وحده,
قرَّر أن يمارس دور الاستظراف, وأن يمرر إفيهات كارثية من أجل إضحاك
الإخوان, ووحده أيضا قرر أن يتصدر مجالس جماعة الإخوان وندواتهم, وأخذ يصدر
تصريحاته المستفزة, وكأنه سكت دهرا, ونطق جهلا, إنه المحامي الإخواني صبحي
صالح, أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين, الذي يسحب من رصيد الإخوان لدى
المواطن العادي كل يوم, بسبب ما يقوله, بعيدًا عن النخبة والأحزاب أو حتى
الرؤى السياسية. حتى بعدما أسقطت ثورة 25 يناير نظام مبارك, وتحولت جماعة
الإخوان من جماعة "محظورة"
بنص
القانون, إلى جماعة "محظوظة" تمارس أنشطتها السياسية والاجتماعية, على
الملأ, حتى بعدما تخلص الإخوان من إقصاء الحزب الوطني لهم, لكن من الواضح
أن صالح لم يتخلص بعد من عقدة أن يعيش محظورًا, فأخذ يصول ويجول ويصدر بشكل
يومي تصريحًا من نوعية "الأخ الفلوطة", والجماعة لا تعترف بالمسلم
الليبرالي, أو المسلم العلماني, أو المسلم اليساري.
في مقطع فيديو,
تداوله زوار مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مؤخرًا, انتقد القيادي
الإخواني صبحي صالح، عضو لجنة التعديلات الدستورية، زواج الإخواني من غير
الأخوات, ولم يتراجع عن إضافة هي بالفعل مصيبة, حين قال "علشان سيدنا أيوب
هيخطبها.. أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير. متعملهاش دين, لا هي لعبت
معاك بقى, خليك راجل برده قول لي دي تعباني وما بنامش هقولك روح.. لكن
الخيارات الشرعية مقدرة بحديث, إحنا مش هنغير الدين علشان دي قافلة معاك",
واعتبر أن زواج الأخ من غير الأخوات يدخل من قبيل استبدال ما هو أدنى بما
هو خير.
ووصف صالح الأخ الذي يرغب في الزواج من غير الأخوات بقوله "وما
يجيش أخ فلوطة يقول لك في أخت كويسة ومتدينة وبنت ناس بس مش من الأخوات..
بس إن شاء الله هتبقى من الأخوات بمجرد ما أخطبها", مضيفًا "كل هذه الأخطاء
في التربية تؤخر النصر لأنه لا نصر بلا استحقاق.. رب العزة رب قوانين إن
تنصروا الله ينصركم فأنت تنصره على نفسك بهواك وعلى مجتمعك بمخالفته..
وهكذا الفرد والبيت والمجتمع لأن احنا لما نجيب الإخوة نجوزهم بالأخوات
يطلعولنا عيال إخوة بالميراث.. فلما ننطلق بعمل جماعي إحنا بعائلتنا عملنا
مجتمع إخوان فرض نفسه على الدنيا".
في نفس الفيديو, يلخِّص صالح ما يريد
قوله, بمنتهى الوضوح, فيقول "بهذه الأغلبية ومن موالها ننتقل للهدف الرابع
بعد ما عملنا المجتمع نصبح حكومة ندخل البرلمان بـ88 نائبًا نتاج أصوات
الإخوان ومن والهم, فأصبحنا من الفرد نصنع بيتًا ومن البيت نصنع مجتمعًا
ومن مجتمع نصنع حكومة,, واللي جاية إسلامية إن شاء الله رشيدة".
مهلاً يا أستاذ صبحي.. الشيخ وجدي غنيم
type="application/x-shockwave-flash" allowfullscreen="true"
allowScriptAccess="always" width="640"
height="390">
قبل
هذا التصريح الشهير بـ"الأخ فلوطة", بساعات قليلة, أكد صالح في تصريحات
نشرها موقع "اليوم السابع" أن الجماعة لن ترضى بأي مبدأ يبتعد بها عن
الاحتكام للشريعة الإسلامية، لأنها طريق قويم يبتعد عن الأهواء الشخصية،
وأضاف: "نحن كجماعة لا نعترف بمفاهيم مسلم ليبرالي ومسلم علماني ومسلم
يساري، نحن لا نعرف إلا مسلمًا يكفيه دينه عمن سواه من المناهج", وهو ما
جعل الإعلامي عمرو أديب يهاجم صالح في برنامجه "القاهرة اليوم", قائلاً إنه
لو وجدت القوى السياسية مثل هذه التصريحات العنيفة ستنشب عنفًا فكريًّا
بين الفصائل السياسية بسبب تلك التصريحات وسيكون الرد شديدًا, فيما أشار
الإعلامي محمد مصطفى شردي إلى أنه لم يقبل مثل تلك التصريحات والإقصاء الذي
يقوم به الإخوان.
