بسم الله أبدأ ...
لأن كل ما كتبه هذا القلم الأبكم قرأتموه ..
آثرت أن أتخذ لي كنّاً هنــــا
وفي هذا الركن الهادئ ..
سأكتب حتى يملني القلم ..
سأكتب حتى أغادركم إلى المنتهى
أبوح أولاً بشيء لا يعرفه أحد ..
فقط هو الليل الذي يعرف سري
.
.
.
قلت ولا زلت أردد متسائلة :
لماذا الليل ؟
لماذا كان الليل للوحشة للهم المقيم ؟
لماذا؟
ولما أجد جواباً حتى اللحظة !
ما أقسى أن يصبح الانسان جرحاً
وما أصعب أن يرتدي آلامه
والأصعب
الحزن الصامت الذي بلا صوت ..
إنه لا بد قاتل !!
والأقسى
الألم الجاف الذي بلا دمع !!!!!
إنه لا بد هالك !!
وحتى يصبح لأحزاني صوت لا يسمعه أحد غيرك
ولألامي دمع لا يعرف طعمه المر غيرك ..
أنتظر الليل
ألتجئ إلى فراشي وأخاطب عيوني :
قفا نبك ِ .................
حين تمتلئ مساحة الهواء بيني وبينك بنسمات حائرة
تفتش عن لحظة بوح ...
وحين تكون بعيداً
تفصلني عنك المسافات
جبال شاهقات ..
شوارع وسيارات
حواجز ....
أتساءل :
أينك أنت ؟
كنت أظنك تقبض على جمر الوفاء مثلي
ظننت أنني سأجدك عندما أحتاج إليك !!
ظننت أنني سأجدك عندما أحتاجك بلسماً لجراحاتي ... عيادة لآهاتي !!
وظننت أكثر وأكثر ..
تباً لظنوني ما أكثرها .. وتباً لها كم كانت في غير محلها !
ظننت أنك ستقول ( لبيك ) عندما أصرخ في عمق الليل ( حبيبي ) !!
ظننت أنك ستكون وعاء لأناتي .. وإناء لحنيني الذي لا ينتهي ساعة أقول ( آه )
ولكن ..
أينك أنت أين يمكن أن تكون ؟
أين
أين
أين ؟؟؟؟؟
بحثت عنك في أشيائي
في رائحة منك علقت بأوراقي
في كلمات محفوظة بذاكرتي
في حقائبي
وفي ..
وفي ..
ولم أجدك ..!!
فأينك أنت ؟
كم كنت أحتاجك صديقاً .. رفيقاً لرحلة حزن شاقة وعرة
ففي كل ظلام كنت أجد صديقاً
ولكن الظلام الذي تلا مهارك له لون القتام ....
آه
إنها الواحدة بعد منتصف الجرح
إنها الواحدة بعد منتصف الجرح
الأرواح شاردة ...والأجسام هامدة
وها هي ساعتي تقترب من الواحدة
وشيئاً فشيئاً يدنو شيء يشبه الحزن .. له مذاق مرّ
يدخل على القلب متخفياً برداء فرح
عندها ..
.
..
...
....
جئتك بعمق ليل بهيم .. أستقصي احتمالات الحنين
وبين الحين والحين أسمع بداخلي شيئاً كأنه أنين ..
لم أجد له تفسيراً
انتظرت
وعلى محطة الذكريات وقفت
والرأس مستعر باشتعال الأفكار
من حبي مظلة صنعت
ومن ذكراك
شكلت سياطاً لسعت بها ألم الأسى
وعجنت من حطام الآه في صدري مسحوق الصبر
طليت به الوجه المضبب بالعذاب
ولا سبيل للصبر
فبكيت
وبكيت
وبكيت حتى تهالكت
ولم تسعفني الدموع
بل لم يعد في أحداقي دموع أستعين بها على ضعفي
ولم يعد في ثنايا الضلوع صبر أتوكأ عليه لمقارعة الغربة
إلى أن صار الصمت عكازتي
فقط .. كلمة واحدة هو ما انتظرت
( حبيبتي )
وانتظرت
وطال انتظاري
.
.
وطال الانتظار واستطال ..
