[size=21]اهلا و سهلا بحضراتكم
اقدم لكم
تاريخ اليهود فى مصر
[/size][/size]اقدم لكم
تاريخ اليهود فى مصر
[size=21]العلاقة بين اليهود و مصر في العصر الفرعوني
بدأ تأسيس الجالية اليهودية في مصر
بدأ تأسيس الجالية اليهودية في مصر
[center]رغم
الخروج اليهودي من مصر، بما فيه الخروج من سيناء، فإن العلاقة بين اليهود
بعد هزيمتهم للكنعانيين و إستيطانهم مكانهم بفلسطين، لم تنقطع تماما، فيرد
ذكر مصر و بعض حكامها في التاناخ ( المعروف في المسيحية بالعهد القديم أو
التوراة و المزامير و الأمثال و كتب الأنبياء)، و قد تراوحت العلاقة بين
علاقات طيبة إلى عدائية، فنجد على سبيل المثال ذكر لزواج الملك سليمان، س،
ثاني ملوك بني إسرائيل، من ابنة فرعون مصر - أي حاكم مصر - كتاب الملوك
الأول، الفصل الثالث، الآيتان 1 و 2. مثلما أيضا نجد أيضا تحالفات أقامها
بعض الملوك من نسل داود، س، مع حكام مصر، تلك التحالفات التي أدانها أنبياء
بني إسرائيل في التاناخ. و على الجانب الأخر نجد أيضا علاقات عدائية
أحيانا أخرى كما في النص الذي أمر بنقشه الملك مرينبتاح بن رمسيس الثاني، و
الذي يخلد فيه إنتصاره على إسرائيل بقوله: و إسرائيل هزمتها لم يعد
لساكنيها من وجود
و في أوقات الأزمات التي بدأ يتعرض لها اليهود من سكان
المملكة الجنوبية، و التي حكمها الملوك من نسل داود، س، مع نهايتها، بدأ
سكانها في النزوح لمصر، برغم نهي التوراة الصريح لهم بالعودة لمصر. و برغم
تحذير النبي إرميا من النزوح لمصر، كتاب إرميا الفصول 41 و 42 و 43 و 44 . و
إن كان هذا النزوح لا يمنع أن تكون هناك جاليات يهودية سابقة على نزوح
اليهود في عهد إرميا، ذلك إن العلاقات التجارية كانت قائمة بين مصر و
اليهود المقيمين بفلسطين، كما ذكر في التاناخ إستيراد سليمان، س، بواسطة
تجاره، لخيول و مركبات مصرية، كتاب الملوك الأول، الفصل العاشر، الآيات 28 و
29. و كان نزوح اليهود في عهد إرميا النبي، معاصرا لحكم الملك المصري
إبريس من ملوك الأسرة السادسة و العشرين الفرعونية. كما أن بعض اليهود
عملوا كمرتزقة في جيوش الأسرة السادسة و العشرين الفرعونية، فأقام لهم أحد
ملوكها مستعمرة في جزيرة الفنتين - فيلة - في جنوب مصر و سمح لهم بإقامة
معبد هناك، و تواجد اليهود في مدينة أسوان، و قد إغلق المعبد في العصر
الفارسي بأمر من الملك داريوس توددا للكهنة المصريين للإله خنوم المقيمين
بالجزيرة، حيث شكل وجود المعبد اليهودي بالقرب منهم شوكة في أعينهم على حد
تعبير أودلف أرمان (عالم المصريات الشهير)، كما إختفت المستعمرة و الوجود
اليهودي في بدايات القرن الرابع قبل الميلادي. أما عن اليهود النازحين،
الناجين من السبي البابلي، و القادمين في عصر النبي إرميا، فقد إستقروا
أولا في مدينة تحفنحيس الواقعة على مشارف دلتا النيل، و منها تفرقوا في
أنحاء مصر المختلفة فمنهم من إستقر بمنف و تانيس و منهم من أقام بالدلتا و
الصعيد
حكامها في التاناخ ( المعروف في المسيحية بالعهد القديم أو
التوراة و المزامير و الأمثال و كتب الأنبياء)، و قد تراوحت العلاقة بين
علاقات طيبة إلى عدائية، فنجد على سبيل المثال ذكر لزواج الملك سليمان، س،
ثاني ملوك بني إسرائيل، من ابنة فرعون مصر - أي حاكم مصر - كتاب الملوك
الأول، الفصل الثالث، الآيتان 1 و 2. مثلما أيضا نجد أيضا تحالفات أقامها
بعض الملوك من نسل داود، س، مع حكام مصر، تلك التحالفات التي أدانها أنبياء
بني إسرائيل في التاناخ. و على الجانب الأخر نجد أيضا علاقات عدائية
أحيانا أخرى كما في النص الذي أمر بنقشه الملك مرينبتاح بن رمسيس الثاني، و
الذي يخلد فيه إنتصاره على إسرائيل بقوله: و إسرائيل هزمتها لم يعد
لساكنيها من وجود.
[center]
اليهود والعصر البطلمى
كان
اليهود أهم العناصر الأجنبية بعد الإغريق في دولة البطالمة. وقد يمم
اليهودوجههم شطر مصر واستقروا فيها قبل الفتح المقدوني بأجيال كثيرة.
ونستخلص ذلك من قصةسيدنا يوسف ومن أشكال الأجناس الأسيوية المصورة على آثار
الدولة الوسطى. ويبدو أنهقد وفدت على مصر أفواج كبيرة من اليهود في العصر
الصاوي، لأنه يقال إنه في خلالالقرن السابع كان ملوك إسرائيل يستبدلون
بالجنود خيولاً مع ملك مصر، ولأن ملوك مصرفي هذا العصر كانوا يشجعون
الأجانب ومن بينهم اليهود على القدوم إلى مصر للاشتغالبالتجارة والجندية،
ولأنه عندما استولى نبوخذ نصر (Nebuchadnezzar) في عام 586 علىبيت المقدس
هاجر إلى مصر كثير من اليهود.
وعندما
أثار حامية الفنتين عطف أبسمتيك الأول (663-609) على الإغريق إلى حد
أنهاهربت إلى بلاد النوبة، مما اضطر أبسميتك إلى تجنيد حامية أخرى من
المرتزقةالآسيويين، يحتمل أن هذه الحامية الجديدة كانت تتضمن عدوًا من
اليهود. ويحتمل كذلكأن جيش أبسمتيك الثاني (594-589) الذي قاده إلى النوبة
كان يضم جنودًا مناليهود.
وقد عثر في الفنتين على مجموعة قيمة من
الوثائق الأرامية. وبالرغممن أن أقدم وثيقة أرامية وصلت إلينا ترجع إلى
السنة السابعة من حكم دارا الأول (522-486م) فإن إحدى هذه الوثائق تشير إلى
أن المعبد الذي أقامته المستعمرةاليهودية في الفنتين يرجع إلى عهد ملوك
مصر، أي إلى ما قبل الفتح الفارسي. وإزاءذلك وإزاء ما أسلفناه عن احتمال
انخراط اليهود في سلك الجيش المصري على عهد ابسمتيكالأول والثاني لا يبعد
أن تاريخ المستعمرة اليهودية في الفنتين يرجع إلى أواخرالقرن السابع أو
أوائل القرن السادس قبل الميلاد.
ويستوقف النظر أن يهودالفنتين، وغيرهم
من يهود مصر، كانوا لا يعبدون إلهًا واحدًا، إذ تذكر الوثائقالأرامية خمسة
آلهة. ولما كان لمعبدهم في الفنتين خمسة مداخل، فإنه يظن أن كل مدخلمنها
كان تحت رعاية واحد من هذه الآلهة. ولاشك في أن "يهوه" كان إلههم الأكبر
ولافي أن معبدهم في الفنتين كان يسمى "معبد يهوه"، أما الآلهة الأربعة
الأخرى فكانتعنات وبتل واشوم وحرم (Anath, Bethel, Ishur, Heren).
وقد
كانت العلاقاتودية بين يهود الفنتين وكهنة الإله المصري خنوم حتى أواخر
القرن الخامس قبلالميلاد، لكن الحال لم تلبث أن تبدلت. ولعل عطف الفرس على
اليهود كان السبب فيإثارة المصريين عليهم، إذ بينما انتهك الفرس حرمة
المعابد المصرية لم يمسوا معبديهوه في الفنتين بسوء. وتلمس هذا العطف كذلك
في وثيقة أرامية من عام 419 ق.م. تتضمنأمرًا من دارا الثاني إلى حاكم مصر
الفارسي ليسمح بأحياء أحد أعياد اليهود. وتحدثناوثيقة أرامية أخرى بأنه في
عام 431 أثار كهنة الإله المصري خنومم الأهالي ضد اليهودفاعتدوا على معبدهم
في الفنتين وحرموهم متابعة عبادتهم. ويبدو أنه منذ ذلك الوقتفقدت جالية
اليهود في الفنتين أهميتها وأنه لم يعد بناء معبدهاثانية.
