وسط كل هذا خرج علينا منذ فترة ضيف جديد اطلق عليه شريط «الشات» وهو شريط اسفل أو أعلى أو جانب الشاشة يعرض في تتابع رسائل خاصة يقوم المشاهدون بإرسالها عبر الكمبيوتر ليعرضوا فيها وجهة نظرهم في قضية ما أو فكرة «طقت في راسهم» وربما رسالة لأحد معارفهم.. الى هنا وكل شيء يمكن ان يكون عادياً بل ويمكن ان يكون مفيداً .ولكن فجأة بدأت هذه الرسائل تأخذ شكلاً وطابعاً مختلفاً وغريباً وبمرور الوقت تحولت الى كابوس مخيف يخرج علينا دون اي ذنب اقترفناه بعبارات تخدش الحياء ورسائل غرامية عجيبة المعنى وغريبة الشكل.. ومع مرور الوقت زادت غرابة هذه الرسائل أكثر ووصلت هذه المهزلة الاخلاقية ـ كما صورها الكثيرون ـ ذروتها اثناء الجزء الاخير من مسابقة ستار أكاديمي وبالتحديد حينما انحصرت المسابقة في اختيار احد النجمين «عطية وبشار».
وقتها تحولت الفضائيات الى ساحة شتائم بين أصحاب الجنسيات المختلفة من مشجعي النجمين وأصبحنا نقرأ كل لحظة عبارات الشتم والسب من كل العرب الى كل العرب والسبب اختيار واحد من اثنين سيكون هو نجم ستار أكاديمي وهكذا تحول الامر من فكرة بناءة هدفها ان يقول الشباب ما يجول بخواطرهم وان يخرجوا ما بدواخلهم الى وسيلة جديدة لرفع ضغط المشاهدين وازعاج كل من يحاول ان يربي أولاده على الفضيلة.
«دنيا الناس» تتساءل عن الداعي وراء استمرار هذه الظاهرة.. وهل بالفعل يوافق الشباب على ذلك أم انها وسيلة وحجة اصحاب هذه القنوات؟!.
قلة أدب
«كريم أبوالحمد ـ طالب» أكد علينا أن ينشر رأيه تحت العنوان السابق، ويقول: ليست هذه مطالب شبابية أبدا كما يدعي أصحاب هذه الأفكار فالشباب ليس كله ولا حتى معظمه بهذه السطحية والفراغ الذهني الذي يعانيه كل من يجلس على جهاز الكمبيوتر ليرسل الى «صديقته» جمل الغزل العفيف أو الصريح، في محاولة منه ليريها مقدار حبه لها.. هذا كلام فارغ و«قلة أدب» وحتى إن كان ذلك مطلبا شبابيا كما يدعون فليس من الجائز تلبية مثل هذه المطالب التي لا تفيد بل تضر.
محمد أحمد (56 سنة) مهندس يقول: أنا أب لثلاثة أبناء حاولت أن أربيهم على الآداب الدينية الجليلة والتقاليد الشرقية المحترمة التي تأسسنا عليها ولأنني على يقين أن «الممنوع مرغوب» تعاملت معهم بشكل خاص فقد تركتهم يتعاملون هم مع مثل هذه القنوات وأترك لهم حرية الرفض أو القبول .
ولأن الأساس سليم والحمد لله كثيرا ما كنت أراهم يرفضون أمورا تستحق الرفض ولكن أن يصل الحال الى ما يقرأ على الشاشة من عبارات مبتذلة يرسلها شاب لفتاة أو العكس وبهذه المساحة الغريبة من التحرر فكأن هذا هو ما ينقصنا وكأن الفضائيات لا تكتفي بما أصبح يعرض فيها من عري وابتذال إنني كأب عربي لا يسعني سوى أن أقول لمسئولي الفضائيات.. الرحمة يا ناس.. اتقوا الله فينا وفي أولادنا.
كارثة جديدة
وضمن مسلسل الرفض المطلق لهذه الظاهرة تحدثت الينا سلوى أحمد «موظفة وأم» وقالت: وكأننا ينقصنا مزيد من السخف الذي نتعرض له يوميا لقد أصبحنا نتحرك داخل حلقة من الابتذال نراها كل لحظة أمامنا سواء في فيلم أو مسرحية أو «كليب» غنائي أو غيره.. اللهم إلا من بعض من يحاول الصمود أمام هذا التيار الجارف وهم للأسف الشديد قليلون..
