قابيل وهابيل
قابيلُ يرفُلُ بالأمجادِ يفتخِرُ ..... ولحمُ هابيلَ بين التُّربِ ينتثِرُ
أبناءُ قابيل روحُ الشَّرِّ تجمعُهم ..... ليُفسِدوا الأرضَ بالأضغانِ تنفجِرُ
ليبذُروا الحقدَ أنياباً تمزِّقُها ..... وينفُثوا الرُّعبَ في الأجواءِ ينتشِرُ
فالشَّرُّ خمرَتُهم والقتلُ كرمتُها ..... ومن دم ِالظُّلمِ والطُّغيانِ قد سكِروا
فقد أحالوا ربوعَ الأرضِ مقبرةً ..... لكلِ من يُصطفى بالخيرِ يستعِرُ
وجرَّدوا الناسَ من أنسابِ آدمهم ..... فهم قرودٌ ومن أنسالِها انحدروا
وقيَّدوهم عبيداً في زرائبهم ..... ويُذبَحون غداً إن أومأ القدرُ
على موائدِهم بخورُ شهوتِهم ..... أطفالُ هابيلَ بالأقماطِ قد نُحِروا
أحفادُ هابيلَ في جوعٍ وفي ظمأٍٍ ..... مثل الهوامِ على الحصباءِ قد نُشِروا
أكواخهم من خيوطِ البؤسِ قد جُدِلتْ ..... أسمالُهم خِرَقٌ في طيِّها استتروا
وفي قُدورِهمُ الأوجاعُ قد طُهيتْ ..... فالفقرُ تابلُها واليأسُ والكدرُ
أشباحُ من بشرٍ الموتُ يرهَبُها ..... يأتي ليخطُفَها يرتدُّ ينذعِرُ
وَسادةُ الأرضِ في طغيانِهم ثُمُلٌ ..... أرواحُهم سَقرٌ بالشَّرِّ تزدهِرُ
فمن حرائقِهم نيرونُ منصعِقٌ ..... يئِنُّ منتَحِباً والدَّمعُ ينهمِرُ
رقَّتْ مشاعِرُهُ لمَّا رأى عجباً ..... آتونُ من لهبٍ عيدانُهُ البشرُ
والواقِدون الَّلظى أشباهُ آلهةٍ ..... شُلَّتْ ضمائرُهم أكبادُهم حجرُ
هابيلُ هابيلُ أين الثأرُ يا ولدي ..... ثأرُ المحبَّةِ من قابيلَ ينتظِرُ
قمْ طهِّرِ الأرضَ من أصداءِ فعلتِهِ ..... وكبِّلِ الشَّرَّ ينمُ الخيرُ ينتصِرُ
وازرعْ ثَراها وروداً تنتشِ أملاً ..... فتُخصِبُ الأرضُ أحلاماً وتَختمِرُ
وينبتُ الحبُّ بين الكُرهِ يغمُرُهُ ..... يُظلِّلُ الحقدَ بالتحنانِ يَعتمرُ
يُقيِّدُ الظُّلمَ . يُرسي العدلُ دولتَهُ ..... لا الحوتُ يفنى ولا الأسماكُ تندثرُ
والغابُ ترتادُهُ الغزلانُ في مَرَحٍ ..... والذئبُ والشَّاةُ والضِرغامُ والبقرُ
وهْجُ الأخوَّةِ يُذكي الحبَّ في زمنٍ ..... أمستْ به موبقاتُ الشرِّ ُتُبتَكرُ
قابيلُ ، هابيلُ يا أبناءَ آدمِنا ..... الأرضُ تُشوى وقلبُ اللهِ ينفطِرُ
عطيَّةُ اللهِ للإنسانِ آدمِكمْ ..... أمانةُ العهدِ في أعناقِكم قدرُ
صونوا الأخوَّةَ أدُّوا العهدَ حرمَتَهُ ... يَفِضْ عليكم جَنىً الخيرُ والثَّمرُ
إرثُ الأبوَّةِ للأبناءِ تذكِرَةٌ ..... الكلُّ يَفنى ويبقى الحبُّ والذِّكَرُ
هيَّا لنغرُسَ عدلاً في مشاتِلِنا ..... فينتفي الظُّلمُ والآلامُ تندحِرُ
هيَّا لنغمُرَ بالتَّحنانِ كوكَبنا ..... فيُشرِقُ النُّورُ والظَّلماءُ تنحسِرُ
هيَّا لنبذُرَ حبَّاً في حدائقِنا ..... فيزدهي الخيرُ والشَّيطانُ ينتحِرُ