ويحدثنا
المؤرخ اليهودي يوسف بأن الإسكندر الأكبر عندما فتح مصر أسكنفي منطقة طيبة
جنود سانبالات (Sandallat) حاكم ساماريا، وأنزل عددًا من اليهود فيحي خاص
بهم في الإسكندرية. لكنه لم يقم بعد دليل على وجود السامريين في طيبة
علىعهد الإسكندر ولا على أن الإسكندر هو الذي خصص حيًا لليهود في
الإسكندرية، بل إنيوسف نفسه يعود في موضع آخر فيعزو إلى خلفاء الإسكندر
تخصيص حي لليهود فيالإسكندرية. وعندما ضمت فلسطين إلى مصر في بداية عهد
البطالمة نزحت أفواج من اليهودإلى مصر من تلقاء نفسها، هذا فضلاً عن أن
بطلميوس الأول نقل أفواجًا أخرى منهمليستقروا في مصر. وقد ازداد توافد
اليهود على مصر في عهد بطلميوس الثاني الذي وصفبأنه صديق اليهود بسبب ما
كلأهم به من الرعاية أكثر من أي ملك آخر من ملوك البطالمةحتى قيل إنه أفتدى
أسراهم من ماله الخاص، وأجزل الهدايا القيمة لمعبدهم في بيتالمقدس. وقد
أنزل بطلميوس الثالث في الأراضي المستصلحة بالقيوم عددًا من اليهودالذي
أسرهم في أثناء الحرب السورية الثالثة.
وتشير النقوش والوثائق
البرديةوالآثار إلى انتشار اليهود في أنحاء مصر طوال عصر البطالمة، ففي
الجبانة اليهوديةبالإبراهيمية في الإسكندرية وجدت مقابر لليهود من عهد
البطالمة الأوائل وقد وجدتهياكل لليهود في أثربيس (Athribis= بنها)
وماجدولا وسخديا وهرموبوليس بارفا وواديالنطرون وجزنفيريس (Xenephyris)
وكروكديلون بوليس وأرسبنوي والكسندرونيسوس (Alexandrou Nesos) بالفيوم،
وكذلك في ليونتوبوليس (Leontopolis) وهو الهيكل الذيمنحه بطلميوس الثالث حق
حماية اللاجئين إليه ومما يجدر بالذكر أنه كانت توجد فيالفيوم قرية تدعى
ساماريا وأنه وجدت نقوش يهودية في معبد بان في أبولونوبوليس (أدفو) بمنطقة
طيبة.
وقد كان اليهود يمارسون في مصر مختلف الحرف والمهنكالزراعة وتربية
الماشية وإدارة المصارف الماليةوالتزام الضرائب والجندية وأعمالالحراسة
على النيل وقد تولى بعضهم مناصب ذات شأن في خدمة الحكومة، إذ نعرف (منبينهم
ضابطًا وقائدًا ورئيسًا للشرطة في أثريبيس وسكرتيرًا للملك (هيبومنيما
توجرفوس) وموظفًا كبيراً في الإدارة لعله كان حاكم إقليم هليوبوليس.
وقد
لوحظ أنما وصل إلينا من الرسائل المعادلة لليهود التي ترجع إلى العصر
الهلينيسي والعصرالروماني لا يتضمن اتهامهم بالاشتغال بالربا.
ومع ذلك
فإن تاجرًا إغريقيًا كتب في عام 41 ميلادية إلى صديق له في الإسكندرية كان
يعاني ضائقة مالية يوصيه بألا يدخر وسعًا في الوفاء بالتزاماته على أن
يبتعد عن اليهود. والواقع أن البرديات الأرامية ترينا أنه قبل عصر البطالمة
كان اليهود رجالاً ونساءً يقرضون الأموال بفوائد قد تصل أحيانًا إلى 60%
غير أن الوثائق البردية لا تبرر الرأي القائل بأن العمل الرئيسي ليهود مصر
كان الاشتغال بالتجارة وإقراض الأموال.
ولقد نزل اليهود بأنحاء مصر
المختلفة، إلا أن أكثرهم كانوا يعيشون في الإسكندرية في الحي الرابع من هذه
المدينة، وكانت تنقسم إلى خمسة أحياء يحمل كل منها اسم حرف من أولى حروف
البجاء الإغريقية. وكان الحي اليهودي في الإسكندرية يحاور الحي الملكي من
الناحية الشمالية الشرقية، ويمتد حتى شاطئ البحر، لكن اليهود لم يكونوا
مرغمين على السكنى في الحي الرابع، فقد انتشروا فيما بعد حتى شغلوا الجانب
الأكبر من حي آخر فضلاً عن انتشارهم في أحياء أخرى من المدينة، إلا أنهم
كانوا يفضلون أن يعيشوا متكتلين بالقرب من بعضهم بعضًا، كما يفعلون اليوم
في المدن التي ينزلون بها. وكان يوجد بالإسكندرية بطبيعة الحال عدد من
الهياكل اليهودية لمثل هذه الجالية الكبيرة. وكان أكبر هذه الهياكل في
العصر الروماني من أعظم المباني في الإمبراطورية، ويقال إنه كان كبيرًا إلى
حد أن صوت الكاهن الذي يقوم بالمراسم الدينية كان لا يسمع من آخر القاعة
فكان يقف شخص في الوسط يحمل عامًا يشير به في اللحظات التي يجب أن يقال
فيها "آمن". وقد ورد في الوثائق ذكر هياكل يهودية في الإسكندرية من عهد
البطالمة، ومثل ذلك الهيكل الذي بناه شخص يدعى أليبوس (Alypus) ـ وكان دون
شك أحد أثرياء اليهود ـ باسم كليوبترا السابعة وبطلميوس "للإله الأكبر
السميع".
تكوين الجالية اليهودية بالاسكندرية
فى عصر البطالمة
وعندما
ازداد عدد يهود الإسكندرية كونوا لهم جالية، منحتقسطًا من الحكم الذاتي لم
يمنح لأي جالية أخرى في أي مدينة إغريقية، حتى يقال إنهمبعد القرن الثالث
منحوا الحق في ألا يحاكموا إلا أمام قضاتهم ووفقًا لقانونهم، أيقانون موسى.
أما في حالة اختصام يهودي مع شخص غير يهودي، فلابد من أن المحكمةالملكية
هي التي كانت تفصل في الأمر، كما كانت الحال في عهد الإمبراطورية
الرومانيكان رئيس الجالية اليهودية يدعى جنارخس Genaches أو إثنارخس
Ethuarches، وكان يديرشئون الجالية ويصرف العدالة فيها، ويتولى إصدار
القرارات كما لو كان حاكمًا في دولةمستقلة وكان يهيمن على شئون الجالية
عندئذ مجلس يدعى جروسيا (Geruusia) يبدو أنأغسطس هو الذي أنشأه إحياء لمجلس
قديم كان يتمتع بالاختصاصات نفسها. وكان حكام هذهالجالية في العصر
الروماني يدعون أخونتس (Archontes)، ويحتمل أنهم كانوا لجنة مؤلفةمن بعض
رجال المجلس. أما في عهد البطالمة، فإن الوثائق لا تطلق على حكام
هذهالجالية سوى لقب الشيوخ (Presbyteroi). وتذكر بعض المصادر موظفًا
يهوديًا يدعى ألابارخس (Aralarches) الذي سنذكره فيما بعد، إلا أنه ليس في
وسعنا أن نحدد مهامالألابارخس، ولا أن نقرر إذا كان يمكن أن نرى فيه
الأثنارخس أوالجنارخس.
ويحدثنا المؤرخ اليهودي يوسف تارة بأن الإسكندر
جعل يهودالإسكندرية متساوين في الحقوق المدنية مع المقدونيين، وتارة بأن
الإسكندر خصصلليهود حيا معينا في الإسكندرية وساواهم في الحقوق المدنية مع
المقدونيين، وبأنهحتى العصر الروماني كان يهود الإسكندرية يدعون مقدونيين،
وتارة بأن الإسكندر سمحلليهود بالإقامة في الإسكندرية على قدم المساواة مع
الإغريق وأن خلفاءه أيدوا هذاالحق فضلاً عن أنهم خصصوا لليهود حيًا معينا.
ويحدثنا يوسف أيضًا استقروا في تلكالمدنية منذ البداية.
وقد فسر بعض
المحدثين ذلك بأن يهود الإسكندرية كانوايتمتعون بالحقوق المدنية كاملة.
ونحن نعتقد أن هذا هو فعلاً ما أراد يوسف إدخاله فيروع الناس تأييدًا ليهود
الإسكندرية في كفاحهم المرير مع الرومان من أجل الفوزبحقوق المواطنة حتى
لا يدفعوا ضريبة الرأس. ومن البديهي أنه لو كان اليهود يتمتعونفعلاً بحقوق
المواطنة في الإسكندرية منذ إنشائها لما حرمهم الرومان تلك الحقوقوفرضوا
عليهم ضريبة الرأس، فقد أبقى الرومان على الأوضاع التي وجدوها في
البلادعندما فتحوها.