وفي رده, أكد صالح أنه كان يتحدث عن شمولية
المنهج الإسلامي، مضيفًا أن الإسلام أعطى حريات للمسلم تجعله أفضل من أي
اتجاه آخر، موضحًا أن الشريعة الإسلامية لا يجوز للمسلم أن يخرج عنها, لكن
الزميل محمود سعد الدين الصحفي بجريدة اليوم السابع أكد على أنه لا توجد أي
خلافات بينه وبين الأستاذ صبحي صالح، لافتًا إلى أنه التزم بما قاله صالح
من جهة صحفية، وأنه كتب كل ما قاله صالح، ومؤكدًا على أن كل ما كتبه في
جريدة اليوم السابع مسجل بالفيديو.
عمرو أديب يهاجم صبحي صالح
type="application/x-shockwave-flash" allowfullscreen="true"
allowScriptAccess="always" width="640"
height="390">
في
تصريحات أخرى يوجهها صالح إلى شباب الجماعة هذه المرة, وعلى مسامع المصلين
في مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر، في المؤتمر الجماهيري الذي عقدته
الجماعة تحت عنوان "اسمع منا كما تسمع عنا", يتحدث صبحي عما أسماه النسب
الشريف, فيؤكد أن الإخوان بتوع دعوة ربنا وشغالين عنده"، وأنه "متكيف
ومبسوط" بهذا النسب الشريف لأنه يستعلي بشرف الإيمان، ويقول "أنا معايا
كلام الله، وعندما أحاور الآخر معي منهجي القائم على كلام الله لفظًا
ومعنى، إمامي وقدوتي محمد، فماذا عنه؟".
ربما لن ينسى الرجل ما حدث في
مناظرته في قلب الإسكندرية مع الدكتور عمرو حمزاوي, أستاذ العلوم السياسية
بجامعة القاهرة, حينما تحدث بنفس اللهجة المنتفخة, التي تقصي الآخرين وكأن
صبحي وحده معه "كلام الله" وأن الآخرين معهم "كلام الشيطان", فقد قال في
بداية المناظرة, إذا أرادوا فصل الدين عن الدولة لا بد من إلغاء 600 آية من
القرآن الكريم، فالعلماء يؤكدون أن الدنيا موضوع الدين، وأنه نزل لإدارة
شؤونها، مشيرًا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول من شرع وطبق
الديمقراطية ووضع الوثائق السياسية".
وجاء رد حمزاوي عليه, قائلاً: نحن
لا نتحدث عن فصل الدين والدولة، ولكننا نتحدث عن كيفية تنظيم العلاقة بين
الدين والسياسة، مشيرًا إلى وجود خمسة مضامين رئيسية للسياسية، منها:
الدستور المنظم بين المواطنين، والسلطات التي تدير البلاد، ثم الدولة التي
تدير العلاقة بين المواطنين، ثم المواطنين والقوانين، وأخيرًا المؤسسات،
مشيرًا إلى أنه عند تنظيم العلاقة بينهم لا بد من النظر إلى دستور البلاد،
وأن يستلهم المرجعيات الدينية والمرجعيات الأخرى، فهناك مرجعيات تاريخية
وثقافية، فمصر أسمى من ذلك، لافتًا إلى أن القانون يضع الأحكام بما لا
يتعارض مع المرجعيات الدينية, فيصفق الحضور تقديرًا لكلام حمزاوي الذي عاد
ليؤكد مرة أخرى خلال مناظرته موجهًا خطابه لصبحي صالح قائلاً: لقد جئت
اليوم لأناظر فكر الإخوان المسلمين, وليس فكر الدين الإسلامي.
في الأمس
القريب, وحينما كان مرشحًا في انتخابات مجلس الشعب وتم الهجوم عليه من رجال
الحزب الوطني, كانت منظمات حقوق الإنسان توثق وتدين وتشجب وتحيل الصحافة
المحلية والأجنبية إلى ما يحدث في الإسكندرية دفاعًا عن الديمقراطية وحق
الترشح وحق المواطنين في الاختيار.
مناظرة عمرو حمزاوي وصبحي صالح
type="application/x-shockwave-flash" allowfullscreen="true"
allowScriptAccess="always" width="640"
height="390">
من
جانبه انتقد منتصر الزيات, محامي الجماعات الإسلامية, تصريحات الدكتور
صبحي صالح عضو لجنة تعديل الدستور، حول عدم اعتراف الإخوان بمصطلحات "مسلم
ليبرالي" أو "مسلم علماني" أو "مسلم اشتراكي", مؤكدًا أنه على كل شخص
التمسك بحقه في أن يكون إسلاميًّا ويترك للآخرين أن يكونوا إسلاميين أيضًا
بطريقتهم، ضاربًا المثل بأن هناك من يريد أن يكون إسلاميًّا ليبراليًّا
وآخر إسلاميًّا اشتراكيًّا وثالث إسلاميٍّا علمانيًّا, وقال في تصريحات
صحفية, إنه يخشى على صبحي صالح من التغيير بعد عضويته في لجنة تعديل
الدستور.