الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آلاه وصحبه ومن والاه وبعد :
شنت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، حملة واسعة النطاق، لا هوادة فيها، علي السلفية والسلفيين والدعوة السلفية، وأخذوا يكيلون لهم التهم ويرمونهم بكل قبيح ، ويُلقون عليهم الشبه ، ويتهمونهم بكل حادثة تحدث في البلاد ، وإن لم يكن لهم يد فيها .
وبالتحري لم يثبت في حقهم تهمة ولا جريمة ، وثبتت برائتهم من كل تهمه كبرائة الذئب من دم ابن يعقوب .
فما هي السلفية ؟ ، ومن هم السلف ؟ ومن هم السلفيون ؟
تعريف السلفية لغة
قال ابن منظور:
"والسلف من تقدمك من آبائك وذوى قرابتك الذين هم فوقك فى السن والفضل ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة الزهراء رضى الله عنها " فإنه نعم السلف أنا لك " رواه مسلم.
اصطلاحاً
قال القلشانى: السلف الصالح، وهو الصدر الأول الراسخون فى العلم، المهتدون بهدي النبى صلى الله عليه وسلم، الحافظون لسنته، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، وانتخبهم لإقامة دينه، ورضيهم أئمة للأمة، وجاهدوا فى سبيل الله حق جهاده، وأفرغوا فى نصح الأمة ونفعهم، وبذلوا فى مرضاة الله أنفسهم.
قال تعالى: ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه) (التوبة:الآية100)
وقال السمعاني (ت 562) في الأنساب (3/273)
"السلفي؛ بفتح السين واللام وفي آخرها فاء هذه النسبة إلى السلف، وانتحال مذاهبهم على ما سعمت منهم "
وقال الإمام الذهبي قال في ترجمة: الحافظ أحمد بن محمد المعروف بـ أبي طاهر السلفي:"السلفي بفتحتين وهو من كان على مذهب السلف" سير أعلام النبلاء (21/6
الانتساب إلى السلف
الانتساب إلى السلف فخر وأي فخر وشرف ناهيك به من شرف، فلفظ السلفية أو السلفي لا يطلق عند علماء السنة والجماعة إلا على سبيل المدح.
والسلفية رسم شرعي أصيل يرادف
( أهل السنة والجماعة ) و(أهل السنة ) و(أهل الجماعة) ، و(أهل الأثر) و (أهل الحديث) و (الفرقة الناجية)
و( الطائفة المنصورة) و(أهل الاتباع).
قال الإمام الذهبي :"فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون تقياً ذكياً نحوياً لغوياً زكياً حيياً سلفياً "
السير (13/380) وقد حُكِىَ الإجماع على صحة الانتساب إلى السلف:
شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ في الفتاوى : (1/149) في رده على قول العز بن عبدالسلام :".. والآخر يتستر بمذهب السلف": ( ولا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق؛ فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً، فإن كان موافقاً له باطناً وظاهراً، فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطناً وظاهراً، وإن كان موافقاً له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق، فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله، فإنا لم نُؤْمر أن نُنَقب عن قلوبِ الناسِ ولا نَشقُ بطونهم ).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة رقم {1361} {1/165} :
س: ما هي السلفية وما رأيكم فيها ؟
ج :السلفية نسبة إلى السلف، والسلف هم صحابة النبى صلى الله عليه وسلموأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى { رضي الله عنهم}الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلمبالخير في قوله خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) رواه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري، ومسلم .
والسلفيون :
جمع سلفي نسبة إلى السلف، وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف من اتباع الكتاب والسنة والدعوة إليهما والعمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
ويقول محدث العصر الإمام الألباني رحمه الله :
هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها! فيقول لا يجوز للمسلم أن يقول : أنا سلفي وكأنه يقول : { لا يجوز أن يقول مسلم: أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك).
لا شك أن مثل هذا الإنكار ـ لو كان يعنيه ـ يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح، وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم
كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم"خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" .
فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح ، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق.