ويحدثنا يوسف بأن يوليوس
قيصر قضى بأن يقام في الإسكندرية نصبمن البرونز أثبت عليه أن يهود العاصمة
مواطنون إسكندريون. وقد أوضحنا في مجالالكلام عن يوليوس قيصر واليهود
بطلان زعم يوسف وإذا سلمنا جدلاً بأن قيصر قد فعلذلك فإنه يحق لنا أن
نتساءل عما حدا بقيصر إلى اتخاذ هذه الخطوة إذا صح أنالإسكندرية كان قد منح
يهود الإسكندرية حقوق المواطنة وأن البطالمة كانوا قد أيدواذلك؟
ومن ثم
فإن كل القرائن تشير إلى عدم تمتع يهود الإسكندرية بالحقوقالمدنية ومرد
ذلك إلى المساهمة في الحكومة الإدارة نتيجة للتمتع بالحقوق المدنيةكانت
تقتضي عبادة آلهة المدينة وهو ما كان اليهود في عصر البطالمة يعتبرونه
كفرًا. فقد كان يصاحب الراسم المدنية والحفلات الرياضية تقديم القرابين
للآلهة الوثنيةوالقسم بتلك الآلهة والمشاركة في الأكل مما قدم إليها من
قرابين، وكان ذلك لا يتفقومراعاة الشريعة اليهودية مراعاة دقيقة.
حقًا
إننا رأينا أن يهود الفنتينكانوا يعبدون قبل عصر البطالمة آلهة وثنية، لكن
يبين أنه بمضي الزمن التزم اليهودحدود ديانتهم بدليل ما سنراه من إصرارهم
في عهد فيلوباتور على رفض عبادة ديونيسوسبرغم ما انطوى عليه ذلك من الإضرار
بهم ولو أن الإسكندر والبطالمة الأوائل كانوا قدمنحوا يهود الإسكندرية
فعلاً الحقوق المدنية لما منهم فيلوباتور بمنحهم حقوقًامساوية لحقوق مواطني
هذه المدينة إذا أقبلوا على عبادة ديونيسوس. وفضلاً عن ذلكفإنه عندما كانت
الإسكندرية تعاني قحطًا وأمرت كليوبترا السابعة بتوزيع منح منالقمح على
مواطني الإسكندرية لم يكن لليهود نصيب من هذه المنح لأنهم لم يكونوا فيعداد
مواطني العاصمة. ويرى "بل" أن خطاب كلاوديوس إلى الإسكندريين يتضمن فقرة
تدلدلالة قاطعة على عدم تمتع اليهود بحقوق المواطنة. ونص هذه الفقرة أن
يهودالإسكندرية يستفيدون مما في حوزتهم ويستمتعون بثروة عريضة في م دينة
ليست مدينتهم. وإزاء كل هذه الاعتبارات يمكننا الجزم بأن اليهود لم يتمتعوا
إطلاقًا بحقوقالمواطنة في الإسكندرية. ونحن نرى أنه لا يجوز أن تفهم من
عبارات يوسف للتوبة أكثرمن السماح ليهود الإسكندرية بالإقامة فيها في حي
خاص وتكوين جالية قومية لهم علىنحو ما فعل الإغريق والمقدونيون.
اليهود فى عصر بطليموس الاول والثانى والثالث
وقد
أظهر البطالمة الثلاثة الأوائل عطفهمنحو اليهود، فقد رأينا كيف أن بطلميوس
الأول أحضر أعدادًا كبيرة منهم وأسكنهم مصر،وكيف أن بطلميوس الثاني كلأهم
برعايته. ويحدثنا المؤرخ اليهودي يوسف بأن فيلادلفوسأراد أن يترجم إلى
الإغريقية كتب اليهود المقدسة، فأرسل إلى العازار (Eleazar) كبيرالكهنة
بأورشليم بعض الهدايا وكتابًا، يطلب إليه فيه أن يرسل إلى مصر بعض
علماءاليهود الدينيين وفقهائهم لينقلوا إلى اللغة الإغريقية كتبهم المقدسة.
وعندما أرسلالطراز إلى بطلميوس سبعين شيخًا من خيرة اليهود، أحسن ملك مصر
وفادتهم، ووقفواأنفسهم على الترجمة حتى أنجزوها في خلال اثنين وسبعين
يومًا. ولا شك أن هذه القصةمخترعة، لكن قد يكون مبعثها رغبة فيلادلفوس في
أن تضم مكتبته ترجمة إغريقية للكتبالمقدسة لفريق من رعاياه أو أن يهود
الإسكندرية في عهد بطلميوس الثاني كانوا قدأهملوا لغتهم وأصبحوا يستعملون
الإغريقية، فباتوا في حاجة إلىترجمة كتبهم السماويةإلى الإغريقية؛ أو
بطلميوس الثاني كان يعطف على اليهود إلى حد أنهم عزوا إليه ترجمةكتبهم
المقدسة. ومن المحتمل أن تكون ترجمتها قد بدأت في عهد هذا الملك، لكنها
لمتترجم دفعة واحدة وإنما جزءًا فجزءًا في خلال الثلاثة القرون التي سبقت
مولد السيدالمسيح، وأن تكون التوراة أول ما ترجم من هذه الكتب. وإذا كانت
القرائن تشير إلىتغلغل الحضارة الإغريقية بين يهود ليونتوبوليس (Lentopolis
= تل اليهودية بالقرب منشبين القناطر) على بعدهم عن عاصمة الحضارة
الإغريقية، فلابد من أن حظ يهودالإسكندرية من هذه الحضارة كان أتم وأوفر.
ومع ذلك فإن البعض يرى أن اصطباغ اليهودبالحضارة الإغريقية لم يكن أكث رمن
طلاء سطحي. وعلى كل حال فإن اليهود لا في مصرفحسب بل في بلادهم نفسها
أصبحوا يستخدمون اللغة الإغريقية، ويتخذون أسماء إغريقيةوغير ذلك من
المظاهر الخارجية للحضارة الإغريقية.
وقد رأينا الدليل على حدببطلميوس
الثالث على اليهود وتسامحه معهم إلى حد أنه منح أحد هياكلهم حق
حمايةاللاجئين إليه. أما بطلميوس الرابع فإنه نهج سياسة معادية لليهود،
فالكتاب الثالثمن تاريخ المكابيين يروي كيف أن هذا الملك زار بيت المقدس،
عقب انتصاره في موقعةرفح، وأعرب عن رغبته في دخول قدس الأقداس في معبد
اليهود. وقد احتج كبير الكهنةواليهود دون طائل، ولم يحل دون رغبة الملك إلا
العناية الإلهية، لأنه خر مريضًابالباب، مما كان سببًا في السياسة
العدائية التي اتبعها فيما بعد إزاءاليهود.
اليهود فى عهد بطليموس الرابع
عندما
عاد بطلميوس الرابع إلى مصر طلب إلى اليهود أنيعبدوا ديونيسوس، غير أنه
عندما رفضت غالبيتهم الإرتداد عن دينها، وجه الملك إلىقواده وجنوده في
أنحاء البلاد رسالة يذكر فيها أنه كان يريد معاملة اليهود بكرموسخاء، وأنه
كان ينوي رفعهم إلى مستوى مواطني الإسكندرية، ويجعل في الإمكان اختياركهنة
الديانة الرسمية الإغريقية العامة من بينهم، لكنه عندما وجد أنهم متعصبون
لايمكن التفاهم معهم، وأنهم اضطهدوا النفر القليل الذين قبلوا ما أغدقه
عليهم، فقدرأى تفاديًا لحدوث فتنة مباغتة أن يسجل جميع رجالهم ونسائهم
وأطفالهم ويرحلوا إلىالإسكندرية لإعدامهم. ويحدثنا هذا المصدر بأن أعدادًا
كبيرة منهم أرسلت إلى حلبةسباق الخيل في الإسكندرية لتطأهم بأقدامها فيلة
ثملة، لكن الفيلة هاجمت جنودبطلميوس بدلاً من اليهود، فثاب الملك إلى رشده
وحرر اليهود. واحتفاء بذلك اعتاداليهود أن يقيموا كل عام في مدينة بطوليميس
عيدًا يدوم أربعين يومًا من 25 بشنص (Pachan) إلى الرابع من أبيب
ويرى
بعض المؤرخين أن هذه القصةمخترعة من أولها إلى أخرها لعدم وجود ما يؤيدها،
بينما يرى البعض الآخر أنها مزيجمن الخيال والحقيقة. ويبدو الخيال واضحًا
في محاولة صاحب هذه القصة تصوير العنايةالإلهية على نحو تبدو معه كأنها تقف
على الدوام بالمرصاد لإنقاذ "الشعب المختار"،لكن الحفل الذي كان يهود مصر
يقيمونه في وقت معين لم يكن اختراعًا بل حقيقيًا ولابدمن أن له منشأ
تاريخيًا. ونحن نميل إلى الاعتقاد بأن هذه القصة لم تخل من الحقيقة،إذ لا
يستبعد على هذا الملك الماجن رغبته في دخول أقدس مكان في الديانة
اليهوديةبدافع الرغبة في الاستطلاع، وباعتباره هو نفسه إلهًا يعبد في سائر
معابد مصر،ولاسيما ان القرار الذي اتخذه مؤتمر الكهنة المصريين في منف في
شهر نفومبر بأنالملك طاف بأماكن أخرى تحت سيطرته ودخل المعابد التي توجد
فيها، ولايبعد أن معبدبيت المقدس كان أحد هذه المعابد.
