لأول مرة في حياتي أشعر بقيود الشهرة.. وفكرت في التنكر
.
ذهبت إلي التحرير دون أن أخبر أحدا حتى زوجتي.
مجند طلب مني البطاقة.. وخرجت في حراسة الجيش.
شقيق شهيد المنصورة طالبني بالبقاء.. ورجل مسن قال لي:" أبوس أيدك أمشي".
في صلاة الجمعة..الإخوة الأقباط منحوني شرف مشاهدة أروع لقطة في حياتي .
في
حواره لمجلة الأهلي أجراه الزميل علاء عزت كشف محمد أبو تريكة نجم المنتخب
الوطني والنادي الأهلي عن تفاصيل مشاركته في ثورة الشباب في ميدان التحرير
لمدة 35 دقيقة وأسباب تأخره في المشاركة وكان وجوده لأول مرة في الميدان
يوم جمعة تنحي الرئيس مبارك
".
.
جاء في الحوار الذي نشرته المجلة في عددها الأخير :ــ
قبل
ساعات قليلة من إعلان الرئيس مبارك تنحيه عن السلطة ، كان موقف أبوتريكة
من مظاهرات الشباب والتي تحولت إلي ثورة شعبية يمثل علامة استفهام كبيرة
أمام كل المصريين ، خاصة بعد أن التزم الصمت.
والحقيقة
التي لا يعلمها الكثيرين أن أبوتريكة لم يكن سلبيا في التعامل مع الأحداث
كما ظن وردد البعض ، وهناك من تعمد مهاجمته ونقد صمته لأنه رفض إجراء
مداخلات هاتفية مع القنوات الفضائية ، أو تصريحاته صحفية ، والمقربون فقط
منه ، ومن بينهم عدد من زملائه في فريق الأهلي ،كانوا يعرفون انه كان من
اشد مؤيدي الثورة منذ اندلاع شرارتها الأولي ، إلا انه تراجع عن إعلان
تدعيمه وتأييده للثورة في بدايتها بعد أن رأى الكثيرين يهرولون لركوب
الموجة ، وخشي أن يعلن تأييده حتى لا يدخل في زمرتهم ..
ولكن ..
تبقي هناك أسئلة تفرض نفسها.. أسئلة فضلنا أن نطرحها علي أبوتريكة نفسه في
أول حوار ، وربما الأخير ، الذي سيتحدث فيه أمير القلوب عن ثورة الشباب ،
وثورة الشعب ، ثورة 25 يناير ، ومن جانبه هو تكفل بنقل كل المشاهد التي
رصدها بالصوت والصورة ، مشاهد جعلته يدلي باعترافات خطيرة في حواره لـ
"مجلة الأهلي" .
* كابتن أبوتريكة .. لماذا
تأخرت في إعلان تأييدك للثورة.. فالبعض يرى أنك نزلت لميدان التحرير بعد
أن علمت أن الثورة نجحت، فأردت أن تكسب جولة بظهورك في المشهد الأخير.. ما
تعليقك ؟
** في البداية اعترف أنني تأخرت، ولكن تأخري لم
يكن معناها أنني تأخرت في إعلان تأييدي للثورة، وتأخيري كان سببه الكثير
من الأشياء، لم يعد هناك مجال للحديث عنها.. كل المقربين مني ، كانوا علي
علم بأنني كنت مع الثورة من اندلاع شرارتها الأولي
*
هل تعرضت لضغوط من جهات عليا، أو تلقيت تعليمات للنزول للميدان من اجل
إقناع المتظاهرين بالرحيل من الميدان بعد أن استجاب مبارك لعدد من مطالبهم
؟
** لو كان هذا صحيحا ، لتواجدت في ميدان التحرير في وقت
سابق ، وقبل أن تتحول المظاهرات إلي ثورة ، ولكنت ظهرت داعما للنظام في أي
مناسبة ومن خلال أي وسيلة .. كل ما تردد غير صحيح على الإطلاق ، والبعض
استغل صمتي ليوجه اتهاماته إلي حيث يشاء .