إن مثل هذه الظاهرة لا تشكل سوى كارثة أخلاقية جديدة كلنا في غنى عنها بل نحن في أشد الحاجة الى ما نستطيع به أن نقف صفا واحدا أمام الهجوم الغربي المخيف.. فالغريب والمدهش أنه وسط كل هذه الكوارث التي تحيط بنا من كل جانب، نجد شابا يجلس على جهاز الكمبيوتر ويستقطع من وقته وجهده ليرسل الى إحدى الفضائيات رسالة ساذجة لا تدل إلا على فراغ عقله يستخف فيها دمه ويستخف بعقل من يقرأ رسالته التي يداعب فيها جمال صديقته أو يشتم فيها أحد معارفه.. إن كل من يسهل مثل هذه الأمور شريك أساسي فيما نحن فيه من كوارث أخلاقية آخرها هذه الكارثة الجديدة.
أما «عمرو أبوالمكارم» طالب فيقول: بصراحة أنا لا أعرف ماذا أفعل.. هل أقرأ ما يمر أمامي أما أشاهد ما يعرض على الشاشة؟ لقد توصلت مؤخرا الى حل مثالي من وجهة نظري.. لا هذا يستحق ولا ذاك، فما يعرض على الشاشة ليس إلا أفكاراً ساذجة أو كليبات عارية أو مسلسلات سخيفة وما يكتب على الشريط أيضا ليس إلا كلاماً فارغاً أرسله «واحد فاضي» لـ «واحد فاضي» لا يهمني أن أعرف ماذا يريد أن يقول وصدقني لقد استرحت كثيرا بعد أن اتخذت هذا القرار ونفذته بالفعل.
أوافق ولكن..
أما «أحمد عبدالحميد ـ طالب» فله رأي يستحق النشر حيث يقول: من مميزات طريقة تفكير هذا العصر أنه لا يرفض كل شئ رفضا مطلقا أو يقبله قبولا مطلقا ـ إلا في الأمور المحسومة بالطبع سواء كان الحسم دينيا أو أخلاقيا أو اجتماعيا ـ وقياسا على ذلك فإنني لا أرفض فكرة «شات» الفضائيات رفضا مطلقا ولكنني أوافق عليها مع شروط أهمها وجود جهاز رقابي حازم وحاسم ويقظ يوقف فورا أي تجاوزات وكل ما يتنافى مع تعاليم ديننا وتقاليدنا الشرقية الأصيلة ويسمح فقط بمرور ما يشرف قائله ومستقبله ويفيد الآخرين.. هكذا تؤتي الفكرة ثمارها النافعة وتبتعد عن السلبيات التي بسببها يحكم الآخرون على المبدأ كله بالرفض.
رقابة.. بلا رقابة
ناقشنا القضية مع الصحفي عبد السلام لملوم رئيس تحرير إحدى المجلات الشهيرة التي تهتم بكل أخبار الفضائيات وأحد المسئولين عن الإعلام في إحدى القنوات الفضائية فقال: مع كل الأسف أصبحت هذه الظاهرة إحدى السلبيات التي تضاف الى «دنيا الفضائيات» والتي أصبح شرها أكثر من نفعها فبعد أن أصبحت «كليبات» العري منتشرة كالسرطان ولا يمكن ملاحقتها والسيطرة عليها بدأت هذه الظاهرة تأخذ نفس الطريق وهانحن نناقشها ـ مع الأسف ـ كمشكلة جديدة تحتاج الى علاج هذا إن وجد لها علاج أصلا.
واستناداً الى تعامله بشكل متخصص مع هذه القنوات ومعرفته بها، نريد أن نعرف بدقة هل هناك جهاز رقابي على هذه الرسائل أم أن كل ما يرسل الى المحطة يتم نشره في شريط «الشات» فورا؟
يقول: للأسف هناك رقابة ولكنها ليست رقابة بالمعنى المفهوم وليست أبدا على مستوى المسئولية التي يجب أن يتم التعامل بها ومعها في مثل هذه الأمور الخطيرة والحساسة فالمسألة ببساطة هي عامل فني يجلس على جهاز يتم استقبال الرسائل عليه وهو بدوره يرسلها الى الشاشة وهذا الفني يوافق أو لا يوافق على ما يرسل اليه من خلال وجهة نظره الخاصة وهذه مسألة خطيرة فقد يعجب هذا الفني بأشياء لا يجب أن تمر الى الناس .