ويحتمل
أن بطلميوس الرابع، وكان متحمسًا لعبادةديونيسوس، قد خدعته شدة الشبه في
الاسم بين ساباتزيوس (Sabazios) وساباوث (Sabaoth)، فاعتقد أن اليهود كانوا
يعبدون ديونيسوس تحت اسم وشكل آخرين، وبما أنديونيسوس كان يسوى بسيرابيس
كبير آلهة مصر الرسمي في عهد البطالمة، فلا يبعد أنهكان يحلم بإقامة عبادة
واحدة في الإمبراطورية هي عبادة ديونيسوس، لتوحد بين العناصرالجنسية
المختلفة في الإمبراطورية، أو على الأقل لتزيل الفوارق الدينية بين
أهمعنصرين من عناصر السكان في الإسكندرية. ولا ندري إذا كان قد حاول إدخال
عبادةديونيسوس في بلاد اليهود، ولكن يحتمل إنه حاول فرض هذه العبادة على
يهود مصر،وعندما أبوا عليه ذلك جردهم من امتيازاتهم ولم يستردوها إلا بعد
دفع غرامة مالية. وعلى كل حال لا شك في أن اليهود قد لاقوا شيئًا من
الاضطهاد على يدي هذاالملك.
اليهود في عهد بطلميوس الخامس والسادس
وليس
هناك ما يستحق الذكر فيما يتعلق باليهود في عهد بطلميوس الخامس. أما في
عهد بطلميوس السادس، فقد نزح إلى مصر كثير من اليهود بسبب الأحداث التي
وقعتفي فلسطين من جراء السياسة التي اتبعها أنطيوخوس الرابع هناك. وذلك
لأنه عندماأرغمتته روما في عام 168 على ترك مصر وشأنها، رأى أنه لا يستطيع
الاحتفاظ بملكهأمام قوة روما، إلا إذا وحد شعوب إمبراطوريته بفرض الحضارة
والديانة الإغريقيةعليها جميعًا، مما أفضى إلى ذلك الاصطدام العنيف بينه
وبين اليهود، على نحو مارأينا في معرض الكلام عن السياسة الخارجية.
هناك ما يستحق الذكر فيما يتعلق باليهود في عهد بطلميوس الخامس. أما في
عهد بطلميوس السادس، فقد نزح إلى مصر كثير من اليهود بسبب الأحداث التي
وقعتفي فلسطين من جراء السياسة التي اتبعها أنطيوخوس الرابع هناك. وذلك
لأنه عندماأرغمتته روما في عام 168 على ترك مصر وشأنها، رأى أنه لا يستطيع
الاحتفاظ بملكهأمام قوة روما، إلا إذا وحد شعوب إمبراطوريته بفرض الحضارة
والديانة الإغريقيةعليها جميعًا، مما أفضى إلى ذلك الاصطدام العنيف بينه
وبين اليهود، على نحو مارأينا في معرض الكلام عن السياسة الخارجية.
اليهود في عهد بطلميوس السابع
وفي
عهد بطلميوس السابع التجأ إلى مصر اليهود الناقمون على أسرة سلوقس، وكان
على رأسهم أونياس الرابع (Onias) ابن أونياس الثالث، الذي كان فيما مضى
كاهنًا أكبر في بيت المقدس وقضى نحبهفي مكافحة السوقيين. ويبدو أنه قد رافق
أونياس عدد كبير من أتباعه، لأن بطلميوسالسادس منحهم قطعة من الأرض على
فرع النيل الشرقي في المديرية العربية (Arabia)،عرفت فيما بعد باسم "إقليم
أونياس".
عهد بطلميوس السابع التجأ إلى مصر اليهود الناقمون على أسرة سلوقس، وكان
على رأسهم أونياس الرابع (Onias) ابن أونياس الثالث، الذي كان فيما مضى
كاهنًا أكبر في بيت المقدس وقضى نحبهفي مكافحة السوقيين. ويبدو أنه قد رافق
أونياس عدد كبير من أتباعه، لأن بطلميوسالسادس منحهم قطعة من الأرض على
فرع النيل الشرقي في المديرية العربية (Arabia)،عرفت فيما بعد باسم "إقليم
أونياس".
وحوالي
عام 160 سمح لأونياس بأن يبنى على مكان معبد مصري قديم في ليونتو بولي
سمعبداً يهوديًا على نمط معبد بيت المقدس، وبأ، يقيم هناك طقوس الديانة
اليهودية هوموقع معبد أونياس، فقد ثبت له أن هذا التل الكبير الصناعي
المعروف باسم تل اليهوديةهو موقع معبد أونياس، فقد ثبت له أن هذا التل أقيم
دفعة واحدة في خلال القرنالثاني، ولاسيما أن الأطلال تتفق مع ما ذكره
المؤرخ اليهودي يوسف، من أن البناءالرئيسي في المعبد الذي أقيم على التل
كان يرجا يبلغ ارتفاعه ستين ذراعًا. وكان هذاالمعبد نموذجًا صغيرًا لمعبد
سليمان، وقد نظم ما حوله من الأرض لتشبه على وجهالتقريب معالم الأرض
المحيطة ببيت المقدس. وقد ظلت الطقوس اليهودية تقام في المعبد،إلى أن أغلقه
الإمبراطور فسباسيانوس (Vespasianus) في عام 73 للميلاد. وبالرغم منأن
أكثر اليهود محافظة وتقوى كانوا لا يعترفون إلا بمعبد بيت المقدس، لتمسكهم
بألايبنى معبد للإله الأعظم خارج تلك المدينة، فإنه من المحتمل أن غالبية
يهود مصركانوا يعتبرون معبد أونياس كعبتهم.
عام 160 سمح لأونياس بأن يبنى على مكان معبد مصري قديم في ليونتو بولي
سمعبداً يهوديًا على نمط معبد بيت المقدس، وبأ، يقيم هناك طقوس الديانة
اليهودية هوموقع معبد أونياس، فقد ثبت له أن هذا التل الكبير الصناعي
المعروف باسم تل اليهوديةهو موقع معبد أونياس، فقد ثبت له أن هذا التل أقيم
دفعة واحدة في خلال القرنالثاني، ولاسيما أن الأطلال تتفق مع ما ذكره
المؤرخ اليهودي يوسف، من أن البناءالرئيسي في المعبد الذي أقيم على التل
كان يرجا يبلغ ارتفاعه ستين ذراعًا. وكان هذاالمعبد نموذجًا صغيرًا لمعبد
سليمان، وقد نظم ما حوله من الأرض لتشبه على وجهالتقريب معالم الأرض
المحيطة ببيت المقدس. وقد ظلت الطقوس اليهودية تقام في المعبد،إلى أن أغلقه
الإمبراطور فسباسيانوس (Vespasianus) في عام 73 للميلاد. وبالرغم منأن
أكثر اليهود محافظة وتقوى كانوا لا يعترفون إلا بمعبد بيت المقدس، لتمسكهم
بألايبنى معبد للإله الأعظم خارج تلك المدينة، فإنه من المحتمل أن غالبية
يهود مصركانوا يعتبرون معبد أونياس كعبتهم.
وينهض
كل هذا دليلاً على العطف الذيأولاه فيلومتور لليهود، والذي يتجلى كذلك في
تنصيب أونياس حاكمًا على المديريةالعربية (Arabarches)، حيث أسكن اليهود
وسمح لهم بإقامة معبدهم. لكن الشك يخامرنافي أن أونياس الرابع أصبح كبير
قواد فيلومتور وساعده الأيمن إلى حد أنه كان يوجهالسياسة المصرية. ولعل ذلك
إحدى مبالغات اليهود لتأييد ادعائهم بما كان لهم من ماضمجيد. وقد حدا عطف
فيلومتور على اليهود ببعض المؤخين إلى أن يعزوا إلى هذا المك ـبدلاً من
فيلالفوس ـ ترجمة كتب اليهود المقدسة إلى الإغريقية. لكن هذا الرأي الذيبدا
قويًا في أول ظهوره قد أصبح غير مقبول، لأن المؤرخ اليهودي د، الذي تدل
القرائنعلى أنه لم يعمر بعد حكم بطلميوس الرابع، يرينا بعض الإلمام بهذه
الترجمة. ولعل هذاالعطف الشديد الذي أظهره فيلومتور نحو اليهود يرجع إلى
أنه، إزاء محبة أخيه بطلميوسالصغير لدى الإسكندريين وعداء المصريين
للبطالمة بوجه عام، اتجه فيلومتور إلىاليهود يوليهم عطفه لكسب تأييدهم وسط
المتاعب التي أكتفته من كلجانب.
ويعتبر هذا العطف نحو اليهود نقطة هامة
لا في تاريخ اليهود فحسب بل فيتاريخ مصر أيضاً، فإنه منذ ذلك الوقت بدأت
تظهر الرسائل الإغريقية التي تهاجماليهود والرسائل اليهودية التي تهاجم
الإغريق، كل تلك الرسائل التي ملأت تاريخالعصر الهلينيسي بالأكاذيب، وهبطت
بمستوى الأمنة في كل أدب القرن الثاني قبلالميلاد. فقد اتهم الإغريق اليهود
بأن حضارتهم ليست أصيلة وإنما منقولة عن غيرهم،وأنه لا ترطبهم بالأجناس
الأخرى أية مشاعر إنسانية ولذلك يعيشون منطويين علىأنفسهم، وأنهم ملحدون لا
يتعرفون بوجود آلهة أخرى غير يهوه. وقد دافع اليهود عنأنفسهم وأسرفوا في
دفاعهم إلى حد أنهم زعموا أن حضارتهم أقدم الحضارات، وأنهم همالذين ابتدعوا
العلوم والفنون والفلسفة ولقنوها للشعوب الأخرى.