• * ما دمت كنت مؤيدا للثورة ، لماذا ذهبت للميدان في اليوم الأخير من الثورة وهو يوم الجمعة الماضي ، ولم تواصل صمتك حتى النهاية ؟
** كنت عقدت العزم علي الصمت حتى النهاية.. ولكن عندما عادت الأزمة إلي نقطة الصفر، قررت أن اكسر حاجز الصمت.. ونزلت وشاركت
* ماذا تقصد بنقطة الصفر؟
**
عندما القي الرئيس مبارك بخطابه الثالث مساء الخميس الماضي شعرت بصدمة
حقيقية، ورفضته مثل الملايين من الشعب، وقتها قررت أن أتخلي عن صمتي، خاصة
وان هذا الخطاب أعاد الأزمة إلي نقطة الصفر من جديد، من خلال تأكيد الرئيس
علي بقائه..
* ومتى اتخذت قرارك بالنزول لميدان التحرير ؟
**
عقب انتهاء الخطاب الصادم مباشرة .. وعندما شاهدت رد فعل الملايين وإصرار
الثوار علي البقاء في الميدان حتى تلبية كل مطالب الشعب .. واعترف لكم
أنني كثيرا ما كنت أفكر، ونويت علي النزول والمشاركة في الثورة متنكرا،
ولأول مرة في حياتي اشعر أن الشهرة قيد حقيقي علي
*
وهل استشرت أحد من الأهل أو الأصدقاء.. خاصة وان الثوار والمتظاهرين رفضوا
بينهم عدد من الرموز والشخصيات العامة بينهم ، ومن بينهم عدد قادة سياسيين
ونجوم الفن والغناء ، والرياضة أيضا ؟
** لا .. لم استشر أحدا ..ولم أصطحب معي أحد وأذيع لكم سرا أن زوجتي لم تعلم بأمر نزولي لميدان التحرير ، إلا بعد عودتي.
*
كنت محظوظا بأن ظهورك الأول تزامن مع اليوم الأخير في ملحمة الثورة، أرو
لنا عدد من المشاهد والمشاعر التي رصدتها وعشتها وأحسست بها وأنت مع
الثوار في قلب الميدان ؟
**
لقد توجهت بسيارتي إلي حيث مقر النادي الأهلي بالجزيرة ، ووضعت سيارتي في
جراج الأوبرا ، وفضلت أن اقطع المسافة بين مقر النادي الأهلي وميدان
التحرير ، من خلال كوبري " قصر النيل " سيرا علي الأقدام ، وكنت أحاول قدر
الإمكان إخفاء وجهي حتى أتمكن من الوصول سريعا للميدان واللحاق بخطبة
الجمعة.
وتابع
أبوتريكة مبتسما : " عندما وصلت إلي الميدان ، تعرضت لموقف طريف للغاية
وأنا أقف أمام احد الحواجز ، حيث طلب مني احد جنود الجيش إبراز بطاقتي
الشخصية حتى يتفحصها ويتأكد من هويتي قبل أن يسمح لي بالدخول ،واكتشفت
أنني نسيت بطاقتي في السيارة ، وقبل أن أقدم نفسي للمجند فوجئت بعدد من
الشباب يصرخون وهو يهرولون نحوي .
* علمنا انك كنت ترتدي جاكتا اسود اللون .. لماذا ؟
**
لم يكن نوع من التنكر .. لقد علمت من الفضائيات انه بعد صلاة الجمعة سيؤدي
الملايين من المتظاهرين صلاة رمزية علي روح شهداء الثورة ، وكنت حريصا علي
المشاركة في هذه الصلاة ، وارتديت الجاكت الأسود لأنه في عرفنا وتقاليدنا
بات رمزا للحزن والحداد.
