السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،
بســم الله الـرحمــن الرحيــم
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ
-13 واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون
- 14 - إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون
- 15 - قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون
- 16 - قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون
- 17 - وما علينا إلا البلاغ المبين
يقول تعالى واضرب يا محمد لقومك الذين كذبوك {مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون}. قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس وكعب الأحبار: إنها مدينة انطاكية، وكان بها ملك يقال له (انطيقس) كان يعبد الأصنام، فبعث اللّه تعالى إليه ثلاثة من الرسل وهم (صادق) و (صدوق) و (شلوم) فكذبهم.
وقوله تعالى: {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما} أي بادروهما بالكتذيب، {فعززنا بثالث} أي قويناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث (قال ابن جريج: كان اسم الرسولين (شمعون) و (يوحنا) واسم الثالث (بولص) والقرية انطاكية، وقال ابن كثير: وزعم قتادة أنهم كانوا رسل المسيح عليه السلام إلى أهل انطاكية)، {فقالوا} أي لأهل تلك القرية {إنا إليكم مرسلون} أي من ربكم الذي خلقكم يأمركم بعبادته وحده لا شريك له، {قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا} أي فكيف أوحي إليكم وأنتم بشر ونحن بشر! فلم لا أوحي إلينا مثلكم؟ ولو كنتم رسلاً لكنتم ملائمة، وهذه شبهة كثير من الأمم المكذبة، كما أخبر اللّه تعالى عنهم {ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا}! أي استعجبوا من ذلك وأنكروه، كما قال تعالى: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث اللّه بشراً رسولاً}! ولهذا قال هؤلاء: {ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون * قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون} أي أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين اللّه يعلم أنا رسله إليكم، ولو كنا كذبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار كقوله تعالى: {قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيداً}، {وما علينا إلا البلاغ المبين} يقولون: إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم، فإذا أطعتم كانت السعادة في الدنيا والآخرة، وإن لم تجيبوا فستعلمون غب ذلك، واللّه أعلم.
18 - قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم
- 19 - قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون
فعند ذلك قال لهم أهل القرية: {إنا تطيرنا بكم} أي لم نر على وجوهكم خيراً في عيشنا، وقال قتادة: يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم، وقال مجاهد: يقولون: لم يدخل مثلكم إلى قرية إلا عذب أهلها {لئن لم تنتهوا لنرجمنكم}، قال قتادة: بالحجارة، وقال مجاهد: بالشتم {وليمسنكم منا عذاب أليم} أي عقوبة شديدة، فقالت لهم رسلهم: {طائركم معكم} أي مردود عليكم، كقوله تعالى في قوم فرعون: {وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند اللّه}، وقال قوم صالح: {اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه}، وقال قتادة ووهب بن منبه: أي أعمالكم معكم، وقوله تعالى: {أئن ذكّرتم بل أنتم قوم مسرفون} أي من أجل هذا أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد اللّه وإخلاص العبادة له، قابلتمونا بهذا الكلام وتوعدتمونا وتهددتمونا، {بل أنتم قوم مسرفون}، وقال قتادة: أي إن ذكرناكم باللّه تطيرتم منا بل أنتم قوم مسرفون.
20 - وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين
- 21 - اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون
- 22 - وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون
- 23 - أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون
- 24 - إني إذا لفي ضلال مبين
- 25 - إني آمنت بربكم فاسمعون
قال وهب بن منبه: إن أهل القرية هموا بقتل رسلهم، فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى لينصرهم من قومه، قالوا: وهو (حبيب) وكان يعمل الحرير وهو الحباك، وكان رجلاً سقيماً قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة يتصدق بنصف كسبه مستقيم الفطرة (ذكره ابن إسحاق عن كعب الأحبار ووهب بن منبه)، وقال ابن عباس: اسم صاحب يس (حبيب النجار) فقتله قومه، وقال السدي: كان قصاراً، وقال قتادة: كان يتعبد في غار هناك، {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم {اتبعوا من لا يسألكم أجراً} أي على إبلاغ الرسالة {وهم مهتدون} فيما يدعونكم إليه عن عبادة اللّه وحده لا شريك له، {وما لي لا أعبد الذي فطرني} أي وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له، {وإليه ترجعون} أي يوم المعاد فيجازيكم على أعمالكم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، {أأتخذ من دونه آلهة}؟ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع {إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون} أي هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه، لا يملكون من الأمر شيئاً، فإن اللّه تعالى لو أرادني بسوء، {فلا كاشف له إلا هو}، وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا ينقذونني مما أنا فيه {إني إذاً لفي ضلال مبين} أي إن اتخذتها آلهة من دون اللّه، وقوله تعالى: {إني آمنت بربكم فاسمعون} قال ابن إسحاق: يقول لقومه {إني آمنت بربكم} الذي كفرتم به {فاسمعون} أي فاسمعوا قولي، ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله {إني آمنت بربكم} أي الذي أرسلكم {فاسمعون} أي فاشهدوا لي بذلك عنده، وقد حكاه ابن جرير فقال: وقال آخرون: بل خاطب بذلك الرسل وقال لهم: اسمعوا قولي لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي، إني آمنت بربكم واتبعتكم، وهذا القول أظهر في المعنى واللّه أعلم، قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس: فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه، ولم يكن له أحد يمنع عنه، وقال قتادة: جعلوا يرجمونه بالحجارة وهو يقول: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، فلم يزالوا به حتى أقعصوه، وهو يقول كذلك، فقتلوه رحمه اللّه.