كل هذا دليلاً على العطف الذيأولاه فيلومتور لليهود، والذي يتجلى كذلك في
تنصيب أونياس حاكمًا على المديريةالعربية (Arabarches)، حيث أسكن اليهود
وسمح لهم بإقامة معبدهم. لكن الشك يخامرنافي أن أونياس الرابع أصبح كبير
قواد فيلومتور وساعده الأيمن إلى حد أنه كان يوجهالسياسة المصرية. ولعل ذلك
إحدى مبالغات اليهود لتأييد ادعائهم بما كان لهم من ماضمجيد. وقد حدا عطف
فيلومتور على اليهود ببعض المؤخين إلى أن يعزوا إلى هذا المك ـبدلاً من
فيلالفوس ـ ترجمة كتب اليهود المقدسة إلى الإغريقية. لكن هذا الرأي الذيبدا
قويًا في أول ظهوره قد أصبح غير مقبول، لأن المؤرخ اليهودي د، الذي تدل
القرائنعلى أنه لم يعمر بعد حكم بطلميوس الرابع، يرينا بعض الإلمام بهذه
الترجمة. ولعل هذاالعطف الشديد الذي أظهره فيلومتور نحو اليهود يرجع إلى
أنه، إزاء محبة أخيه بطلميوسالصغير لدى الإسكندريين وعداء المصريين
للبطالمة بوجه عام، اتجه فيلومتور إلىاليهود يوليهم عطفه لكسب تأييدهم وسط
المتاعب التي أكتفته من كلجانب.
ويعتبر هذا العطف نحو اليهود نقطة هامة
لا في تاريخ اليهود فحسب بل فيتاريخ مصر أيضاً، فإنه منذ ذلك الوقت بدأت
تظهر الرسائل الإغريقية التي تهاجماليهود والرسائل اليهودية التي تهاجم
الإغريق، كل تلك الرسائل التي ملأت تاريخالعصر الهلينيسي بالأكاذيب، وهبطت
بمستوى الأمنة في كل أدب القرن الثاني قبلالميلاد. فقد اتهم الإغريق اليهود
بأن حضارتهم ليست أصيلة وإنما منقولة عن غيرهم،وأنه لا ترطبهم بالأجناس
الأخرى أية مشاعر إنسانية ولذلك يعيشون منطويين علىأنفسهم، وأنهم ملحدون لا
يتعرفون بوجود آلهة أخرى غير يهوه. وقد دافع اليهود عنأنفسهم وأسرفوا في
دفاعهم إلى حد أنهم زعموا أن حضارتهم أقدم الحضارات، وأنهم همالذين ابتدعوا
العلوم والفنون والفلسفة ولقنوها للشعوب الأخرى.
اليهود في عهد بطلميوس الثامن
أما
بطلميوسالثامن يورجتيس الثاني فكان يضمر حقدًا دفينًا لليهود، لأنهم أولاً
شدوا أزر أخيهبطلميوس السادس وأخته كليوبترا الثانية ضده، وثانيًا كانوا
يؤيدون كليوبترا الثانيةضده بعد وفاة بطلميوس السادس. ويروي المؤرخ يوسف عن
بطلميوس الثامن، بعد عودته إلىالإسكندرية وارتقائه عرش مصر في أعقاب وفاة
بطلميوس السادس، القصة التي يرويهاالكتاب الثالث من تاريخ المكابيين عن
بطلميوس الرابع. إذ أن يوسف يحدثنا بأنبطلميوس الثامن حاول إهلاك حشد من
اليهود تحت أقدام الفيلة، لكن هذه الحيوانات هجمتعلى جنود الملك بدلاً من
اليهود، وبأ،ه لم ينقذ اليهود من انتقام الملك إلا توسلاتمحظيته، وبأن يهود
الإسكندرية كانوا يحتلفون كل عام بذكرى نجاتهم. وعلى كل حال تشيربعض
القرائن إلى أنه في أواخر حكم بطلميوس الثامن تحسنت علاقاته مع اليهود
وأصبحت ودية.
وفي عهد هذا الملك نشطت الرسائل المعادية لليهود والمناصرة
لهم، إذيبدو أن تأييد اليهود لبطلميوس السادس في حياته، ثم لابنه وزوجه
بعد مماته، أثار فيرجال بطلميوس الثامن الرغبة في القضاء على كرامة اليهود
وأهميتهم، ومن ثم ظهرتحملات لاذعة ضد اليهود الذين قابلوها بالسلاح نفسه.
ومهما تكن قيمة هذه الرسائل،فإنها تشير إلى عداء الملك وأعوانه لليهود
واستمرار العداء بين الإغريقواليهود.
وقد ساعد على استمرار العداء بين
الإغريق واليهود النزاع الذي وقعفي عهد الحكم التالي بين كليوبترة الثالثة
وابنها بطلميوس التاسع سوتر الثاني. وكانهذا الملك يميل إلى شد أرز
أنطيوخوس التاسع ضد أخيه أنطيوخوس الثامن واليهود، علىحين أن كليوبترا
الثالثة كانت تود مناصرة الجانب الآخر لكراهيتها لأنطيوخوس التاسعفضلاً عن
رغبتها في مساعدة يهود فلطسين، ليسهل عليها التدخل في شئون سوريا، ولكيتضمن
ولاء يهود مصر في النزاع الداخلي. ولذلك فإن كليوبترا الثالثة أقتفت أثر
أبيهافيلومتور وأمها كليوبترا الثانية، واتبعت سياسة مشبعة بالعطف
نحواليهود.
وليس في المصادر ما يشير إلى أن اليهود لقوا أي اضطهاد في
عهدالبطالمة الذين تبوأوا عرش مصر بعد ذلك، لكنه يبدو أن العداء بين
الإغريق واليهوداستمر قائمًا حتى نهاية أسرة البطالمة. غير أن هذا العداء،
الذي كان منشؤه سياسيًاقبل كل شيء، لم يتخذ شكلاً عنيفًا ويتعد المشادات
الكلامية إلا في العصرالروماني.
ويمكننا أن تستخلص مما مر بنا أن سياسة
البطالمة الدينية بوجه عامإزاء اليهود كانت تقوم على أساس التسامح الديني،
الذي قامت عليه سياستهم الدينيةإزاء المصريين والإغريق. وليس أدل على ذلك
من كثرة عددهم في مصر، حتى أن عدد يهودمصر بلغ في العصر المسيحي نحوًا من
مليون، في وقت كان كل سكان مصر يبلغون فيهنحوًا من سبعة ملايين ونصف مليون
نفس. وذلك بالرغم من الاضطهادات العنيفة الدمويةالتي شهدها يهود مصر وذهب
الكثير منهم ضحيتها في العصر الروماني، منذ عهد كاليجولا (37-41) حتى
هادريانوس (118-138).
ويمكننا أن تسخلص مما مر بنا أن سياسةالبطالمة
الدينية بوجه عام إزاء اليهود كانت تقوم على أساس التسامح الديني، الذيقامت
عليه سياستهم الدينية إزاء المصريين والإغريق. وليس أدل على ذلك من كثرة
عددهمفي مصر، حتى أن عدد يهود مصر بلغ في العصر المسيحي نحوًا من مليون، في
وقت كان كلسكان مصر يبلغون فيه نحوًا من سبعة ملايين ونصف مليون نفس. وذلك
بالرغم منالاضطهادات العنيفة الدموية التي شهدها يهود مصر وذهب الكثير
منهم ضحيتها في العصرالروماني، منذ عهد كاليجولا (37-41) حتى عهد هادريانوس
(118-138).
ويبدو أنسياسة البطالمة بوجه عام كانت مشبعة بالعطف على
اليهود، لأن فلسطين كانت واقعة بينشقي الرحي، أو بعبارة أخرى كانت ميدان
الحروب بين البطالمة والسلوقيين، الذين كانواينافسونهم في الاستيلاء عليها.
وبطبيعة الحال كان عطف البطالمة على يهود مصر يكسبهمتأييد يهود فلسطين،
ويساعدهم على تحقيق أهدافهم في سوريا .
بطلميوسالثامن يورجتيس الثاني فكان يضمر حقدًا دفينًا لليهود، لأنهم أولاً
شدوا أزر أخيهبطلميوس السادس وأخته كليوبترا الثانية ضده، وثانيًا كانوا
يؤيدون كليوبترا الثانيةضده بعد وفاة بطلميوس السادس. ويروي المؤرخ يوسف عن
بطلميوس الثامن، بعد عودته إلىالإسكندرية وارتقائه عرش مصر في أعقاب وفاة
بطلميوس السادس، القصة التي يرويهاالكتاب الثالث من تاريخ المكابيين عن
بطلميوس الرابع. إذ أن يوسف يحدثنا بأنبطلميوس الثامن حاول إهلاك حشد من
اليهود تحت أقدام الفيلة، لكن هذه الحيوانات هجمتعلى جنود الملك بدلاً من
اليهود، وبأ،ه لم ينقذ اليهود من انتقام الملك إلا توسلاتمحظيته، وبأن يهود
الإسكندرية كانوا يحتلفون كل عام بذكرى نجاتهم. وعلى كل حال تشيربعض
القرائن إلى أنه في أواخر حكم بطلميوس الثامن تحسنت علاقاته مع اليهود
وأصبحت ودية.