* هل كنت فعلا حريصا علي أن تدخل الميدان حاملا لعلم مصر ؟
** لا .. لقد فوجئت لحظة دخولي بشاب يبيع الأعلام ، وقدم لي علما ، وقال لي " ده هدية يا كابتن ".
* صف لنا مشاعرك وأنت في قلب الميدان وتقف بجوار الثوار الأبطال ؟
**
شعرت بلحظة لا يمكنني أن أصفها ، كل ما يمكنني أن أقوله إننى شعرت أنني
أقوم بعمل عظيم ، ربما، بل أكيد هو أعظم عمل شاركت فيه في حياتي ، وهناك
شعرت بأنني صغيرا للغاية أمام عمالقة من الشباب كانوا يقومون بعمل بطولي
خارق ، أنا شاركت معهم فقط من خلال صلاة الجمعة ، وهم واجهوا الموت طوال
أيام طويلة ، رابطوا في الميدان علي قلب رجل واحد ، وتحدوا كل الأخطار
والمصاعب ، هل هناك اخطر ولا أصعب من مواجهة الموت كل لحظة من اجل مصلحة
الوطن؟!!
* بصراحة .. إلا كنت تخشي من رد فعل الثوار تجاهك بعد تأخرك ؟
**
لا .. إطلاقا.. نعم هناك من عاتبني، ولكنه كان عتاب الأحباب، وتقبلته بصدر
رحب، وكان معهم كل الحق.. وبنفس القدر تقبلت تعليقات رافضة من البعض علي
عدد من المواقع الرياضية.. هذه نقطة لا تستحق أن نتوقف أمامها طويلا.
هل حرصت علي الحديث مع الثوار ؟ *
**
لا .. الظروف لم تسمح لأنني وجدت نفسي بمجرد انتهاء صلاة الجمعة فوق
الأعناق ، والشباب يهتفون باسم مصر وباسمي ، التف حولي الآلاف ، وهو ما
دفع رجال الجيش للتدخل لتأميني ، حتى أننى سمعت رجل عجوز ينظر إليها وهو
يصرخ " أبوس أيدك امشي يا أبوتريكة " .. كان يخشي عليَ من الاختناق أو
التعرض لإصابة بفعل اندفاع الثوار نحوي.
* ما هي الكلمات التي سمعتها وهزتك بقوة ؟
**
كثيرة هي الكلمات والهتافات التي هزتني، وكثيرا ما تمالكت دموعي، وأكثر ما
هزني أن احد الأطفال امسك بيدي بقوة، وطالبني بالبقاء، وقال لي " ورحمة
اخويا شهيد الثورة.. خليك معانا شويه " .. وعلمت أنه الأخ الأصغر لشهيد
الثورة من أبناء المنصورة.
* وما هي اللقطة التي شاهدتها في ميدان " الثورة والتحرير والشهداء " ومازالت عالقة في أذهانك حتى الآن ؟
*عشرات
بل مئات المشاهد التي ستبقي خالدة في قلبي ومحفورة في عقلي ، ولكن هناك
مشهد اعتبره الأعظم في حياتي ، عندما كنا نؤدي صلاة الجمعة ، وكنا مئات
الألوف ، بل ملايين ، كان من الصعب أن نسمع صوت الإمام ، وعندما كان
الإمام يركع أو يسجد كنت اسمع بوضوح ما يطالبنا بالركوع والسجود ، وبعد
الصلاة اكتشفت أن من كانوا ينقلون صوت الإمام إلي المصلين هم إخوة من
الأقباط .. ياله من مشهد رائع .. ولا يمكنني أن اعبر عنه أو أصفه بكلمات..
واشكر الإخوة الأقباط أنهم منحوني شرف مشاهده أجمل لقطة في حياتي.
* هل تعلم أن الثوار أطلقوا اسمك علي أحد المخيمات التي كانوا ينامون فيها داخل ميدان التحرير ؟
** لا أعلم .. الكلام ده بجد؟
وهل تعلم أيضا أن هناك من نفي قيامك بالتواجد في ميدان التحرير ؟*
** ضحك أبوتريكة ، وقال : " الكلام ده برضه بجد ؟!!
.