والذي يُنكر هذه التسمية نفسه، ترى ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب ؟! سواء أكان هذا المذهب متعلقاً بالعقيدة أو بالفقه ؟
فهو إما أن يكون أشعرياً أو ماتريدياً، وإما أن يكون من أهل الحديث أو حنفياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً؛
مما يدخل في مسمى أهل السنة والجماعة، مع أن الذي ينتسب إلى المذهب الأشعري أو المذاهب الأربعة، فهو ينتسب إلى أشخاص غير معصومين بلا شك، وإن كان منهم العلماء الذين يصيبون،
فليت شعري هلا أنكر مثل هذه الإنتسابات إلى الأفراد غير المعصومين ؟ وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح، فإنه ينتسب إلى العصمة ـ على وجه العموم وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه . فمن تمسك به كان يقيناً على هدى من ربه ...ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن نقول :
أنا مسلم على الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح،وهي أن تقول باختصار :{أنا سلفي}
أيها القارئ الكريم :
السلفية ليست دينا جديداً ، وليست فرقة من الفرق ، ولا جماعة من الجماعات ، ولا طائفة من الطوائف ، إنما هي العمل بجميع شرائع الإسلام عقيدةً، وعبادةً، وسلوكاً، وأدباً، ومعاملةً، وأخلاقاً، أو قل العمل بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، يعني بفهم أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وباقي الصحابة الذين اختارهم الله لصحبة نبيه وقال سبحانه وتعالى ( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ).
السلفية مع العلم والعلماء
قال ابن القيم رحمه الله عن العلماء:
"هم فقهاء الإسلام، ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام خصوا باستنباط الأحكام، وعنوا بضبط قواعد الحلال من الحرام"
ومما يعرف به العالم شهادة مشايخه له بالعلم، فقد دأب علماء المسلمين من سلف هذه الأمة، ومن تبعهم بإحسان على توريث علومهم لتلامذتهم،الذين يتبؤون من بعدهم منازلهم، وتصبح لهم الريادة والإمامة فى الأمة، ولا يتصدر هؤلاء التلاميذ حتى يروا إقرار مشايخهم لهم بالعلم، وإذنهم لهم بالتصدر والإفتاء والتدريس
فهؤلاء يؤخذ عنهم العلم والتلقي، فلا يجدي الأخذ عن الكتب فقط، بل الاقتصار في التلقي على الأخذ من الكتب بلية من البلايا، وكذا اجتماع الشباب والطلبة على التدارس دون أخذ عن شيخ.
والسلفيون يحبون علماءهم ويجلونهم ويتأدبون معهم ويدافعون عنهم ويحسنون الظن بهم ويأخذون عنهم، وينشرون محامدهم، إلا أنهم بشر غير معصومين، بل يجوز عليهم في الجملة الخطأ والنسيان إلا أن ذلك لا ينقص من أقدارهم، ولا يُسوِّغ ترك الأخذ عنهم.
السلفية والفتوى
اقتداءً بالصحابة الكرام – رضي الله عنهم - فقد كانوا يتدافعون الفتيا، لعلمهم بخطر القول على الله بغير علم
فهم يتورعون عنها، إيثاراً للسلامة، وخوفاً من القول على الله بغير علم.
السلفية والاجتهاد:
الاجتهاد نعمة من نعم الله على المسلمين، وتسهيل لهم لتبيين الحكم الشرعي في مسائل عصرية لم تر فيها نص لا من كتاب ولا من سنة، فيحكم العالم باجتهاده في هذه المسألة "باب الاجتهاد و سيبقى مفتوحاً لمن يسره الله له
لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها "
الحديث صحيح أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي.
السلفية والتقليد:
إن مذهب إمام من أئمة السلف أو قولاً له، لا يعد ديناً للأمة، ولا مذهباً لها إلا أن يقوم عليه دليل من الكتاب و السنة أو إجماع متيقن.
قال ابن القيم – رحمه الله :" لا تجوز الفتوى بالتقليد لأنه ليس بعلم، والفتوى بغير علم حرام، ولا خلاف بين الناس أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم" .
