حوار بين الصفر و الاعداد التسعة رائع لا يفوتكم
[size=21]
الأعداد التسعة: اننا نجالسك تلطفاً وتفضلاً لأنك لست من
جنسنا.
الصفر: إذا لم أكن من جنسكم حقاً فإنني قطب الرحا لكم
مني ابتدأتم وحولي تدورون وبي تتطورون.
الأعداد : لو صح أطلاق اسم العدد عليك فأنت لاقيمة لك لأنك
صفر وقد كان البابليون القدامي يضعون مكانك بين الأعداد
فراغاً ولايرسمون لك شكلاً لأن حقيقتك هي الفراغ.
الصفر: كيف لاتكون لي قيمة وأنا ذلك السر المجهول المطلوب
الذي كانت الخليقة منذ بدء حضارتها تبحث عنه ولذلك كان
البابليون يعبرون عنه بالفراغ لأنهم كانوا يجهلونه
ولو لم تكن لي قيمة لما كنتم تبحثون عن الفوز بالوقوف
على شمالي أو المشي خلفي لتنالوا الحظوة وتخرجوا عن
وجوداتكم المحدودة وكل من مشى أمامي ازدراه الناس
ولم يقيموا له وزناً.
الأعداد : لاتنس ياصفر أنك لو كنت على شمالنا لما كانت لك
قيمة اطلاقاً.
الصفر : فهل تزيد قيمتكم شيئاً إذا كنت كذلك؟
الأعداد : كلا.
الصفر : حسناً هذا دليل واضح على أن قيمتكم لاتكون إلا
بي وإن وجودكم حيث يكون موقعه مني لايزيدني
ولاينقصني فأنا صفر حيث أكون منكم,ولكنكم تبحثون
عن موقعكم في شمالي لتنالوا ما تشتهون من الرفعة.
الأعداد: لكن الناس لاتنظر اليك بل تنظر الينا لأننا إذا لم نكن
موجودين معك فأنت صفر وإن امتدت سلسلتك الى مالا نهاية.
الصفر: أنا لاأعيش لنفسي وذاتي وإن افضل محاسني أنني
أعيش لسواي ولاسعادة لي في الوجود الا مع الآخرين وفي
خدمتهم وأنا أردد دائماً قول الشاعر:
ولو اني حبيت الخلد فردا
لما احببت في الخلد انفرادا
ولا هطلت علي ولابأرضي
سحائب ليس تنتظم البلادا
الاعداد : اذن أنت تعترف أنك (لاشيء) بدوننا ولا دور
لك بلا وجودنا.
الصفر: إذا كان دوري بأن أكون بسيطاً متواضعاً وبلا
عناوين رنانة ومواقع فتانة,كما هو حالي عندما أكون
نقاطاً على الحروف ولم يكن همي إلا خدمة الآخرين انطلاقاً
من بساطتي وهدوئي وبلا ضجيج أو صخب,إذا كان ذلك
يعتبر عندكم (لاشيء) فذلك نابع من نظرتكم المعكوسة
الى الأشياء وتقييمكم المقلوب للأمور واقتصاركم بسبب
الموازين الخاطئة على الظواهر والقشور دون الفحص عن
الحقائق والخلفيات المحركة.
الأعداد : لاتنس ياصفر أنك حتى عندما يجعلونك نقطة
ويضعونك مع الحروف لايغيرون من حقائقها شيئاً لأنك
معها شيء شكلي لاجوهري وقد كانت الحروف تكتب
بلا حاجة اليك قبل ان ينقطها الخليل ابن احمد الفراهيدي.
الصفر: لقد كنت كنزاً دفيناً ثم اكتشفني الخليل حالي حال
النواميس الكونية التي تم اكتشافها بعد آلاف السنين من
مسيرة العناء البشري واستطيع أن أقول
أن اكتشافي من قبل الخليل هو مثل اكتشاف اديسون للمصباح
الكهربائي.وها أنتم ترون أنني حينما لااكون تاجاً على رؤوس
الحروف أو عرشاً تتربع عليه تفقد هويتها وشخصيتها
ونورها الذي يهتدي به قراؤها الى معانيها.
الأعداد: هل تستطيع أن تذكر لنا موارد تكون فيها بدوننا
شيئاً ذا بال؟.
الصفر: عجباً لكم كيف نسيتم أن أهم اختراعات الدنيا
(الاتصالات السريعة) لايمكنها اطلاقاً أن تستغني عن
وجودي,فالناس في أرقام هواتفهم يحتاجون الي وإن
لم اكن فلا يمكنهم الاتصال لاسيما بين المحافظات حيث
أطير بهم اليها بجناح واحد,أو بين الدول حيث أطير بهم
اليها بجناحين؟.
الاعداد : ثم ماذا؟
الصفر: هل نسيتم مايسمى ساعة الصفر حيث عندما لاأكون
لاتكون أهم مخاضات الدنيا في حروبها وانقلاباتها؟
الأعداد : إذن أنت وسيلة دمار وأنت شبيه عطر منشم
المشؤوم.
الصفر: أنا عبارة عن قوة هائلة كامنة كمون الطاقة في
الهباءة (الذرة) ولاذنب لها بقوتها,بل بالأشرار الذين
يسيئون الاستفادة منها للعدوان,وأنا أسوة لكل طاقة
نافعة يستغلها الطامعون لأغراضهم.
الأعداد: إذن أنت أحمق ومغفل.
الصفر: إذا كانت نواميس الدنيا وطاقات الخير التي تستغل
من قبل الاشرار لشرورهم حمقاء مغفلة فأنا كذلك.
الأعداد : ثم ماذا؟
الصفر: أرجو أن لايغيب عن بالكم دوري في انطلاق المركبات
الفضائية التي لاتنطلق حتى يرن اسمي في سمعها لتنبعث
كالمارد الى أهدافها وتدور في أفلاكي الفسيحة
خارج اطاركم الدنيوي المحدود الصاخب بالاعداد حيث كل
شيء هناك عبارة عن صفر صامت الزمان في انعدام
التوقيت والمكان في انعدام الجاذبية.
الاعداد: هل تعلم أن الناس يهربون منك إلينا فالفقير المعدم
والطالب الممتحن لايريدان مرآك,والوحيد المستوحش
لا يحب لقياك والناس تكره الموت بسببك لأنها بك تخرج
من الدنيا وهي لاترغب أن تكون كذلك.
الصفر: الفقير لايهرب مني بل هو يبحث عني ليضيفني
الى أي واحد منكم ومهما أكثر مني كان أفضل حالاً
وإن أهل المليارات إنما صاروا كذلك لكثرة مالديهم
من نياشيني والطالب يتمنى ان يحصل على وسامين مني
امام اقربكم الي وهو الواحد وانا الوحيد والوحيد المستوحش
الذي صددتم عنه لم يبق له سواي يلهمه الشاعرية وقوة الامل
والناس يكرهون الموت بسبب وجودكم في أيديهم لأنهم لو
كانوا معي في القناعة والبساطة لما كرهوا فراق الديار وهم
لو كانوا صالحين لانطلقوا من نقطتي الى الذ شيء في
نعيمهم الآخروي وهو الخلود الأبدي الذي هو عبارة عن
صفر مطلق في الزمان والاحزان حيث لاوجود لشيء اسمه
أيام وآلام.
اتمنى ان ينال اعجابكم الموضوع
و لاتنسوني بردودكم الجميلة