ذهبت إلي التحرير دون أن أخبر أحدا حتى زوجتي.
مجند طلب مني البطاقة.. وخرجت في حراسة الجيش.
شقيق شهيد المنصورة طالبني بالبقاء.. ورجل مسن قال لي:" أبوس أيدك أمشي".
في صلاة الجمعة..الإخوة الأقباط منحوني شرف مشاهدة أروع لقطة في حياتي .
في
حواره لمجلة الأهلي أجراه الزميل علاء عزت كشف محمد أبو تريكة نجم المنتخب
الوطني والنادي الأهلي عن تفاصيل مشاركته في ثورة الشباب في ميدان التحرير
لمدة 35 دقيقة وأسباب تأخره في المشاركة وكان وجوده لأول مرة في الميدان
يوم جمعة تنحي الرئيس مبارك
".
.
جاء في الحوار الذي نشرته المجلة في عددها الأخير :ــ
قبل
ساعات قليلة من إعلان الرئيس مبارك تنحيه عن السلطة ، كان موقف أبوتريكة
من مظاهرات الشباب والتي تحولت إلي ثورة شعبية يمثل علامة استفهام كبيرة
أمام كل المصريين ، خاصة بعد أن التزم الصمت.
والحقيقة
التي لا يعلمها الكثيرين أن أبوتريكة لم يكن سلبيا في التعامل مع الأحداث
كما ظن وردد البعض ، وهناك من تعمد مهاجمته ونقد صمته لأنه رفض إجراء
مداخلات هاتفية مع القنوات الفضائية ، أو تصريحاته صحفية ، والمقربون فقط
منه ، ومن بينهم عدد من زملائه في فريق الأهلي ،كانوا يعرفون انه كان من
اشد مؤيدي الثورة منذ اندلاع شرارتها الأولي ، إلا انه تراجع عن إعلان
تدعيمه وتأييده للثورة في بدايتها بعد أن رأى الكثيرين يهرولون لركوب
الموجة ، وخشي أن يعلن تأييده حتى لا يدخل في زمرتهم ..
ولكن ..
تبقي هناك أسئلة تفرض نفسها.. أسئلة فضلنا أن نطرحها علي أبوتريكة نفسه في
أول حوار ، وربما الأخير ، الذي سيتحدث فيه أمير القلوب عن ثورة الشباب ،
وثورة الشعب ، ثورة 25 يناير ، ومن جانبه هو تكفل بنقل كل المشاهد التي
رصدها بالصوت والصورة ، مشاهد جعلته يدلي باعترافات خطيرة في حواره لـ
"مجلة الأهلي" .
* كابتن أبوتريكة .. لماذا
تأخرت في إعلان تأييدك للثورة.. فالبعض يرى أنك نزلت لميدان التحرير بعد
أن علمت أن الثورة نجحت، فأردت أن تكسب جولة بظهورك في المشهد الأخير.. ما
تعليقك ؟
** في البداية اعترف أنني تأخرت، ولكن تأخري لم
يكن معناها أنني تأخرت في إعلان تأييدي للثورة، وتأخيري كان سببه الكثير
من الأشياء، لم يعد هناك مجال للحديث عنها.. كل المقربين مني ، كانوا علي
علم بأنني كنت مع الثورة من اندلاع شرارتها الأولي
*
هل تعرضت لضغوط من جهات عليا، أو تلقيت تعليمات للنزول للميدان من اجل
إقناع المتظاهرين بالرحيل من الميدان بعد أن استجاب مبارك لعدد من مطالبهم
؟
** لو كان هذا صحيحا ، لتواجدت في ميدان التحرير في وقت
سابق ، وقبل أن تتحول المظاهرات إلي ثورة ، ولكنت ظهرت داعما للنظام في أي
مناسبة ومن خلال أي وسيلة .. كل ما تردد غير صحيح على الإطلاق ، والبعض
استغل صمتي ليوجه اتهاماته إلي حيث يشاء .