السلفية والأخلاق:
هم أحسن الناس أخلاقاً وأكثرهم حلماً وسماحةً وتواضعاً، وأحرصهم دعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال من طلاقة الوجه، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، وكظم الغيظ، وكف الأذى عن الناس واحتماله منهم، والايثار والسعي فى قضاء الحاجات، وبذل الجاه في الشفاعات، والتلطف بالفقراء، والتحبب إلى الجيران والأقرباء، والرفق بالطلبة واعانتهم وبرهم، وبر الوالدين والعلماء، وخفض الجناح لهما
قال تعالى: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (القلم:4) وقال صلى الله عليه وسلم: " أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن " صحيح رواه الإمام أحمد.
السلفية والأخبار:
انطلاقاً من قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6) بخلاف الذين يسارعون في إطلاق الأحكام، ويتهافتون على إلصاق التهم بالأبرياء، فيفسقون، ويبدعون ويكفرون بالتهمة والظنّة من غير برهان أو بينة.
السلفية والتكفير:
السلفيون لا يمنعون التكفير بإطلاق، ولا يكفرون بكل ذنب، ولم يقولوا: إن تكفير المعين غير ممكن، ولم يقولوا بالتكفير بالعموم دون تحقق شروط التكفير، وانتفاء موانعه في حق المعين، ولم يتوقفوا في إثبات وصف الإسلام لمن كان ظاهره التزام الإسلام، ومن أتى بمكفر واجتمعت فيه الشروط، وانتفت في حقه الموانع فإنهم لا يجبنون ولا يتميعون، ولا يتحرجون من تكفيره ".
السلفية والولاء والبراء:
فهم يوالون على الدين، فلا ينتصرون لأنفسهم، ولا يغضبون لها، وإنما ولاؤهم لله ورسوله والمؤمنين، وبراؤهم لله، ومواقفهم ثابتة لا تتبدل ولا تتغير. قال تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (المائدة:الآية55)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها، غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي عليه ، غير كلام الله ورسوله، وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لها شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون" ولا يحتاج المسلمون إلى عقد يكتب، أو وثيقة تختم، أو منهج يقرر فيه هذا المبدأ غير الكتاب والسنة.
فليس العمل الإسلامي
شركة أو مؤسسة أو جمعية أو لجنة ينتظر الناس الإذن بالدخول فيها، أو الموافقة عليهم أن يكونوا من مستخدميها، فلا حاجة إلى بطاقة عضوية، أو انتساب أو ولاء لهذه الأسماء والشعارات واليافطات.
وليس لمسلم أن يوالي على طائفة أو تجمع، أو يعادي عليها، أو يرى أن الحق ما جاء عن طائفته، والباطل في غيرها.
وماذا نُرِيد نحن السلفيّون ؟
بعد أن تعرفنا على أهم معالم السلفية ، ومن هم السلفيون ، السؤال الذي يطرح نفسه ماذا يريدون ؟
ماذا نريد نحن السلفيون ؟
اختصر ما نُريدُ الربيعُ بن عامر عندما ذهب إلى رستم قائد الفرس ، وقد وجه له هذا السؤال ما الذي جاء بكم إلى ها هنا ؟
فأجاب الربيع فقال الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة .
فهذا هو الذي يريده السلفيون من الناس جميعاً العرب منهم والعجم ، الأبيض منهم والأسود .
وهي وظيفة الأنبياء في الأرض تعبيد الناس لله رب العالمين ، ونشر العدل بين الناس ، وذلك بتحكيم شرع رب العالمين .
منهجنا في ذلك :
رسمه لنا القرآن فقال تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وقال تعالى(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ( .
ندعوا الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ونُبشر ونُنُذر ونُرَّهب ونُرَّغب وما لنا سلطان على أحد إلا كما قال الله تعالى لرسوله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (48).
إننا مأمورون بالهِدَايَةِ التبلِّيغّيةِ الإرشاديةِ فقط ، أي نبلغ الناس وندعوهم ، ونبين لهم الحق ، نبين لهم طريق الرشاد، ونبين لهم الحلال والحرام ، ونبين لهم السنة من البدعة، والهدى من الضلالة، وما أمرهم الله به ، وما نهاهم الله عنه، ونريد لهم سعادة الدنيا والآخرة .
