للإنسان قيمة
د. مالك الأحمد
حدّثني صاحبي بهذا الموقف سائلاً إياي تحليلي له..
يقول:
كنت في المطار في البرازيل انتظر الطائرة، وقمت من المقعد ونسيت قبعتي ثم
أخذت أتجوّل في المطار.. بعد مدة ليست بالقصيرة مررت بقرب المكان الذي كنت
أجلس فيه، وإذا امرأة كبيرة في السن تلوّح لي.. دقّقت النظر فإذا القبعة
بيدها.. أخذتها منها شاكراً ومقدراً لها شهامتها!!
رددت
عليه قائلاً: ذهبت وزوجتي - وأنا أدرس في بريطانيا – للمستشفى، ورجعت بعد
أكثر من ساعة، فوجدت الممرضة التي تتابع حالة زوجتي بعد الولادة تقف أمام
شقتنا فاستغربت، قالت: جئت قبل ساعة، فوجدت مفتاح شقتكم على الباب، فخشيت
أن أذهب فيأتي أحدهم ويقتحم الشقة؛ لأن المفتاح على الباب... شكرتها
ودعوتها للدخول لإكمال مهمتها ...
قلت وأزيدكم أيضاً:
أحدهم يحدث فيقول: زوجتي وقت الوضع - في بريطانيا - كانت تصرخ من الألم
وتريد شيئاً كي تعضّه، فكانت الممرضة تقدم يدها لها لتعضها، وتخفف عنها
ألم المخاض !!
قيم إنسانية جميلة مازالت موجودة في
الدول الغربية، على الرغم من انحسار أثر الدين. قيم ذات منبع أخلاقي تقدر
الإنسان بصفته الإنسانية، بعيداً عن الدين والعرق والبلد ..
هي
موجودة، بل وأكثر منها بكثير في الإسلام.. الدين الكامل للبشرية. لكن هل
المسلمون يعون ذلك، ويطبقونه، ويعطون الآخرين الأمثلة الإيجابية عنهم وعن
دينهم؟!
يتأثر بعض الشباب الذين درسوا في الغرب من هذه القيم والتعاملات والعدالة التي لايجدونها في بلدانهم؛ فتهتز ثقتهم بدينهم ومجتمعهم ..
بعض
الناس ينظر للغرب نظرة سوداء فاحمة، ولا يرى إلاّ مساوئهم، ويغض النظر عن
الكثير من الإيجابيات لديهم، على الرغم من أن لعمرو بن العاص كلمة جميلة
منذ القدم عن الروم "إن بهم أربع خصال: إنهم أصبر الناس عند فتنة، وأسرعهم
إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة
جميلة أمنعهم من ظلم الملوك". والروم هم الغرب الآن بمصطلحنا المعاصر ..
في أوروبا يُصرف للعاطل حتى يحصل على وظيفة فتُقطع الإعانة..! هل هناك بدل بطالة في البلدان الإسلامية !!
ويُعطى
في بريطانيا لكل مولود مساعدة نقدية شهرية وأيضاً عينية.. أطعمة وملابس
لمن يطلب.. هل يحصل المتزوج -فضلاً عن ذوي الأطفال- عندنا على هذا البدل؟!
دُمّرت
المانيا في الحرب العالمية الثانية، وها هي ذي ثالث أكبر اقتصاد في العالم
.. ومن يزرها الآن يقلْ إنه من المستحيل أن تكون هذه الدولة مرت بحرب قبل
خمسين عاماً!!
يقول أحد المقيمين هناك: إن تضررت سيارتك
بسبب سوء الطريق يحق لك أن تقاضي البلدية وتحصل على تعويض! وإن كانت
الخدمات الصحية دون المستوى أيضاً يحق لك الشكوى وحقك مصون، أما عندنا
فيقولون لك: مات مريضكم قضاء وقدراً، وقد يتأسفون وقد يحمّلون المريض
المسؤولية؛ لأن الإنسان عندنا ليس له قيمة!