وفي عهد هذا الملك نشطت الرسائل المعادية لليهود والمناصرة
لهم، إذيبدو أن تأييد اليهود لبطلميوس السادس في حياته، ثم لابنه وزوجه
بعد مماته، أثار فيرجال بطلميوس الثامن الرغبة في القضاء على كرامة اليهود
وأهميتهم، ومن ثم ظهرتحملات لاذعة ضد اليهود الذين قابلوها بالسلاح نفسه.
ومهما تكن قيمة هذه الرسائل،فإنها تشير إلى عداء الملك وأعوانه لليهود
واستمرار العداء بين الإغريقواليهود.
وقد ساعد على استمرار العداء بين
الإغريق واليهود النزاع الذي وقعفي عهد الحكم التالي بين كليوبترة الثالثة
وابنها بطلميوس التاسع سوتر الثاني. وكانهذا الملك يميل إلى شد أرز
أنطيوخوس التاسع ضد أخيه أنطيوخوس الثامن واليهود، علىحين أن كليوبترا
الثالثة كانت تود مناصرة الجانب الآخر لكراهيتها لأنطيوخوس التاسعفضلاً عن
رغبتها في مساعدة يهود فلطسين، ليسهل عليها التدخل في شئون سوريا، ولكيتضمن
ولاء يهود مصر في النزاع الداخلي. ولذلك فإن كليوبترا الثالثة أقتفت أثر
أبيهافيلومتور وأمها كليوبترا الثانية، واتبعت سياسة مشبعة بالعطف
نحواليهود.
وليس في المصادر ما يشير إلى أن اليهود لقوا أي اضطهاد في
عهدالبطالمة الذين تبوأوا عرش مصر بعد ذلك، لكنه يبدو أن العداء بين
الإغريق واليهوداستمر قائمًا حتى نهاية أسرة البطالمة. غير أن هذا العداء،
الذي كان منشؤه سياسيًاقبل كل شيء، لم يتخذ شكلاً عنيفًا ويتعد المشادات
الكلامية إلا في العصرالروماني.
ويمكننا أن تستخلص مما مر بنا أن سياسة
البطالمة الدينية بوجه عامإزاء اليهود كانت تقوم على أساس التسامح الديني،
الذي قامت عليه سياستهم الدينيةإزاء المصريين والإغريق. وليس أدل على ذلك
من كثرة عددهم في مصر، حتى أن عدد يهودمصر بلغ في العصر المسيحي نحوًا من
مليون، في وقت كان كل سكان مصر يبلغون فيهنحوًا من سبعة ملايين ونصف مليون
نفس. وذلك بالرغم من الاضطهادات العنيفة الدمويةالتي شهدها يهود مصر وذهب
الكثير منهم ضحيتها في العصر الروماني، منذ عهد كاليجولا (37-41) حتى
هادريانوس (118-138).
ويمكننا أن تسخلص مما مر بنا أن سياسةالبطالمة
الدينية بوجه عام إزاء اليهود كانت تقوم على أساس التسامح الديني، الذيقامت
عليه سياستهم الدينية إزاء المصريين والإغريق. وليس أدل على ذلك من كثرة
عددهمفي مصر، حتى أن عدد يهود مصر بلغ في العصر المسيحي نحوًا من مليون، في
وقت كان كلسكان مصر يبلغون فيه نحوًا من سبعة ملايين ونصف مليون نفس. وذلك
بالرغم منالاضطهادات العنيفة الدموية التي شهدها يهود مصر وذهب الكثير
منهم ضحيتها في العصرالروماني، منذ عهد كاليجولا (37-41) حتى عهد هادريانوس
(118-138).
ويبدو أنسياسة البطالمة بوجه عام كانت مشبعة بالعطف على
اليهود، لأن فلسطين كانت واقعة بينشقي الرحي، أو بعبارة أخرى كانت ميدان
الحروب بين البطالمة والسلوقيين، الذين كانواينافسونهم في الاستيلاء عليها.
وبطبيعة الحال كان عطف البطالمة على يهود مصر يكسبهمتأييد يهود فلسطين،
ويساعدهم على تحقيق أهدافهم في سوريا .
يهود مصر في العصر الروماني
رحب
اليهود بدخول الرومان لمصر في عهد أخر ملوك البطالمة، الملكة كليوبترا
السابعة، و قد كافىء أكتافيوس، الذي عرف فيما بعد بإسم أغسطس، اليهود على
تأييدهم إياه، بأن أبقى لهم حقهم في مجلس للشيوخ و أكد على إحترام جميع
حقوقهم التي كانت لهم في العصر البطلمي. في حين حرم سكان الأسكندرية الذين
رفضوا الإحتلال الروماني لمصر، من حقهم في وجود مجلس لهم، بما جعل العلاقة
بين اليهود و سكان الأسكندرية متوترة طوال العهد الروماني، و وصلت لحد
الصدمات المسلحة الدموية في بعض الأحيان، و رفع أحيانا كل طرف شكواه
للعاصمة الرومانية روما. على إن اليهود لم يحافظوا على المزايا التي تمتعوا
بها طوال العهد الروماني بمصر، و ذلك لثوراتهم المتعددة على إمتداد
القرنين الأول و الثاني للميلاد. و كانت أكبر ثوراتهم في عهد الإمبراطور
ترجان عام 115 للميلاد و إستمرت لفترة وجيزة من عهد الإمبراطور هدريان،
فبالرغم من إنها أخمدت بسرعة في الأسكندرية إلا إنها ظلت مشتعلة لثلاث
أعوام في صعيد مصر من نهاية الدلتا إلى إقليم طيبة بصعيد مصر، و ظل صعيد
مصر ميدانا لحرب عصابات خلال تلك الأعوام الثلاثة. و قد ظل المصريين في بعض
مناطق مصر الوسطى، يتذكرون أحداث تلك الثورة بالرغم مرور مائة عام على
إشتعالها، و ظل المصريين في تلك المناطق يذكرون الرومان بصدقاتهم عندما
حاربوا معهم جنبا إلى جنب ضد اليهود، و ظلت ذكرى إخماد تلك الثورة إحتفالا
للمصريين بالرغم من مرور مائة عام على حدوثها، فقد كانت ثورة مدمرة دمرت
فيها طرق و أحرقت فيها بيوت و خربت فيها ممتلكات. كانت نتيجة ثورات اليهود،
أن قلص الرومان إمتيازتهم، ففي عام 70 للميلاد، و بالرغم من عدم اشتراك
يهود مصر في الثورة التي حدثت في فلسطين، فإن السلطات الرومانية أغلقت معبد
اليهود بمنف، كما ألزم اليهود بدفع ضريبة قيمتها درخمتان عن كل ذكر بالغ، و
التي كانوا يقدمونها من قبل للمعبد الرئيسي ببيت المقدس، و ذلك لبناء معبد
للإله الروماني جوبيتر الذي أحرق اليهود معبده في ثورتهم تلك ببيت المقدس.
و قد إستمر الرومان في جباية تلك الضريبة حتى بعد إنتهاء بناء المعبد و
ذلك حتى القرن الثاني للميلاد. على إن الرومان لم يحاولوا رغم ذلك أن
يرغموا اليهود بمصر على التحول عن عاداتهم، فأبقي لهم حق العيش حسب
معتقداتهم و عادتهم، و سمح لهم بختان مواليدهم، و هو الأمر الذي حرم منه
المصريين فيما عدا الذين يسلكون سلك الكهنوت
أما عن أعداد اليهود في ذلك
العصر، فيلاحظ ضخامتها بالمقارنة بالعصور التالية مع إنتشار المسيحية و
الإسلام، حيث وصل عدد اليهود في دول حوض البحر المتوسط في العصر الروماني
إلى ما لا يقل عن عشرة بالمائة من السكان. و ذكر العهد الجديد الكثير من
تلك التجمعات، و أورد فيلون السكندري اليهودي أن تعداد يهود الأسكندرية في
حياته كان مليونانسمة و كان الحي اليهودي هو أحد الأحياء الخمسة بالمدينة.
على إنه يجب الأخذ في الإعتبار بأن اليهود في العصرين البطلمي و الروماني
عرف عنهم نشاطهم التبشيري المحموم، و الذي أشار إليه الإنجيل، بما يعني أن
هناك فارق بين اليهودي في العصرين الإغريقي و الروماني و ما سيليهما من
عصور، و بين بني إسرائيل الأصليين .