ومنهجنا في ذلك قال سبحانه وتعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)
أما الهدايةُ التوفيقيةُ ، فهي ليست لنا ، ولا نُسأَلُ عنها، ولم نُؤمَرْ بها، ولا نَمْلُكْها نحن، فهي بيد الله سبحانه وتعالى .
كما قال تعالى (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)
وقال سبحانه وتعالى )مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا( .
قال الله تعالى لنبيه )إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ( .
وقال سبحانه ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)
وقال الله تعالى ( لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
وبعد بذل هذا المجهود كله في دعوة الناس جميعاً مسلمين ويهوداً ونصارى ومشركين فلا نلزم أحد باتباع الحق ولا نُجبرهم على ذلك لأننا نسير بأوامر القرآن ونهتدي بهدية ونسير على خطى خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم.
فقد قال الله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
ولقد قال الله لرسوله (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ).
هذا هو منْهجنا في الدعوة إلى الله ، وهذه هي طريقتنا ، وهذا هو عملنا ، وهذا هو الذي نريده من الناس .
فدعوتنا هي دعوة الأنبياء ، ورسالتنا هي رسالة الأنبياء ، وعلى خطى الحبيب محمد نسير ، وعلى طريقة الصحابة رضوان الله عليهم نعمل ونلتزم ونهتدي .
أبعد هذا كله يُصدق عنَّا ما يُزاع في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية الأفَّاقُة الكذّابة المخادِّعة ، أننا نقيم الحدود ونقطع الأذان ، ونرمي ماء النار على المتبرجات ، ونهدم الأضرحة ، ونكره الناس على الإلتزام والهداية والإستقامة .
قال تعالى ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) . فحسبنا الله ونعم الوكيل .
ومع ذلك ندعو الله تعالى أن يغفر لهم وأن يهديهم إلى سواء السبيل .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
شنت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، حملة واسعة النطاق، لا هوادة فيها، علي السلفية والسلفيين والدعوة السلفية، وأخذوا يكيلون لهم التهم ويرمونهم بكل قبيح ، ويُلقون عليهم الشبه ، ويتهمونهم بكل حادثة تحدث في البلاد ، وإن لم يكن لهم يد فيها .
وبالتحري لم يثبت في حقهم تهمة ولا جريمة ، وثبتت برائتهم من كل تهمه كبرائة الذئب من دم ابن يعقوب .
فما هي السلفية ؟ ، ومن هم السلف ؟ ومن هم السلفيون ؟
تعريف السلفية لغة
قال ابن منظور:
"والسلف من تقدمك من آبائك وذوى قرابتك الذين هم فوقك فى السن والفضل ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة الزهراء رضى الله عنها " فإنه نعم السلف أنا لك " رواه مسلم.
اصطلاحاً
قال القلشانى: السلف الصالح، وهو الصدر الأول الراسخون فى العلم، المهتدون بهدي النبى صلى الله عليه وسلم، الحافظون لسنته، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، وانتخبهم لإقامة دينه، ورضيهم أئمة للأمة، وجاهدوا فى سبيل الله حق جهاده، وأفرغوا فى نصح الأمة ونفعهم، وبذلوا فى مرضاة الله أنفسهم.
قال تعالى: ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه) (التوبة:الآية100)
وقال السمعاني (ت 562) في الأنساب (3/273)
"السلفي؛ بفتح السين واللام وفي آخرها فاء هذه النسبة إلى السلف، وانتحال مذاهبهم على ما سعمت منهم "
وقال الإمام الذهبي قال في ترجمة: الحافظ أحمد بن محمد المعروف بـ أبي طاهر السلفي:"السلفي بفتحتين وهو من كان على مذهب السلف" سير أعلام النبلاء (21/6
الانتساب إلى السلف
الانتساب إلى السلف فخر وأي فخر وشرف ناهيك به من شرف، فلفظ السلفية أو السلفي لا يطلق عند علماء السنة والجماعة إلا على سبيل المدح.
