورد، وقال أبو صالح: كالبرذون الورد، ثم كانت بعد كالدهان، وقال الحسن البصري: تكون ألواناً، وقال السدي: تكون كلون البغلة الوردة، وتكون كالمهل كدردي الزيت، وقال مجاهد: {كالدهان} كألوان الدهان، وقال عطاء الخُراساني: كلون دهن الورد في الصفرة، وقال قتادة: هي اليوم خضراء ويومئذ لونها إلى الحمرة يوم ذي ألوان، وقال أبو الجوزاء، في صفاء الدهن، وقال ابن جريج: تصير السماء كالدهان الذائب، وذلك حين يصيبها حر جهنم، وقوله تعالى: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان}، وهذه كقوله تعالى: {هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون} فهذا في حال، و"ثَمَّ" في حال، يسأل الخلائق عن جميع أعمالهم، قال اللّه تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون}، ولهذا قال قتادة {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان}، قال: قد كانت مسألة ثم ختم على أفواه القوم، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، قال ابن عباس: لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا، فهذا قول ثان، وقال مجاهد في هذه الآية: لا تسأل الملائكة عنالمجرمين بل يعرفون بسيماهم، وهذا قول ثالث، وكأن هذا بعد ما يؤمر بهم إلى النار فذلك الوقت لا يسألون عن ذنوبهم، بل يقادون إليها ويلقون فيها كما قال تعالى: {يعرف المجرمون بسيماهم} أي بعلامات تظهر عليهم، وقال الحسن وقتادة: يعرفون باسوداد الوجوه وزرقةالعيون، (قلت): وهذا كما يعرف المؤمنون بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء.
وقوله تعالى: {فيؤخذ بالنواصي والأقدام} أي يجمع الزبانية ناصيته مع قدميه ويلقونه في النار كذلك، وقال ابن عباس: يؤخذ بناصيته وقدميه فيكسر كما يكسر الحطب في التنور، وقال الضحّاك: يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره، وقال السدي: يجمع بين ناصية الكافر وقدميه فتربط ناصيته بقدمه ويفتل ظهره، وقوله تعالى: {هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون} أي هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها، ها هي حاضرة تشاهدونها عياناً، يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً وتحقيراً، وقوله تعالى: {يطوفون بينها وبين حميم آن} أي تارة يعذبون في الحجيم، وتارة يسقون من الحميم، وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب يقطع الأمعاء والأحشاء، وهذه كقوله تعالى: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون}. وقوله تعالى: {آن} أي حار قد بلغ الغاية في الحرارة قال ابن عباس: قد انتهى غليه واشتد حرّه، وقال محمد بن كعب القرظي: يؤخذ العبد فيحرك بناصيته في ذلك الحميم، حتى يذوب اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس، وهي كالتي يقول اللّه تعالى: {في الحميم ثم في النار يسجرون} فقوله {حميم آن} أي حميم حار جداً، ولما كان معاقبة العصاة المجرمين، وتنعيم المتقين من فضله ورحمته، وكان إنذاره لهم عن عذابه وبأسه، مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصي، قال ممتناً بذلك على بريته: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}؟


تفسير ابن كثير يوجد تفسيرات اخرى مثل الطبرى والقرطبى والجلالين والبغوى والسعدى لمن يريد تفسيرا اخرى


جزاكم الله خيرا على القرأه




********************************************
تفسير الايات من سورة الرحمن, تفسير الايات من 41 الى 45 F_16041575157m_c0dc2f5

تفسير الايات من سورة الرحمن, تفسير الايات من 41 الى 45 F_uhxm_601f4f3