26 - قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون
- 27 - بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين
تفسير ابن كثير
********************************************
بســم الله الـرحمــن الرحيــم
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ
-13 واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون
- 14 - إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون
- 15 - قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون
- 16 - قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون
- 17 - وما علينا إلا البلاغ المبين
يقول تعالى واضرب يا محمد لقومك الذين كذبوك {مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون}. قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس وكعب الأحبار: إنها مدينة انطاكية، وكان بها ملك يقال له (انطيقس) كان يعبد الأصنام، فبعث اللّه تعالى إليه ثلاثة من الرسل وهم (صادق) و (صدوق) و (شلوم) فكذبهم.
وقوله تعالى: {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما} أي بادروهما بالكتذيب، {فعززنا بثالث} أي قويناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث (قال ابن جريج: كان اسم الرسولين (شمعون) و (يوحنا) واسم الثالث (بولص) والقرية انطاكية، وقال ابن كثير: وزعم قتادة أنهم كانوا رسل المسيح عليه السلام إلى أهل انطاكية)، {فقالوا} أي لأهل تلك القرية {إنا إليكم مرسلون} أي من ربكم الذي خلقكم يأمركم بعبادته وحده لا شريك له، {قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا} أي فكيف أوحي إليكم وأنتم بشر ونحن بشر! فلم لا أوحي إلينا مثلكم؟ ولو كنتم رسلاً لكنتم ملائمة، وهذه شبهة كثير من الأمم المكذبة، كما أخبر اللّه تعالى عنهم {ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا}! أي استعجبوا من ذلك وأنكروه، كما قال تعالى: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث اللّه بشراً رسولاً}! ولهذا قال هؤلاء: {ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون * قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون} أي أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين اللّه يعلم أنا رسله إليكم، ولو كنا كذبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار كقوله تعالى: {قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيداً}، {وما علينا إلا البلاغ المبين} يقولون: إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم، فإذا أطعتم كانت السعادة في الدنيا والآخرة، وإن لم تجيبوا فستعلمون غب ذلك، واللّه أعلم.
18 - قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم
- 19 - قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون
فعند ذلك قال لهم أهل القرية: {إنا تطيرنا بكم} أي لم نر على وجوهكم خيراً في عيشنا، وقال قتادة: يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم، وقال مجاهد: يقولون: لم يدخل مثلكم إلى قرية إلا عذب أهلها {لئن لم تنتهوا لنرجمنكم}، قال قتادة: بالحجارة، وقال مجاهد: بالشتم {وليمسنكم منا عذاب أليم} أي عقوبة شديدة، فقالت لهم رسلهم: {طائركم معكم} أي مردود عليكم، كقوله تعالى في قوم فرعون: {وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند اللّه}، وقال قوم صالح: {اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه}، وقال قتادة ووهب بن منبه: أي أعمالكم معكم، وقوله تعالى: {أئن ذكّرتم بل أنتم قوم مسرفون} أي من أجل هذا أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد اللّه وإخلاص العبادة له، قابلتمونا بهذا الكلام وتوعدتمونا وتهددتمونا، {بل أنتم قوم مسرفون}، وقال قتادة: أي إن ذكرناكم باللّه تطيرتم منا بل أنتم قوم مسرفون.
20 - وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين
- 21 - اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون
- 22 - وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون
- 23 - أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون
- 24 - إني إذا لفي ضلال مبين
- 25 - إني آمنت بربكم فاسمعون
قال وهب بن منبه: إن أهل القرية هموا بقتل رسلهم، فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى لينصرهم من قومه، قالوا: وهو (حبيب) وكان يعمل الحرير وهو الحباك، وكان رجلاً سقيماً قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة يتصدق بنصف كسبه مستقيم الفطرة (ذكره ابن إسحاق عن كعب الأحبار ووهب بن منبه)، وقال ابن عباس: اسم صاحب يس (حبيب النجار) فقتله قومه، وقال السدي: كان قصاراً، وقال قتادة: كان يتعبد في غار هناك، {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم {اتبعوا من لا يسألكم أجراً} أي على إبلاغ الرسالة {وهم مهتدون} فيما يدعونكم إليه عن عبادة اللّه وحده لا شريك له، {وما لي لا أعبد الذي فطرني} أي وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له، {وإليه ترجعون} أي يوم المعاد فيجازيكم على أعمالكم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، {أأتخذ من دونه آلهة}؟ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع {إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون} أي هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه، لا يملكون من الأمر شيئاً، فإن اللّه تعالى لو أرادني بسوء، {فلا كاشف له إلا هو}، وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا ينقذونني مما أنا فيه {إني إذاً لفي ضلال مبين} أي إن اتخذتها آلهة من دون اللّه، وقوله تعالى: {إني آمنت بربكم فاسمعون} قال ابن إسحاق: يقول لقومه {إني آمنت بربكم} الذي كفرتم به {فاسمعون} أي فاسمعوا قولي، ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله {إني آمنت بربكم} أي الذي أرسلكم {فاسمعون} أي فاشهدوا لي بذلك عنده، وقد حكاه ابن جرير فقال: وقال آخرون: بل خاطب بذلك الرسل وقال لهم: اسمعوا قولي لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي، إني آمنت بربكم واتبعتكم، وهذا القول أظهر في المعنى واللّه أعلم، قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس: فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه، ولم يكن له أحد يمنع عنه، وقال قتادة: جعلوا يرجمونه بالحجارة وهو يقول: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، فلم يزالوا به حتى أقعصوه، وهو يقول كذلك، فقتلوه رحمه اللّه.
26 - قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون
- 27 - بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين
تفسير ابن كثير
********************************************