والسلفية رسم شرعي أصيل يرادف
( أهل السنة والجماعة ) و(أهل السنة ) و(أهل الجماعة) ، و(أهل الأثر) و (أهل الحديث) و (الفرقة الناجية)
و( الطائفة المنصورة) و(أهل الاتباع).
قال الإمام الذهبي :"فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون تقياً ذكياً نحوياً لغوياً زكياً حيياً سلفياً "
السير (13/380) وقد حُكِىَ الإجماع على صحة الانتساب إلى السلف:
شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ في الفتاوى : (1/149) في رده على قول العز بن عبدالسلام :".. والآخر يتستر بمذهب السلف": ( ولا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق؛ فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً، فإن كان موافقاً له باطناً وظاهراً، فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطناً وظاهراً، وإن كان موافقاً له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق، فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله، فإنا لم نُؤْمر أن نُنَقب عن قلوبِ الناسِ ولا نَشقُ بطونهم ).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة رقم {1361} {1/165} :
س: ما هي السلفية وما رأيكم فيها ؟
ج :السلفية نسبة إلى السلف، والسلف هم صحابة النبى صلى الله عليه وسلموأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى { رضي الله عنهم}الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلمبالخير في قوله خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) رواه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري، ومسلم .
والسلفيون :
جمع سلفي نسبة إلى السلف، وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف من اتباع الكتاب والسنة والدعوة إليهما والعمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
ويقول محدث العصر الإمام الألباني رحمه الله :
هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها! فيقول لا يجوز للمسلم أن يقول : أنا سلفي وكأنه يقول : { لا يجوز أن يقول مسلم: أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك).
لا شك أن مثل هذا الإنكار ـ لو كان يعنيه ـ يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح، وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم
كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم"خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" .
فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح ، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق.
والذي يُنكر هذه التسمية نفسه، ترى ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب ؟! سواء أكان هذا المذهب متعلقاً بالعقيدة أو بالفقه ؟
فهو إما أن يكون أشعرياً أو ماتريدياً، وإما أن يكون من أهل الحديث أو حنفياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً؛
مما يدخل في مسمى أهل السنة والجماعة، مع أن الذي ينتسب إلى المذهب الأشعري أو المذاهب الأربعة، فهو ينتسب إلى أشخاص غير معصومين بلا شك، وإن كان منهم العلماء الذين يصيبون،
فليت شعري هلا أنكر مثل هذه الإنتسابات إلى الأفراد غير المعصومين ؟ وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح، فإنه ينتسب إلى العصمة ـ على وجه العموم وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه . فمن تمسك به كان يقيناً على هدى من ربه ...ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن نقول :
أنا مسلم على الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح،وهي أن تقول باختصار :{أنا سلفي}
أيها القارئ الكريم :
السلفية ليست دينا جديداً ، وليست فرقة من الفرق ، ولا جماعة من الجماعات ، ولا طائفة من الطوائف ، إنما هي العمل بجميع شرائع الإسلام عقيدةً، وعبادةً، وسلوكاً، وأدباً، ومعاملةً، وأخلاقاً، أو قل العمل بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، يعني بفهم أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وباقي الصحابة الذين اختارهم الله لصحبة نبيه وقال سبحانه وتعالى ( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ).
السلفية مع العلم والعلماء
قال ابن القيم رحمه الله عن العلماء:
"هم فقهاء الإسلام، ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام خصوا باستنباط الأحكام، وعنوا بضبط قواعد الحلال من الحرام"
ومما يعرف به العالم شهادة مشايخه له بالعلم، فقد دأب علماء المسلمين من سلف هذه الأمة، ومن تبعهم بإحسان على توريث علومهم لتلامذتهم،الذين يتبؤون من بعدهم منازلهم، وتصبح لهم الريادة والإمامة فى الأمة، ولا يتصدر هؤلاء التلاميذ حتى يروا إقرار مشايخهم لهم بالعلم، وإذنهم لهم بالتصدر والإفتاء والتدريس
فهؤلاء يؤخذ عنهم العلم والتلقي، فلا يجدي الأخذ عن الكتب فقط، بل الاقتصار في التلقي على الأخذ من الكتب بلية من البلايا، وكذا اجتماع الشباب والطلبة على التدارس دون أخذ عن شيخ.