حتى نهش القهر عظامي كنهش الحية للزليق
وبدأت ترتسم على وجهي علامات أشبه بتساقط السقط في نار الحريق
وصارت مشاعري تفصح عن ذاتي
وتهمس لي ... الصبر الصبر
والليل يلقي بظلاله على وجهي المتهالك
وطال الليل .. وتهالكت معه .. ولم يأتيني الرد !!
......
ماذا أفعل ؟
ساءلت قلبي المتفطر شوقاً ولم يجبني على سؤالي
فصار لا بد أن أهندس تصاميم جديدة لحياة مختلفة تغيب فيها عني للأبد
لها طعم يختلف .. لها رائحة كرائحة الحناء تنذر بوداع أخير وبفراق أبدي
ترى ..
هل أبقى على ضفة جمود أعتقل الكلمة ..
أم هل أطلق رصاصة الرحمة على قلب تاه من أجلك
وأقول : سأنساك للأبد ؟ رغم احتراق القلب واشتعال الجوانح
ولكن كيف ؟
كيف أنساك وأحزاني مطر ؟
كيف أغفو ولا تكون أنت عنوان أحلامي ؟
كيف أنسى الحلوة قبل أن أنسى المرة ؟
كيف
كيف
كيف ؟؟؟
حقيقة .. لا أستطيع إنكارها
بتّ أوجس خيفة من فرط أفكاري التي لا ترحمني
وأوشكت أتقيأ القرار
وخواطر غبيـّة راودتني
فقتلت ما تبقى من أمل كنت أكتنـّـه في صدري لوقت الحاجة
وأنا أستحضر القرار
وبقي الحال كما الحال
إلى أن عسعس الفجر
والصباح يحسر الحجاب عن جبهة النهار
وأنا لا زلت أستلقي في قِـدر أفكاري التي تغلي بلا هوادة
هنا ..
ناديت أخرى ..
حبيبي .. هل تسمعني ؟
أناديك.. أناجيك ...
ولكنني بلحظة صحو أحسست أنني لا أستحق أن ترد على صراخي
ولا تلبي ندائي
أتدري لماذا ؟
لأني عصيت الله فيك !!
فالناس في مثل تلك الساعات من الفجر يبتهلون باسم الله وأنا أبتهل باسمك
وأناجيك والناس يناجون رب السموات
وأصلي لعينيك
وأقسم بحبي
وأعتصم بحبك وألتجئ إليك والناس يعتصمون بحبل الله
يا رب ..
يا ملائكة السماء ...
اهبطي على قلبي
واستغفري معي لذنبي
فأنا لا أنظم شعراً .. ولا أبوح نثراً
إنما أقترف ذنباً
وإني لأعترف بذنبي
لا تتعجب .. ولا تستغرب
فهذا الهدير أصلاً موجة حارقة من رمل صحرائك
وإليك ندائي ..
.
حبيبي ..
تعال
أرسل إليّ سـِفر الروح للأعماق
أشتاق عينيك ....! فهل تــُرى أنت تشتاق ؟
وأنا على حرف الألم أنتظر
اتأبــّط روحك ..
أتوسـّد صمتك..
تعال وخـُـذْ جمـرَ آهاتي بصدرك
إصنعْ منها قـُصاصاتٍ بسيف صمتك
وانثرها برفق ٍ على جراحاتي
كن ردائي وأنا عاريـة ٌ من أي دفء إلاّ من حنينك
فأيّ دفء في عظامي .. لا بد آت من لهيبك
تعال ..
جـدّد الحركة َ في رحم ِ السكوت
إسق ِ نداك لنبتة قد تموت
لا تهبط ْ حبيبي من غير سبب إلى قاع النهايات
وأنت لا تدري
غيابــُك عني يجُـرّني قسراً إلى موت الهنيهات
ف...... تعال
حبيبي
تعال ..
وحدك تقرأ صمتي
أنتَ الدرّ في شفتي
أنتَ الربيع في سنتي
تعال ..
أرجمْ حصاتـَك في فمي
أفرغ حنانك في دمي ..
ردَّ روحي وقد توجعت لموطنها ويكفي شتات
فالروح يا روحي تراوح بين جرس الحياة .. وقارعة الوفاة
*******************