اليهود بدخول الرومان لمصر في عهد أخر ملوك البطالمة، الملكة كليوبترا
السابعة، و قد كافىء أكتافيوس، الذي عرف فيما بعد بإسم أغسطس، اليهود على
تأييدهم إياه، بأن أبقى لهم حقهم في مجلس للشيوخ و أكد على إحترام جميع
حقوقهم التي كانت لهم في العصر البطلمي. في حين حرم سكان الأسكندرية الذين
رفضوا الإحتلال الروماني لمصر، من حقهم في وجود مجلس لهم، بما جعل العلاقة
بين اليهود و سكان الأسكندرية متوترة طوال العهد الروماني، و وصلت لحد
الصدمات المسلحة الدموية في بعض الأحيان، و رفع أحيانا كل طرف شكواه
للعاصمة الرومانية روما. على إن اليهود لم يحافظوا على المزايا التي تمتعوا
بها طوال العهد الروماني بمصر، و ذلك لثوراتهم المتعددة على إمتداد
القرنين الأول و الثاني للميلاد. و كانت أكبر ثوراتهم في عهد الإمبراطور
ترجان عام 115 للميلاد و إستمرت لفترة وجيزة من عهد الإمبراطور هدريان،
فبالرغم من إنها أخمدت بسرعة في الأسكندرية إلا إنها ظلت مشتعلة لثلاث
أعوام في صعيد مصر من نهاية الدلتا إلى إقليم طيبة بصعيد مصر، و ظل صعيد
مصر ميدانا لحرب عصابات خلال تلك الأعوام الثلاثة. و قد ظل المصريين في بعض
مناطق مصر الوسطى، يتذكرون أحداث تلك الثورة بالرغم مرور مائة عام على
إشتعالها، و ظل المصريين في تلك المناطق يذكرون الرومان بصدقاتهم عندما
حاربوا معهم جنبا إلى جنب ضد اليهود، و ظلت ذكرى إخماد تلك الثورة إحتفالا
للمصريين بالرغم من مرور مائة عام على حدوثها، فقد كانت ثورة مدمرة دمرت
فيها طرق و أحرقت فيها بيوت و خربت فيها ممتلكات. كانت نتيجة ثورات اليهود،
أن قلص الرومان إمتيازتهم، ففي عام 70 للميلاد، و بالرغم من عدم اشتراك
يهود مصر في الثورة التي حدثت في فلسطين، فإن السلطات الرومانية أغلقت معبد
اليهود بمنف، كما ألزم اليهود بدفع ضريبة قيمتها درخمتان عن كل ذكر بالغ، و
التي كانوا يقدمونها من قبل للمعبد الرئيسي ببيت المقدس، و ذلك لبناء معبد
للإله الروماني جوبيتر الذي أحرق اليهود معبده في ثورتهم تلك ببيت المقدس.
و قد إستمر الرومان في جباية تلك الضريبة حتى بعد إنتهاء بناء المعبد و
ذلك حتى القرن الثاني للميلاد. على إن الرومان لم يحاولوا رغم ذلك أن
يرغموا اليهود بمصر على التحول عن عاداتهم، فأبقي لهم حق العيش حسب
معتقداتهم و عادتهم، و سمح لهم بختان مواليدهم، و هو الأمر الذي حرم منه
المصريين فيما عدا الذين يسلكون سلك الكهنوت
أما عن أعداد اليهود في ذلك
العصر، فيلاحظ ضخامتها بالمقارنة بالعصور التالية مع إنتشار المسيحية و
الإسلام، حيث وصل عدد اليهود في دول حوض البحر المتوسط في العصر الروماني
إلى ما لا يقل عن عشرة بالمائة من السكان. و ذكر العهد الجديد الكثير من
تلك التجمعات، و أورد فيلون السكندري اليهودي أن تعداد يهود الأسكندرية في
حياته كان مليونانسمة و كان الحي اليهودي هو أحد الأحياء الخمسة بالمدينة.
على إنه يجب الأخذ في الإعتبار بأن اليهود في العصرين البطلمي و الروماني
عرف عنهم نشاطهم التبشيري المحموم، و الذي أشار إليه الإنجيل، بما يعني أن
هناك فارق بين اليهودي في العصرين الإغريقي و الروماني و ما سيليهما من
عصور، و بين بني إسرائيل الأصليين .
يهود مصر. . من الازدهار إلى الشتات
الكتاب : يهود مصر. . من الازدهار إلى الشتات
المؤلف : محمد أبو الغار
دار الهلال - مصر
المؤلف : محمد أبو الغار
دار الهلال - مصر
قليلة
هي الكتب والمراجع التي تحدثت بالتفصيل عن حال اليهود العرب وخاصة اليهود
في مصر لكن هذا الكتاب يروي بأسلوب اقرب إلى الحكاية قصة اليهود المصريين
في القرن العشرين ويشرح أصولهم ومذاهبهم المختلفة ونشاطهم الاقتصادي
بجوانبه المختلفة ونشاطهم السياسي الذي تركز في الانتماء إلى التيارات
الشيوعية أو الصهيونية. ولم
يغفل الكتاب الذي يقع في 246 صفحة من القطع المتوسط دور يهود مصر الثقافي
وعلاقتهم بالفن والصحافة الصاعدة آنذاك في مصر على أنه يلقي الضوء أيضاً
على علاقة يهود مصر بالحركة الصهيونية منذ نشأتها وكذلك علاقة بقية الشعب
المصري مسلميه ومسيحييه بيهود مصر والتطور المثير في تلك العلاقة من
الشراكة في المواطنة إلى العداء.
وإمعاناً في إظهار مكونات يهود مصر
يصور الكتاب الحياة الاجتماعية لهذه الأقلية المتغلغلة في النسيج الاجتماعي
عبر المدارس والمستشفيات والمعابد والمتاجر الكبرى ووظائف الدولة
المرموقة، معرجاً على التطور الهائل الذي حدث في الشخصية اليهودية المصرية
وكيف أدى التطور في القضية الفلسطينية إلى إحداث شرخ في علاقة يهود مصر
بباقي المصريين.
هي الكتب والمراجع التي تحدثت بالتفصيل عن حال اليهود العرب وخاصة اليهود
في مصر لكن هذا الكتاب يروي بأسلوب اقرب إلى الحكاية قصة اليهود المصريين
في القرن العشرين ويشرح أصولهم ومذاهبهم المختلفة ونشاطهم الاقتصادي
بجوانبه المختلفة ونشاطهم السياسي الذي تركز في الانتماء إلى التيارات
الشيوعية أو الصهيونية. ولم
يغفل الكتاب الذي يقع في 246 صفحة من القطع المتوسط دور يهود مصر الثقافي
وعلاقتهم بالفن والصحافة الصاعدة آنذاك في مصر على أنه يلقي الضوء أيضاً
على علاقة يهود مصر بالحركة الصهيونية منذ نشأتها وكذلك علاقة بقية الشعب
المصري مسلميه ومسيحييه بيهود مصر والتطور المثير في تلك العلاقة من
الشراكة في المواطنة إلى العداء.
وإمعاناً في إظهار مكونات يهود مصر
يصور الكتاب الحياة الاجتماعية لهذه الأقلية المتغلغلة في النسيج الاجتماعي
عبر المدارس والمستشفيات والمعابد والمتاجر الكبرى ووظائف الدولة
المرموقة، معرجاً على التطور الهائل الذي حدث في الشخصية اليهودية المصرية
وكيف أدى التطور في القضية الفلسطينية إلى إحداث شرخ في علاقة يهود مصر
بباقي المصريين.
ما
حدث لليهود في مصر خلال عهد ازدهارهم ويشرح أسباب هجرتهم ووجهتهم، لكنه في
كل مفاصله تقريباً يشدد على لعب اليهود المصريين دوراً غاية في الانسلاخ
من الأمة المصرية بمجرد تشكل بداية دولة لليهود في فلسطين.
كما ناه يركز على حقيقة أن يهود مصر كانوا وجهاء ومثقفين وأغنياء خلافاً للشعب المصري الفقير آنذاك الأمر الذي فاقم من عزلتهم في كانتونات وأحياء خاصة كما هو حالهم دائماً.
حال
اليهود المصريين من مذاهب وأصول عرقية إنهم مختلفون ومتفرقون ما بين سكان
حارة اليهود في القاهرة ويهود الإسكندرية وما بين السفارديم والاشكناز
وطائفتي اليهود القرائين واليهود الربانيين اللتين اختصت بهما مصر دون
غيرها من الدول العربية باعتبارهما أكثر الطوائف اليهودية قرباً من
المصريين لغة وواقعاً اجتماعياً.
حدث لليهود في مصر خلال عهد ازدهارهم ويشرح أسباب هجرتهم ووجهتهم، لكنه في
كل مفاصله تقريباً يشدد على لعب اليهود المصريين دوراً غاية في الانسلاخ
من الأمة المصرية بمجرد تشكل بداية دولة لليهود في فلسطين.
كما ناه يركز على حقيقة أن يهود مصر كانوا وجهاء ومثقفين وأغنياء خلافاً للشعب المصري الفقير آنذاك الأمر الذي فاقم من عزلتهم في كانتونات وأحياء خاصة كما هو حالهم دائماً.
حال
اليهود المصريين من مذاهب وأصول عرقية إنهم مختلفون ومتفرقون ما بين سكان
حارة اليهود في القاهرة ويهود الإسكندرية وما بين السفارديم والاشكناز
وطائفتي اليهود القرائين واليهود الربانيين اللتين اختصت بهما مصر دون
غيرها من الدول العربية باعتبارهما أكثر الطوائف اليهودية قرباً من
المصريين لغة وواقعاً اجتماعياً.
إلى أن ثمة صراعات داخلية بين طوائف يهود مصر.