وقد لا تعجبه رسالة ربما تحمل مضمونا يمكن أن يفيد الآخرين وبالطبع لا يمكننا أن ننسى ما حدث في مشكلة «عطية وبشار» أبطال الدور النهائي في مسابقة «ستار أكاديمي» والتي تحولت الى تراشق بالألفاظ المشينة بين مؤيدي هذا وذاك لدرجة جعلت أي إنسان بداخله ذرة من العروبة يتحسر على ما وصلت اليه أحوال شباب أمتنا والذين تراشقوا بعبارات وشتائم ضد أشقائهم من الشباب العرب لا لشيء سوى أن «عطية» يجب أن يفوز على «بشار» أو أن «بشارا» هو الأجدر بقيادة الفن العربي بدلا من «عطية» حقا.. «العوض على الله» في شباب الأمة.
يشتت الانتباه
ـ سماح منير (مذيعة في القناة الرياضية) تقول: شريط الرسائل القصيرة الذي يظهر على الشاشة في معظم البرامج التي نشاهدها على الفضائية هو أمر سخيف جداً بنظري ومضحك للغاية وهو في حد ذاته يشتت الانتباه بالدرجة الأولى خاصة لو حاول المشاهدون ارسال كلمات وعبارات تخدش الحياء، والفضول يدفع بالكثيرين للقراءة حتى لو لم يرغبوا في متابعته.. وأتوقع ان رسائل S.m.s لو كانت ظاهرة على البرامج الاخبارية التي تتميز بالجدية .
والصرامة لحققت فائدة أكبر كما سيحسن المشاهدون استخدام هذه التقنية الجديدة.. وحالياً أرى ان معظم المراهقين يميلون لمراسلة الفضائيات بهذه الصورة وكتابة كلمات ساذجة وبعض المواعيد الغرامية وما سوى ذلك من أفكار تظهر في رأس هذه الفئة لذلك كله أجد ان الغاءه أمر مطلوب من بعض القنوات الفضائية التي تعتمد عليه اعتماداً كليا عند بث بعض برامجها خاصة تلك المرتبطة بالفن والترفيه والتسلية.
أهداف سلبية
الدكتور علي النميري (اخصائي تجميل) يقول: أنا ضد برنامج ستار اكاديمي وكل ما يعرض فيه هو ضد عاداتنا وتقاليدنا ومجتمعنا الاسلامي والذين يعملون على هذا البرنامج هم مجموعة من البشر ميولهم اجرامية بالدرجة الاولى وهدفهم هو زرع الاباحية ومحاولة تفكيك المجتمع والاسرة المحافظة ويحاول هذا البرنامج استهداف الشباب الذين هم سواعد الامة العربية والاسلامية وتشتيت انتباههم عبر هذه الملذات .
والرسائل الهادفة لتدمير عقولهم وزعزعة الاخلاق الكريمة التي تربوا عليها.. والحمد لله نحن كعقول واعية نرفض كل ما يقدم ويعرض في هذا البرنامج السطحي والذي يهدف لاستمالة الانسان ليعيش لذاته ورغباته وشهواته فقط والقائمون عليه هم أشبه بعصابة مافيا المخدرات ومروجي الافلام الاباحية.
ضرورة فرض رقابة
أحمد الحمادي (مذيع بتلفزيون دبي) يقول: هناك الكثير من الفضائيات تسعى لتحقيق الربح المادي فقط دون التركيز على دورها التوعوي والتثقيفي فتحاول تقديم مضامين ورسائل سطحية نوعاً ما فقط لجذب أنظار المشاهدين ومحاولة تسليتهم بهذه الصورة الهابطة التي يرفضها العقل.. وأنا لا أضع اللوم على المشاهد بل على القائمين على بث مثل هذه البرامج المادية التي تصور للمشاهد بأنها قريبة جداً من عقولهم وتحاول تلبية كل ما يتمنونه بهذه الصورة المباشرة..
