[size=29]أرض النفاق
(مع الإعتذار ليوسف السباعى)
قبل بداية الحديث دعونى اذكر موقفا قديما للرئيس الرااحل السادات فى عيد العلم وتلك المناسبات التى اعتاد السادات الاحتفال بها كعيد العلم وما الى ذلك ..
فى ذلك الحفل الذى اعتاد الرئيس السابق ان يحضره ليكرم فيه اساتذته القدماء فى المدرسة كان الرئيس يحب هذه المواقف لما فيها من مسحة درامية تذكرك بسينما الميلودراما التى تعتمد على استدرار عواطف المشاهد دون ابعاد حقيقية.. المهم كان الرئيس يكرم المدرس العجوز الذى شرب عصور النفاق جميعها من أيام مولانا الوالى نهض الرجل ليقول بالحرف الواحد:-
"يقول الله تعالى فى كتابه الكريم :- "إن فى خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب" ولكنى أقول "ان فى خلق السادات ........" ولن اكمل ما قاله الرجل هنا على اى حال.
تدهشك هذه الدرجة المرعبة من النفاق التى نعيش فيها وكان هذا الرجل يحيا فيها .. الغريب ان الرئيس لم يعترض..
وكان عصر السادات دائما مهرجانا للمزايدة على النفاق والطريف أن دخان هذا الناق انقشع عن جثة الرئيس الملقاة بين المقاعد ولم يلتفت أحد اليها .. ولاأطرف من ذلك أن كاتبا صحفيا ظهر بعد يومين فى جريدة الأهرام لينتقد حكم السادات ويوالى الرئيس الجديد.
يذكرنى هذا النفاق بموقف الشاعر الاندلسى (ابن هانى) الذى مدح الخليفة الفاطمى المعز لدين الله قائلا:-
ماشئت لا ما شاءت الأقدار
فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنما أنت النبى محمد
وكأنما أنصارك الأنصار
هل ترى الشرك الصريح فى البيت الأول؟ هذا هو ما فعله الاستاذ العظيم عندما كرمه السادات بالظبط.
المهم,..
نجد المزايدة تزداد مع الشاعر الكبير ابن الرومى الذى مدح الامير (أحمد بن المعتصم) قائلا:-
إقدام عمرو فى سماحة حاتم
فى حلم أحنف فى ذكاء إياس
وهنا يرد عليه رجل بلغت به (جلالة) النفاق الى حدود أبعد هو ابو يوسف يعقوب الكندى الذى يقول فى قرف:-
(الامير فوق من ذكرت يا بن الرومى)
هنا يستغل بن الرومى موهبته الرهيبة فيرد قائلا:-
لا تنكروا ضربى له من دونه
مثلا شرودى فى الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره
مثلا من المشكاة والنبراس
الطريف هنا ايضا ان هذه القصة لا ترد فى اى مرجع دليلا على النفاق والكفر بل دليلا على براعة الشاعر وحسن تصرفه وهذا يدلك على مدى ارتفاع مستوى التعليم عندنا.
على العكس تماما وأرجو أن تفسحوا لى صدوركم ولا داعى للهمس بأننى من هؤلاء الذين ( تأمركوا ) وأذهبت أمريكا عقولهم دعونا نتوقف عند نقاط اخرى على نفس المستوى ولكن من دول متفرقة:-
فى حفل توزيع جوائز الأوسكار عندما حصل المخرج (مايكل مور) على جائزة احسن مخرج على فيلم (الحادى عشر من سبتمبر) يلقى المخرج كلمته فيقول لجورج بوش:-
(نحن نعيش فى عالم زائف.. لقد انتخبنا رئيسا تافها قادنا لحرب زائفة لا أمل لنا فى الخروج منها .. عار عليه.. عار عليك يا بوش والطريف أن المخرج قدم كتابا عن هذا المفهوم وهو كتاب (رجال بيض أغبياء)
والغريب أن النفقاق قد يتخذ أشكالا اكثر تعقيدا من ذلك بكثير .. يمكنك أن ترى اذا ما فكرت أن (تخطف رجلك) الى الجيزة لترى هناك فى الشوارع أن حتى الناس العاديون تعلموا ذلك بالفطرة عندما ترى صورة الرئيس مبارك معلقة على بلكونة وفى الجانب الآخر من البلكونة ترى صورة جمال مبارك فى نفاق غريب من نوعه فلا أتصور مثلا أن تصل بى درجة العشق-بفرض أنهم صادقون- الى أن أعلق صورة الرئيس مبارك هكذا على بلكونة بيتى.. أو فلنقل هنا أن للناس فيما يعشقون مذاهب.. اليس كذلك؟
أذكر هنا ايضا موضوع الفتاة الطالبة التى كتبت موضوع تعبير عن الرئيس مبارك وقالت يجب على الرئيس مبارك أن يعامل الناس بطريقة أفضل قامت الدنيا وقتها ولم تقعد وقالوا أن الفتاة على علاقة بتنظيم القاعدة والله العظيم قالوا أن الفتاة – فى الصف الخامس الابتدائى- على علاقة مباشرة بأسامة بن لادن.. تصور هذا.. المهم بعد أن ضحك الرئيس مبارك من كلام الطالبة وقال أن من حقها ان تعبر عن رأيها بصراحة تحول كلاب النفاق وقتها الى النقيض تماما وقالوا أن عفو الرئيس قد شمل الطفلة التى رأت عين الرئيس الثاقبة فيها الأمل والبراءة وكان الرئيس على حق..
والله يا عم حاجة تجنن..
حتى على المستوى السياسى تجد أنه ازاء حرب الولايات المتحدة الظالمة على العراق كلما ظهر بوش بوجهه الشبيه بالقرد ترى الأخ تونى بلير واقفا خلفه بوجهه المقيت راسما على ملامحه الاهتمام وكأن كلام الحمار بوش هو الحكمة مقطرة وحين بدا أن الحرب على العراق خاسرة انسحبت القوات الانجليزية وبقيت القوات الامريكية فى العراق ترقص على رصاص المقاومة.
لا ادرى ماذا تبقى من كلام فى هذا الموضوع لكنى بالتأكيد نسيت أهم مواقف النفاق وأهم شئ فى الموضوع بالتأكيد نسيته رغم أنى لا اعرف ما هو هذا الشئ لكنى نسيته حتما.
(دمتم بود)