وبكثير من التفصيل أيضا يجيب الكاتب عن سؤال الجنسية المصرية واليهود في مصر باعتبارهم مصريين أولاً وأخيراً
تلك المرحلة التاريخية التي جمعت وجودهم على أرض مصر وصعود "مصر الفتاة" و" الإخوان المسلمين " وكنوع من التاريخ يقسم
الكاتب تاريخ يهود مصر إلى فترتين: الأولى قبل الخمسينيات والثانية من عام
1957 إلى نهاية الستينيات حيث انتهى الوجود اليهودي في مصر تماماً
أهم الشخصيات اليهودية التي لعبت دورا مهما في تاريخ مصر من
أبي حصيرة و "موسي قطاوي" باشا و"يعقوب صنوع" و"فكتور نحمياس" كرموز
اقتصادية وسياسية مروراً برموز الفن كـ"ليلى مراد" و"توجو مزراحي" وانتهاء
بعشرات العائلات المصرية اليهودية الشهيرة مثل: "شملا"، و"حاييم" و"نجار"
و"سموحة" وغيرها...
وبكثير من التفصيل أيضا يجيب الكاتب عن سؤال الجنسية المصرية واليهود في مصر باعتبارهم مصريين أولاً وأخيراً
تلك المرحلة التاريخية التي جمعت وجودهم على أرض مصر وصعود "مصر الفتاة" و" الإخوان المسلمين " وكنوع من التاريخ يقسم
الكاتب تاريخ يهود مصر إلى فترتين: الأولى قبل الخمسينيات والثانية من عام
1957 إلى نهاية الستينيات حيث انتهى الوجود اليهودي في مصر تماماً
أهم الشخصيات اليهودية التي لعبت دورا مهما في تاريخ مصر من
أبي حصيرة و "موسي قطاوي" باشا و"يعقوب صنوع" و"فكتور نحمياس" كرموز
اقتصادية وسياسية مروراً برموز الفن كـ"ليلى مراد" و"توجو مزراحي" وانتهاء
بعشرات العائلات المصرية اليهودية الشهيرة مثل: "شملا"، و"حاييم" و"نجار"
و"سموحة" وغيرها...
وحول مشاركة اليهود في الحياة السياسية في مصر
إن
يهود مصر لعبوا أدواراً معلنة وأخرى مستترة في السياسة المصرية منذ القرن
التاسع عشر ومن ضمن الأدوار المعلنة تأييد ثورة عرابي ومن ثم ثورة سعد
زغلول، والمثير أن اليهود كانوا على علاقة بالحكم في مصر منذ عهد محمد علي
حتى الملك فاروق وحتى بعد ذلك بكثير.
أما الصحافة اليهودية فقد كان لها صولات وجولات في مصر حيث أنشأ اليهود خلال ستة عقود أكثر من 50 صحيفة بلغات متعددة خاصة الفرنسية منها حيث كانت لغة التخاطب والدراسة لأغنياء يهود مصر.
ومن هذه الصحف صحيفة " إسرائيل" التي صدرت عام 1920 بثلاث لغات: العربية والعبرية والفرنسية لصاحبها اليهودي المصري ألبرت موصيري.
والأكثر غرابة من إنشاء صحف يهودية في مصر في وقت مبكر هو تعاطف صحف مصرية غير يهودية مع "الصهيونية" ومع اليهود آنذاك.
هو
الذي يحدث عن يهود مصر ودورهم ومواقفهم داخل الكيان المصطنع والدولة
العبرية وصولاً إلى حقيقة تاريخية تقول إن أكثر اليهود عداءً للعرب هم
اليهود العرب!
إن
يهود مصر لعبوا أدواراً معلنة وأخرى مستترة في السياسة المصرية منذ القرن
التاسع عشر ومن ضمن الأدوار المعلنة تأييد ثورة عرابي ومن ثم ثورة سعد
زغلول، والمثير أن اليهود كانوا على علاقة بالحكم في مصر منذ عهد محمد علي
حتى الملك فاروق وحتى بعد ذلك بكثير.
أما الصحافة اليهودية فقد كان لها صولات وجولات في مصر حيث أنشأ اليهود خلال ستة عقود أكثر من 50 صحيفة بلغات متعددة خاصة الفرنسية منها حيث كانت لغة التخاطب والدراسة لأغنياء يهود مصر.
ومن هذه الصحف صحيفة " إسرائيل" التي صدرت عام 1920 بثلاث لغات: العربية والعبرية والفرنسية لصاحبها اليهودي المصري ألبرت موصيري.
والأكثر غرابة من إنشاء صحف يهودية في مصر في وقت مبكر هو تعاطف صحف مصرية غير يهودية مع "الصهيونية" ومع اليهود آنذاك.
هو
الذي يحدث عن يهود مصر ودورهم ومواقفهم داخل الكيان المصطنع والدولة
العبرية وصولاً إلى حقيقة تاريخية تقول إن أكثر اليهود عداءً للعرب هم
اليهود العرب!
اليهود فى مصر بعد انقلاب 23 يوليو 1952
ثلاثة
انفجارات مدوية هزت اوضاع اليهود في مصر بعد الثورة وجعلتهم يغلقون
ابوابهم على انفسهم، وينتظرون اللحظة المناسبة للهرب الى اسرائيل، كان
الانفجار الاول المانياً في صحراء مصر الغربية، والثاني مصرياً عالمياً عقب
اشتعال حرب 56، اما الانفجار الثالث فقد كان يكمن في شخصية اليهود انفسهم
الذين كان من السهل عليهم ان يتحولوا الى طابور خامس لاسرائيل.
تعددت الاسباب والنتيجة واحدة وهو خروج اليهود من مصر ولكن يظل السؤال معلقا الى الان: هل خسرت مصر بخروج اليهود، وكسبت اسرائيل؟
قبل
ان نصل لمرحلة الثورة كان لابد من الرجوع الى حقيقة وضع اليهود في مصر قبل
قيام ثورة يوليو 1952 وبداية هجرة اليهود الى مصر بتشجيع من محمد علي. وقد
تمتع اليهود الذين زادت هجرتهم الى مصر في عهد الخديوي اسماعيل بكل
الامتيازات الاجنبية، وحسب تعداد السكان لعام 1917 فقد بلغ عدد افراد
الجالية اليهودية في مصر 59.581 نسخة، وكان التطور الاقتصادي في مصر هو
عامل الجذب الاساسي لقدومهم واستيطانهم فيها.
انفجارات مدوية هزت اوضاع اليهود في مصر بعد الثورة وجعلتهم يغلقون
ابوابهم على انفسهم، وينتظرون اللحظة المناسبة للهرب الى اسرائيل، كان
الانفجار الاول المانياً في صحراء مصر الغربية، والثاني مصرياً عالمياً عقب
اشتعال حرب 56، اما الانفجار الثالث فقد كان يكمن في شخصية اليهود انفسهم
الذين كان من السهل عليهم ان يتحولوا الى طابور خامس لاسرائيل.
تعددت الاسباب والنتيجة واحدة وهو خروج اليهود من مصر ولكن يظل السؤال معلقا الى الان: هل خسرت مصر بخروج اليهود، وكسبت اسرائيل؟
قبل
ان نصل لمرحلة الثورة كان لابد من الرجوع الى حقيقة وضع اليهود في مصر قبل
قيام ثورة يوليو 1952 وبداية هجرة اليهود الى مصر بتشجيع من محمد علي. وقد
تمتع اليهود الذين زادت هجرتهم الى مصر في عهد الخديوي اسماعيل بكل
الامتيازات الاجنبية، وحسب تعداد السكان لعام 1917 فقد بلغ عدد افراد
الجالية اليهودية في مصر 59.581 نسخة، وكان التطور الاقتصادي في مصر هو
عامل الجذب الاساسي لقدومهم واستيطانهم فيها.
سيطرة اليهود على البنوك
ويرتبط
تاريخ البنوك في مصر بإنشاء اليهود لها، وقد نجح اليهود بعقليتهم
الاقتصادية المشهورين بها في احتكار هذا المجال. واشتهرت عائلات بعينها في
عالم البنوك مثل عائلة: قطاوي والموسيري وسوارس.
كان البنك العقاري
المصري والذي تأسس عام 1880 اول بنوك مصر واسسته ثلاث عائلات يهودية سوارس ـ
رولو ـ قطاوي. كان رأسمال البنك عند تأسيسه 40 مليون فرنك فرنسي، وصل الى 8
ملايين جنيه عام 1942 وقد لعب هذا البنك دورا خطيرا في الاقتصاد الزراعي
المصري فنتيجة القروض التي منحها للملاك الزراعيين اصبح يتحكم في اكثر من
مليون فدان مصري.
وفي عام 1898 تم انشاء البنك الاهلي المصري والذي لعب
دورا
تاريخ البنوك في مصر بإنشاء اليهود لها، وقد نجح اليهود بعقليتهم
الاقتصادية المشهورين بها في احتكار هذا المجال. واشتهرت عائلات بعينها في
عالم البنوك مثل عائلة: قطاوي والموسيري وسوارس.
كان البنك العقاري
المصري والذي تأسس عام 1880 اول بنوك مصر واسسته ثلاث عائلات يهودية سوارس ـ
رولو ـ قطاوي. كان رأسمال البنك عند تأسيسه 40 مليون فرنك فرنسي، وصل الى 8
ملايين جنيه عام 1942 وقد لعب هذا البنك دورا خطيرا في الاقتصاد الزراعي
المصري فنتيجة القروض التي منحها للملاك الزراعيين اصبح يتحكم في اكثر من
مليون فدان مصري.
وفي عام 1898 تم انشاء البنك الاهلي المصري والذي لعب
دورا