والكثير منها تحذو حذو القنوات الغربية التي تعرض برامج بعيدة كل البعد عن عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الاسلامية.. وفي الحقيقة هذه القنوات العربية الفضائية هي ابتلاء ابتليت به هذه الامة وللأسف هناك الكثير من الشباب والمراهقين والاطفال وقعوا ضحايا هذه الفتنة التي تعرض على الشاشات مباشرة واستمروا في متابعة ما يعرض من رسائل S.m.s.
وهو ما يجعلني اتساءل: كيف لنا ان نربي اجيالاً صالحة لبلادنا امام هذه القنوات التي تسعى لهدم القيم والمثل التي نغرسها في نفوس ابنائنا؟ ويضيف: أنا أطالب وبشدة بضرورة فرض رقابة صارمة على هذه الرسائل المباشرة قبل عرضها على شاشة التلفاز لما لها من تأثير كبير على عقول المشاهدين بكافة اعمارهم.
سلاح ذو حدين
مريم الفلاسي «مذيعة» تقول: برأيي اجد ان التكنولوجيا سلاح ذو حدين لو احسنا استخدامها لحققنا الاهداف المرجوة والنجاح الذي نبحث عنه، اما اذا اسأنا الاستخدام فحتماً النتائج ستكون وخيمة ليس على القائمين عليها فقط بل على الجميع ومثل هذه الرسائل الخاصة التي يقوم المشاهدون بارسالها عبر الكمبيوتر ليعرضوا فيها وجهة نظرهم في قضية ما او فكرة معينة هي بحد ذاتها امر ايجابي .
وتسهل على المشاهدين التواصل مع برنامجهم المفضل لكن ليس كل ما يكتبه المشاهدون من الضروري عرضه امام الشاشة فلابد ان تكون هناك عملية رقابة صارمة على هذه الرسائل التي تعرض على هامش الشاشة وكل الرسائل التي تحمل مضامين تخدش الحياء او مواعيد غرامية او حتى اشارات اخرى يجب ان تهمل وتتجاهل من قبل المسئولين القائمين على عرض هذه الرسائل تجنباً لاحراج المشاهدين فليس كل ما يقال يجب ان يعرض امام مرأى ملايين الناس في العالم.
عبدالواحد السيد يقول: أحب المشاركة في مثل هذه البرامج بصفة مستمرة واحاول ابداء ملاحظاتي حول امر ما عبر هذه الطريقة المباشرة واراعي قبل كل شيء ان اكتب كلمات جادة لا تحمل اي مضامين سيئة بحيث لا تعكر صفو المشاهدين وتخدش حياءهم.. فالقضية الأخلاقية لابد ان يحرص عليها المشاهدون حتى تستمر هذه البرامج في تحقيق اهدافها المتمثلة في تسليتهم بشتى الطرق والتواصل معهم بهذه الصورة.
امتنع عنها
احمد محمد «موظف» يقول: الكثير من القنوات تقدم قوالب اعلامية تدمر عقول المشاهدين بشتى الطرق ولو حاولنا مواجهة هذه القنوات والمطالبة بالغاء مثل هذه البرامج الهابطة عن دورتها البرامجية سنجد ان المسئولين والقائمين على هذه القنوات يتحججون ويطلقون عبارات دفاعية عديدة لاستمرار مثل هذه البرامج هابطة المضامين والتي تحاول غرس مفاهيم سيئة عن الحرية .
وغيرها وانا عن نفسي امتنع عن مشاهدة هذه القنوات وارفض اقتناءها بشدة خشية ان يدفعني الفراغ لمتابعتها ومن ثم التمسك بهذه البرامج الترفيهية والدونية والتي توجه لكافة شرائح المجتمع.. وبطبيعة الحال الكثير من الشباب شاهدوا هذه البرامج بل وشاركوا فيها بارسال رسائل الكترونية عبر الشاشة وبعد مضي وقت معين ابتعدوا عنها وايقنوا مخاطر هذه الرسائل خاصة لو ادمنوا على متابعتها وسط العائلة والاصدقاء.
__________________
يبقى الهلالي ذوق في كل الاحوال
ومن مستوى ذوقه تحدد ميولــــه