• * ما دمت كنت مؤيدا للثورة ، لماذا ذهبت للميدان في اليوم الأخير من الثورة وهو يوم الجمعة الماضي ، ولم تواصل صمتك حتى النهاية ؟
** كنت عقدت العزم علي الصمت حتى النهاية.. ولكن عندما عادت الأزمة إلي نقطة الصفر، قررت أن اكسر حاجز الصمت.. ونزلت وشاركت
* ماذا تقصد بنقطة الصفر؟
**
عندما القي الرئيس مبارك بخطابه الثالث مساء الخميس الماضي شعرت بصدمة
حقيقية، ورفضته مثل الملايين من الشعب، وقتها قررت أن أتخلي عن صمتي، خاصة
وان هذا الخطاب أعاد الأزمة إلي نقطة الصفر من جديد، من خلال تأكيد الرئيس
علي بقائه..
* ومتى اتخذت قرارك بالنزول لميدان التحرير ؟
**
عقب انتهاء الخطاب الصادم مباشرة .. وعندما شاهدت رد فعل الملايين وإصرار
الثوار علي البقاء في الميدان حتى تلبية كل مطالب الشعب .. واعترف لكم
أنني كثيرا ما كنت أفكر، ونويت علي النزول والمشاركة في الثورة متنكرا،
ولأول مرة في حياتي اشعر أن الشهرة قيد حقيقي علي
*
وهل استشرت أحد من الأهل أو الأصدقاء.. خاصة وان الثوار والمتظاهرين رفضوا
بينهم عدد من الرموز والشخصيات العامة بينهم ، ومن بينهم عدد قادة سياسيين
ونجوم الفن والغناء ، والرياضة أيضا ؟
** لا .. لم استشر أحدا ..ولم أصطحب معي أحد وأذيع لكم سرا أن زوجتي لم تعلم بأمر نزولي لميدان التحرير ، إلا بعد عودتي.
*
كنت محظوظا بأن ظهورك الأول تزامن مع اليوم الأخير في ملحمة الثورة، أرو
لنا عدد من المشاهد والمشاعر التي رصدتها وعشتها وأحسست بها وأنت مع
الثوار في قلب الميدان ؟
**
لقد توجهت بسيارتي إلي حيث مقر النادي الأهلي بالجزيرة ، ووضعت سيارتي في
جراج الأوبرا ، وفضلت أن اقطع المسافة بين مقر النادي الأهلي وميدان
التحرير ، من خلال كوبري " قصر النيل " سيرا علي الأقدام ، وكنت أحاول قدر
الإمكان إخفاء وجهي حتى أتمكن من الوصول سريعا للميدان واللحاق بخطبة
الجمعة.
وتابع
أبوتريكة مبتسما : " عندما وصلت إلي الميدان ، تعرضت لموقف طريف للغاية
وأنا أقف أمام احد الحواجز ، حيث طلب مني احد جنود الجيش إبراز بطاقتي
الشخصية حتى يتفحصها ويتأكد من هويتي قبل أن يسمح لي بالدخول ،واكتشفت
أنني نسيت بطاقتي في السيارة ، وقبل أن أقدم نفسي للمجند فوجئت بعدد من
الشباب يصرخون وهو يهرولون نحوي .
* علمنا انك كنت ترتدي جاكتا اسود اللون .. لماذا ؟
**
لم يكن نوع من التنكر .. لقد علمت من الفضائيات انه بعد صلاة الجمعة سيؤدي
الملايين من المتظاهرين صلاة رمزية علي روح شهداء الثورة ، وكنت حريصا علي
المشاركة في هذه الصلاة ، وارتديت الجاكت الأسود لأنه في عرفنا وتقاليدنا
بات رمزا للحزن والحداد.
