تفاهات صاحبة الحجاب
عذرا فإن كلماتي او بعضها خلال الحديث خرج عن المألوف في المنتدى لكنه حدث ويحدث
فاعتذر لعقولكم وعيونكم وقلوبكم
ومن رأى في كلامي سخفا فليقل بكل اريحية
وسأتقبل رأيه
بعينَي رأيتُ، وبأذنَي سمعتُ، فلم أنقل عن احد، قبل أسبوع رأيتُ ذلك وسمعتُه فاستعجبت،واستأت من صاحبة الحجاب، وكم احترمت الحاسرات الكاشفات عن شعورهن.
قديكون ما سأورده هنا غير مقبول دينيا، أو إعلاميا، أو فلسطينيا، وربما أحدغيري يتجنب الدخول في معمعان هذا الموضوع، نظرا لانه سيأتي على طارقه بكثير من الاتهامات التي هو في غنى عنها، أهمها الاتهام بالكفر والطعن فيصفات المؤمنين.
لكنني أمهد لهذا الذي ربما يكون غير مقبول بأن أقول إنني أعي تماما ماأكتب، وأؤكد على مبدأ عدم التعميم، فلا المحجبة تعطي صورة عن جميع المحجبات، ولا حاسرات الرأس يعطين صورة عن جميع كاشفات الشعور، غير أنهتبقى هناك نسبة من المحجبات تمثلها تلكا لمحجبة، ونسبة من الحاسرات تمثلها كاشفات الشعور.
منذ حوالي عام، عمد الإخوة الفلسطينيون الذين يعيشون داخل الأراضي التياحتلتها إسرائيل عام1948 إلى تسيير حافلات أسبوعيا وأحيانا يوميا إلىمدينة الخليل جنوب الضفةالغربية، وذلك لإنعاش اقتصاد المدينة الذي تضعضعبسبب الحصار الخانق، وهذا هدف نبيل يشكر عليه إخوتنا من داخل الخط الأخضر.
معظم هؤلاء القادمين للتسوق في مدينة الخليل نساء، والنساء الفلسطينيات اللواتي يعشن داخل إسرائيل لا يختلف لباسهن عن لباس نساء رام الله أو نابلس، لكنه بالتأكيد يختلف إلى حد ما عن لباس نساء الخليل. فكشف شعر المرأة وذراعيهافي الخليل يكاد يكون نادرا.
مررتُ من أمام نوفوتيه نسائي في أحد شوارع السوق بالخليل، فكانت هناك ثلاث فتيات يتأملن الملابس النسائية المعروضة في واجهة النوفوتيه الأمامية، واضح أنهنمن فلسطينيات عام 1948، فلا يغطين شعورهن وأذرعتهن، وفي اللحظة نفسها التي كنت فيها بمحاذاتهن واجهتني سيدة من قرى الخليل معها فتاة يقرب عمرها من السادسة عشرة يبدو أنها ابنتها، فسمعت السيدة تطلق الشتائم وهي تمشي بصوت مسموع، سمعتها أنا والفتيات الثلاث وبعض المارة، كانت تقول: "الله يخزيكن،شكلكن بقزّز، صايعات بلا أخلاق مش لاقيات حدا يأدبكن".
تجاوزتْنا وهي تشتم، لكن صوتها خفت ولم نعد نسمع جيدا، جاء وجهي بوجوه الفتيات، فوجدتُ الأدب الحق والخلق الرفيع يتقافزان من حمرة الخجل التي ارتسمت على وجوههن، نظرنَ في عيون بعضهن ولم ينبسن ببنت شفة، وهذا دليل آخر على أخلاقهن الرفيعة وحسن تربيتهن،رمقنني بنظرة عتاب، ربما على صمتي،وعُدنَ يتأملن واجهة النوفوتيه.
واصلت مسيري والتففت إلى الشارع المجاور في السوق، هناك مبنى تسوّق على رأس الشارع اسمه"سوق المدينة المنورة"، وعلى الرصيف أمام المبنى والمارة يضع شاب عشريني بسطة لا يبيع عليها إلا ملابس نسائية داخلية، من حيث النوع هي قطعتان فقط ولكن أعدادها كثيرة بألوان وأحجام مختلفة، كانت السيدة وابنتها المحجبتان تقفان عند ذاك الشاب.
وقفتُ بِخُبث عند بائع أحزمة على بسطة مجاورة لأتسمع طبيعة الحوار الدائرما بين سيدة الشتائم وبائع الصدريات، أخذت السيدة تحاوره حول نوع القماش الأفضل لقطعة الصدروالقطعة السفلية والأكثر ملاءمة لحرارة الصيف، والأنسب للسيدة كسيدة ولابنتها كفتاة، وكأنهما تبتاعان ذلك لأول مرة، هو يقنع الأم بأن مقاس الصدرية الأوسع يعطي الصدر راحة أفضل مما لو كان ضيقا، ويُمثّللها ذلك بوضع قبضته داخل تجويف الصدرية ليثبت لها ذلك، ثم يحمل بين يديه قطعة سفلية "يَمْغَطُها"فتتسع ليبرهن للأم أنها قابلة للتمدد بسهولة حسب طبيعة حوضها، والأم تتعاطى معه في الحوار بمنتهى الأريحية على مرأى ومسمعمن جميع المحيطين والمارة، وكأنها تحاورابنتها أو أختها، مع يقيني أنها لاتتحدث مع زوجها مثل ذاك الحديث.
تلك السيدة حاولت أن تفهم المارين أمام النوفوتيه أن الحجاب معلم فاصل بين الشرف والعُهر، ولم يخطر ببالها ان هؤلاء الفتيات الثلاث لا تقبل أخلاقهن أن يقفن بين المارة على الرصيف يحاورن الرجال في مقاسات وألوان وأنواع ملابسهن الداخلية.
فما أغربك يا صاحبة الحجاب! وما أغرب منطقك! وما أكثر تفاهاتك في السوق!