والسلفيون يحبون علماءهم ويجلونهم ويتأدبون معهم ويدافعون عنهم ويحسنون الظن بهم ويأخذون عنهم، وينشرون محامدهم، إلا أنهم بشر غير معصومين، بل يجوز عليهم في الجملة الخطأ والنسيان إلا أن ذلك لا ينقص من أقدارهم، ولا يُسوِّغ ترك الأخذ عنهم.
السلفية والفتوى
اقتداءً بالصحابة الكرام – رضي الله عنهم - فقد كانوا يتدافعون الفتيا، لعلمهم بخطر القول على الله بغير علم
فهم يتورعون عنها، إيثاراً للسلامة، وخوفاً من القول على الله بغير علم.
السلفية والاجتهاد:
الاجتهاد نعمة من نعم الله على المسلمين، وتسهيل لهم لتبيين الحكم الشرعي في مسائل عصرية لم تر فيها نص لا من كتاب ولا من سنة، فيحكم العالم باجتهاده في هذه المسألة "باب الاجتهاد و سيبقى مفتوحاً لمن يسره الله له
لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها "
الحديث صحيح أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي.
السلفية والتقليد:
إن مذهب إمام من أئمة السلف أو قولاً له، لا يعد ديناً للأمة، ولا مذهباً لها إلا أن يقوم عليه دليل من الكتاب و السنة أو إجماع متيقن.
قال ابن القيم – رحمه الله :" لا تجوز الفتوى بالتقليد لأنه ليس بعلم، والفتوى بغير علم حرام، ولا خلاف بين الناس أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم" .
السلفية والأخلاق:
هم أحسن الناس أخلاقاً وأكثرهم حلماً وسماحةً وتواضعاً، وأحرصهم دعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال من طلاقة الوجه، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، وكظم الغيظ، وكف الأذى عن الناس واحتماله منهم، والايثار والسعي فى قضاء الحاجات، وبذل الجاه في الشفاعات، والتلطف بالفقراء، والتحبب إلى الجيران والأقرباء، والرفق بالطلبة واعانتهم وبرهم، وبر الوالدين والعلماء، وخفض الجناح لهما
قال تعالى: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (القلم:4) وقال صلى الله عليه وسلم: " أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن " صحيح رواه الإمام أحمد.
السلفية والأخبار:
انطلاقاً من قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6) بخلاف الذين يسارعون في إطلاق الأحكام، ويتهافتون على إلصاق التهم بالأبرياء، فيفسقون، ويبدعون ويكفرون بالتهمة والظنّة من غير برهان أو بينة.
السلفية والتكفير:
السلفيون لا يمنعون التكفير بإطلاق، ولا يكفرون بكل ذنب، ولم يقولوا: إن تكفير المعين غير ممكن، ولم يقولوا بالتكفير بالعموم دون تحقق شروط التكفير، وانتفاء موانعه في حق المعين، ولم يتوقفوا في إثبات وصف الإسلام لمن كان ظاهره التزام الإسلام، ومن أتى بمكفر واجتمعت فيه الشروط، وانتفت في حقه الموانع فإنهم لا يجبنون ولا يتميعون، ولا يتحرجون من تكفيره ".
السلفية والولاء والبراء:
فهم يوالون على الدين، فلا ينتصرون لأنفسهم، ولا يغضبون لها، وإنما ولاؤهم لله ورسوله والمؤمنين، وبراؤهم لله، ومواقفهم ثابتة لا تتبدل ولا تتغير. قال تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (المائدة:الآية55)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها، غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي عليه ، غير كلام الله ورسوله، وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لها شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون" ولا يحتاج المسلمون إلى عقد يكتب، أو وثيقة تختم، أو منهج يقرر فيه هذا المبدأ غير الكتاب والسنة.