* هل كنت فعلا حريصا علي أن تدخل الميدان حاملا لعلم مصر ؟
** لا .. لقد فوجئت لحظة دخولي بشاب يبيع الأعلام ، وقدم لي علما ، وقال لي " ده هدية يا كابتن ".
* صف لنا مشاعرك وأنت في قلب الميدان وتقف بجوار الثوار الأبطال ؟
**
شعرت بلحظة لا يمكنني أن أصفها ، كل ما يمكنني أن أقوله إننى شعرت أنني
أقوم بعمل عظيم ، ربما، بل أكيد هو أعظم عمل شاركت فيه في حياتي ، وهناك
شعرت بأنني صغيرا للغاية أمام عمالقة من الشباب كانوا يقومون بعمل بطولي
خارق ، أنا شاركت معهم فقط من خلال صلاة الجمعة ، وهم واجهوا الموت طوال
أيام طويلة ، رابطوا في الميدان علي قلب رجل واحد ، وتحدوا كل الأخطار
والمصاعب ، هل هناك اخطر ولا أصعب من مواجهة الموت كل لحظة من اجل مصلحة
الوطن؟!!
* بصراحة .. إلا كنت تخشي من رد فعل الثوار تجاهك بعد تأخرك ؟
**
لا .. إطلاقا.. نعم هناك من عاتبني، ولكنه كان عتاب الأحباب، وتقبلته بصدر
رحب، وكان معهم كل الحق.. وبنفس القدر تقبلت تعليقات رافضة من البعض علي
عدد من المواقع الرياضية.. هذه نقطة لا تستحق أن نتوقف أمامها طويلا.
هل حرصت علي الحديث مع الثوار ؟ *
**
لا .. الظروف لم تسمح لأنني وجدت نفسي بمجرد انتهاء صلاة الجمعة فوق
الأعناق ، والشباب يهتفون باسم مصر وباسمي ، التف حولي الآلاف ، وهو ما
دفع رجال الجيش للتدخل لتأميني ، حتى أننى سمعت رجل عجوز ينظر إليها وهو
يصرخ " أبوس أيدك امشي يا أبوتريكة " .. كان يخشي عليَ من الاختناق أو
التعرض لإصابة بفعل اندفاع الثوار نحوي.
* ما هي الكلمات التي سمعتها وهزتك بقوة ؟
**
كثيرة هي الكلمات والهتافات التي هزتني، وكثيرا ما تمالكت دموعي، وأكثر ما
هزني أن احد الأطفال امسك بيدي بقوة، وطالبني بالبقاء، وقال لي " ورحمة
اخويا شهيد الثورة.. خليك معانا شويه " .. وعلمت أنه الأخ الأصغر لشهيد
الثورة من أبناء المنصورة.
* وما هي اللقطة التي شاهدتها في ميدان " الثورة والتحرير والشهداء " ومازالت عالقة في أذهانك حتى الآن ؟
*عشرات
بل مئات المشاهد التي ستبقي خالدة في قلبي ومحفورة في عقلي ، ولكن هناك
مشهد اعتبره الأعظم في حياتي ، عندما كنا نؤدي صلاة الجمعة ، وكنا مئات
الألوف ، بل ملايين ، كان من الصعب أن نسمع صوت الإمام ، وعندما كان
الإمام يركع أو يسجد كنت اسمع بوضوح ما يطالبنا بالركوع والسجود ، وبعد
الصلاة اكتشفت أن من كانوا ينقلون صوت الإمام إلي المصلين هم إخوة من
الأقباط .. ياله من مشهد رائع .. ولا يمكنني أن اعبر عنه أو أصفه بكلمات..
واشكر الإخوة الأقباط أنهم منحوني شرف مشاهده أجمل لقطة في حياتي.
* هل تعلم أن الثوار أطلقوا اسمك علي أحد المخيمات التي كانوا ينامون فيها داخل ميدان التحرير ؟
** لا أعلم .. الكلام ده بجد؟
وهل تعلم أيضا أن هناك من نفي قيامك بالتواجد في ميدان التحرير ؟*
** ضحك أبوتريكة ، وقال : " الكلام ده برضه بجد ؟!!