فليس العمل الإسلامي
شركة أو مؤسسة أو جمعية أو لجنة ينتظر الناس الإذن بالدخول فيها، أو الموافقة عليهم أن يكونوا من مستخدميها، فلا حاجة إلى بطاقة عضوية، أو انتساب أو ولاء لهذه الأسماء والشعارات واليافطات.
وليس لمسلم أن يوالي على طائفة أو تجمع، أو يعادي عليها، أو يرى أن الحق ما جاء عن طائفته، والباطل في غيرها.
وماذا نُرِيد نحن السلفيّون ؟
بعد أن تعرفنا على أهم معالم السلفية ، ومن هم السلفيون ، السؤال الذي يطرح نفسه ماذا يريدون ؟
ماذا نريد نحن السلفيون ؟
اختصر ما نُريدُ الربيعُ بن عامر عندما ذهب إلى رستم قائد الفرس ، وقد وجه له هذا السؤال ما الذي جاء بكم إلى ها هنا ؟
فأجاب الربيع فقال الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة .
فهذا هو الذي يريده السلفيون من الناس جميعاً العرب منهم والعجم ، الأبيض منهم والأسود .
وهي وظيفة الأنبياء في الأرض تعبيد الناس لله رب العالمين ، ونشر العدل بين الناس ، وذلك بتحكيم شرع رب العالمين .
منهجنا في ذلك :
رسمه لنا القرآن فقال تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وقال تعالى(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ( .
ندعوا الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ونُبشر ونُنُذر ونُرَّهب ونُرَّغب وما لنا سلطان على أحد إلا كما قال الله تعالى لرسوله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (48).
إننا مأمورون بالهِدَايَةِ التبلِّيغّيةِ الإرشاديةِ فقط ، أي نبلغ الناس وندعوهم ، ونبين لهم الحق ، نبين لهم طريق الرشاد، ونبين لهم الحلال والحرام ، ونبين لهم السنة من البدعة، والهدى من الضلالة، وما أمرهم الله به ، وما نهاهم الله عنه، ونريد لهم سعادة الدنيا والآخرة .
ومنهجنا في ذلك قال سبحانه وتعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)
أما الهدايةُ التوفيقيةُ ، فهي ليست لنا ، ولا نُسأَلُ عنها، ولم نُؤمَرْ بها، ولا نَمْلُكْها نحن، فهي بيد الله سبحانه وتعالى .
كما قال تعالى (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)
وقال سبحانه وتعالى )مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا( .
قال الله تعالى لنبيه )إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ( .
وقال سبحانه ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)
وقال الله تعالى ( لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
وبعد بذل هذا المجهود كله في دعوة الناس جميعاً مسلمين ويهوداً ونصارى ومشركين فلا نلزم أحد باتباع الحق ولا نُجبرهم على ذلك لأننا نسير بأوامر القرآن ونهتدي بهدية ونسير على خطى خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم.
فقد قال الله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
ولقد قال الله لرسوله (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ).
هذا هو منْهجنا في الدعوة إلى الله ، وهذه هي طريقتنا ، وهذا هو عملنا ، وهذا هو الذي نريده من الناس .
فدعوتنا هي دعوة الأنبياء ، ورسالتنا هي رسالة الأنبياء ، وعلى خطى الحبيب محمد نسير ، وعلى طريقة الصحابة رضوان الله عليهم نعمل ونلتزم ونهتدي .
أبعد هذا كله يُصدق عنَّا ما يُزاع في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية الأفَّاقُة الكذّابة المخادِّعة ، أننا نقيم الحدود ونقطع الأذان ، ونرمي ماء النار على المتبرجات ، ونهدم الأضرحة ، ونكره الناس على الإلتزام والهداية والإستقامة .
قال تعالى ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) . فحسبنا الله ونعم الوكيل .
ومع ذلك ندعو الله تعالى أن يغفر لهم وأن يهديهم إلى سواء السبيل .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .