تخيل أنك تقوم من النوم كل صباح وتذهب إلى السوبر ماركت لتشترى بعض احتياجاتك، فيجبرك البائع على دفع الأموال أولاً قبل أن تحصل على أى شيء وحينما تدفع ما يطلبه، فلا يعطيك شيئًا، فتمشى متحسرًا كسيرًا، ولا تقف هذه الحالة العبثية عند وقوعها مرة والسلام، بل يتكرر هذا الأمر كل صباح، تريد شيئًا وتدفع ثمنه ثم لا تحصل على هذا الشىء.
هذا "بالظبط" ما يحدث الآن، أنت وأنا وكل المصريين ندفع من أقواتنا وأموالنا وضرائبنا رواتب ضباط الشرطة ورجال الأمن، هم لا يجبروننا على ذلك، نحن نقوم بذلك بكامل رضانا، نظير حمايتنا وتأمين حياتنا، لكن على ما يبدو أن رجال الشرطة فى بلدنا لا يعرفون أن "الضابط" مهنة وليست لقب، وأن صاحبها مطالب بأشياء عديدة ليس من بينها تلميع الحذاء وضبط النظارة الشمسية على الوجه وتصفيف الشعر على طريقة الـ "سبايكى" والاضطجاع على الكرسى حاططًا رجلاً على رجل، والاستغناء على كل وسائل الاتصال مع الناس باستثناء إشارات أصابعه الناعمة.
الحادثة تلى الأخرى ورد الفعل واحد، المصيبة تعقبها مصائب، والتصرف لا يتغير، مشاجرة بين اثنين، نشوب صراع بين عائلتين، سرقة بالإكراه، اقتحام مستشفى أو محل أو بيت، فرض "إتاوة" على البائعين وأصحاب المحلات، سير عكس الاتجاه، خطف فتيات واغتصابهن، إشهار سلاح فى الشوارع، تحرش جنسى فى وضح النهار، كل هذا والشرطة كالعادة "تتفرج" والجملة الوحيدة التى تسمعها الشرطة جت ومعملتش حاجة، أو الشرطة مرضيتش تيجى، وفى أحيان أخرى ترفض حتى استلام الاستغاثة من الأساس، ولا أحد يعرف من الذى حجز لهم مقاعدًا فى مدرجات المتفرجين، أومن الذى أوعز إليهم أن شغلتهم على المدفع "بروروم".
كل يوم تقريبًا نسمع عن حادثة مشابهة؛ لكن ما حدث يوم الاثنين الماضى كان كارثة بكل المقاييس، والقصة باختصار هى أن مئات البلطجية اقتحموا مستشفى المطرية التعليمى و"جابو عاليها واطيها" باحثين عن مصاب قتل زميلهم، وفى طريق بحثهم أصابوا طبيبا وروعوا مئات المرضى الذين اضطروا للهروب مما لاقوه، وكسروا الأبواب، وأطلقوا العديد من طلقات الرصاص لإرهاب أهالى المنطقة، وبعد أربع ساعات من البحث والتنقيب عن المصاب القاتل، عثروا عليه، فما كان منهم إلا أن انهالوا عليه ضربا وطعنا، ومثلوا بجثته على مرأى ومسمع من الناس، ومشوا شاهرين أسلحتهم فى موكب بلطجة بعد أن أخذوا جثة زميلهم المقتول "بسريره" وحملوها على عربية نقل ومضوا فى حال سبيلهم.
كل هذا موجود فى فيديو على "اليوتيوب" ويغنيك الفيديو عن السؤال المرير:أين الشرطة؟، لأنه سيدلك دون سؤال: كانوا واقفين على بعد أمتار قليلة من مكان وقوع الجريمة، ولا أبالغ إذا قلت أن "طرطشة" دم المتوفى نالت ملابسهم، مكتفين بدور المتفرج، شاهدوا وسكتوا، ولم يخجلوا من لباسهم الميري، ولم يستشعروا بالخزى والعار والحنث القسم الذى أقسموه عازمين على الحفاظ على الأمن والأمان، وائل طاحون رئيس مباحث قسم المطرية ومعاونه ورجاله كانوا حاضرين فى المستشفى ليتفرجوا على المذبحة، وحينما سألهم أحد زملائنا الصحفيين عن الواقعة أنكرها سعادة رئيس المباحث، وقال إنها لم تتعد مشاجرة بين اثنين، لكن شهادات الناس والتوثيق بالصوت والصورة فضح هذا الكذب البين.
كل هذا فى جانب وتصرف المستشفى فى جانب آخر، فإدارة المستشفى "مضطرة" أغلقت أبوابها، ورفضت استقبال المصابين وحالات الطوارئ تجبنًا لوقوع أعمال بلطجة أخرى، وكان من بين الحالات التى رفضت المستشفى استقبالها سيدة حامل توفى الجنين فى بطنها، ولما لم تجد من يسعفها ماتت هى ومن فى بطنها، هذا خلاف عشرات الحالات الأخرى التى لا يعلم مصيرها إلا الله.
إذن نحن أمام ضحايا أبرياء يموتون والسبب نعلمه جيدًا، قليلة هى الكلمات التى يمكن وصف جرائم تخاذل الشرطة بها، فالتخاذل والإهمال والتقاعس عن أداء الواجب حينما يسفر عن ضحايا يصبح جريمة يجب أن ينال مرتكبيها محاكمة عادلة، ولا أقل من تعويض مادى ومعنوى واعتذار علنى من وزارة الداخلية لأهالى الضحايا الأبرياء، عما اقترفوه من جرائم فى حق هذا الشعب الذى استأمنهم على حياته واستقطع من قوته ليدفع مرتباتهم، ولو كنت مكان رجال الشرطة لانتهزت الفرصة للتكفير عن ذنوب الماضى التى نعملها جيدًا، وبذلت كل ما فى وسعى لمحاربة البلطجة والبلطجية واستعادة الأمن الأمان لأزيل صورة الضابط المتجبر الذى لا يرحم ولا يترك رحمة الله تعم على العالمين.
لست من أنصار معاداة الشرطة ورجالها خاصة فى دولة يحكمها القانون ويحفظ حقوق أبنائها، وأتمنى من كل قلبى أن يسارع رجال الشرطة الشرفاء فى أن يستثمروا فترة احتياج الناس إليهم، ليصالحوهم ويثبتوا أن من بينهم شرفاء يحمون الوطن ويحافظون على حرماته، كما أتمنى استثمار فترة انتشار البلطجة فى مصر ليتم تطهير البلد من كل موبقاتها، ومحو الصورة السلبية التى ترسخت فى أذهان الجميع عن ضابط الشرطة الذى كان صورة رسمية للبلطجة.
لم تعدم مصر من أبنائها الشرفاء، سواءً فى داخل الجهاز الشرطى أو من خارجه، والحلول ليست مستعصية على من صنعوا المستحيل وأزاحوا "مبارك" بكل طغيانه، وأخشى فى نهاية المطاف أن يفقد الناس الثقة فى الشرطة إلى الأبد، وما يقلقنى أن هذا الشعور بدأ فى التنامى مؤخرًا، خاصة أن الكثيرين من شباب الثورة شعروا أن أتباع حبيب العادلى فى الوزارة يكيدون لهم كيدا، وأن مسلسل الانهيار الأمنى بدأ فى الازدياد مع محاكمة "مبارك" ورجاله واقتراب ما يطلق عليه زبانيته "يوم رد الجميل" كل هذا لتحقيق هدف واضح وصريح، وهو أن تكره الناس الثورة، مستغلين حالة المغالطة الشائعة وهى أن الثورة تسببت فى الفوضى، وهذا بالطبع ما يثير السخرية والألم فى آنٍ، لأن ما تسبب فى هذه الحوادث التى لم تصل أبدًا إلى ما يسمى بـ"الفوضى" جاء بعد هروب رجال الشرطة من مواقعهم ، كما أن ثوار مصر لم يمنعوا رجال الشرطة من أداء واجبهم بل على العكس ساعدوهم ودعوا الناس إلى الالتفاف حولهم، ولقطع الطريق على كل هذه الادعاءات الفارغة، هناك حل أخير أقترحه إذا لم تعد الشرطة إلى مواقعها وتقوم بواجبها وهو أن يقوم الشباب الذى لا يخاف فى حب مصر لومة لائم بتشكيل لجانًا شعبية للدفاع عن مؤسسات البلد ضد البلطجية، ومن الجائز أن تتطور هذه اللجان التى ستضم فيما بينها خريجى الحقوق والتربية الرياضية لتصبح "شرطة شعبية" ينتفى بوجودها ما يسمى بالشرطة الرسمية، التى أصحبت ترعى البلطجة، ولا تراعى الوطن، فرصة أخيرة وحل لا أتمنى أن يتحقق، والأمر كله بيد وزارة الداخلية وضباط مصر الشرفاء الذين نتمسك بوجودهم على أن يقوموا بواجبهم، لا أن يصبحوا "عالة" على المجتمع وعبئًا على أبنائه.
هذا "بالظبط" ما يحدث الآن، أنت وأنا وكل المصريين ندفع من أقواتنا وأموالنا وضرائبنا رواتب ضباط الشرطة ورجال الأمن، هم لا يجبروننا على ذلك، نحن نقوم بذلك بكامل رضانا، نظير حمايتنا وتأمين حياتنا، لكن على ما يبدو أن رجال الشرطة فى بلدنا لا يعرفون أن "الضابط" مهنة وليست لقب، وأن صاحبها مطالب بأشياء عديدة ليس من بينها تلميع الحذاء وضبط النظارة الشمسية على الوجه وتصفيف الشعر على طريقة الـ "سبايكى" والاضطجاع على الكرسى حاططًا رجلاً على رجل، والاستغناء على كل وسائل الاتصال مع الناس باستثناء إشارات أصابعه الناعمة.
الحادثة تلى الأخرى ورد الفعل واحد، المصيبة تعقبها مصائب، والتصرف لا يتغير، مشاجرة بين اثنين، نشوب صراع بين عائلتين، سرقة بالإكراه، اقتحام مستشفى أو محل أو بيت، فرض "إتاوة" على البائعين وأصحاب المحلات، سير عكس الاتجاه، خطف فتيات واغتصابهن، إشهار سلاح فى الشوارع، تحرش جنسى فى وضح النهار، كل هذا والشرطة كالعادة "تتفرج" والجملة الوحيدة التى تسمعها الشرطة جت ومعملتش حاجة، أو الشرطة مرضيتش تيجى، وفى أحيان أخرى ترفض حتى استلام الاستغاثة من الأساس، ولا أحد يعرف من الذى حجز لهم مقاعدًا فى مدرجات المتفرجين، أومن الذى أوعز إليهم أن شغلتهم على المدفع "بروروم".
كل يوم تقريبًا نسمع عن حادثة مشابهة؛ لكن ما حدث يوم الاثنين الماضى كان كارثة بكل المقاييس، والقصة باختصار هى أن مئات البلطجية اقتحموا مستشفى المطرية التعليمى و"جابو عاليها واطيها" باحثين عن مصاب قتل زميلهم، وفى طريق بحثهم أصابوا طبيبا وروعوا مئات المرضى الذين اضطروا للهروب مما لاقوه، وكسروا الأبواب، وأطلقوا العديد من طلقات الرصاص لإرهاب أهالى المنطقة، وبعد أربع ساعات من البحث والتنقيب عن المصاب القاتل، عثروا عليه، فما كان منهم إلا أن انهالوا عليه ضربا وطعنا، ومثلوا بجثته على مرأى ومسمع من الناس، ومشوا شاهرين أسلحتهم فى موكب بلطجة بعد أن أخذوا جثة زميلهم المقتول "بسريره" وحملوها على عربية نقل ومضوا فى حال سبيلهم.
كل هذا موجود فى فيديو على "اليوتيوب" ويغنيك الفيديو عن السؤال المرير:أين الشرطة؟، لأنه سيدلك دون سؤال: كانوا واقفين على بعد أمتار قليلة من مكان وقوع الجريمة، ولا أبالغ إذا قلت أن "طرطشة" دم المتوفى نالت ملابسهم، مكتفين بدور المتفرج، شاهدوا وسكتوا، ولم يخجلوا من لباسهم الميري، ولم يستشعروا بالخزى والعار والحنث القسم الذى أقسموه عازمين على الحفاظ على الأمن والأمان، وائل طاحون رئيس مباحث قسم المطرية ومعاونه ورجاله كانوا حاضرين فى المستشفى ليتفرجوا على المذبحة، وحينما سألهم أحد زملائنا الصحفيين عن الواقعة أنكرها سعادة رئيس المباحث، وقال إنها لم تتعد مشاجرة بين اثنين، لكن شهادات الناس والتوثيق بالصوت والصورة فضح هذا الكذب البين.
كل هذا فى جانب وتصرف المستشفى فى جانب آخر، فإدارة المستشفى "مضطرة" أغلقت أبوابها، ورفضت استقبال المصابين وحالات الطوارئ تجبنًا لوقوع أعمال بلطجة أخرى، وكان من بين الحالات التى رفضت المستشفى استقبالها سيدة حامل توفى الجنين فى بطنها، ولما لم تجد من يسعفها ماتت هى ومن فى بطنها، هذا خلاف عشرات الحالات الأخرى التى لا يعلم مصيرها إلا الله.
إذن نحن أمام ضحايا أبرياء يموتون والسبب نعلمه جيدًا، قليلة هى الكلمات التى يمكن وصف جرائم تخاذل الشرطة بها، فالتخاذل والإهمال والتقاعس عن أداء الواجب حينما يسفر عن ضحايا يصبح جريمة يجب أن ينال مرتكبيها محاكمة عادلة، ولا أقل من تعويض مادى ومعنوى واعتذار علنى من وزارة الداخلية لأهالى الضحايا الأبرياء، عما اقترفوه من جرائم فى حق هذا الشعب الذى استأمنهم على حياته واستقطع من قوته ليدفع مرتباتهم، ولو كنت مكان رجال الشرطة لانتهزت الفرصة للتكفير عن ذنوب الماضى التى نعملها جيدًا، وبذلت كل ما فى وسعى لمحاربة البلطجة والبلطجية واستعادة الأمن الأمان لأزيل صورة الضابط المتجبر الذى لا يرحم ولا يترك رحمة الله تعم على العالمين.
لست من أنصار معاداة الشرطة ورجالها خاصة فى دولة يحكمها القانون ويحفظ حقوق أبنائها، وأتمنى من كل قلبى أن يسارع رجال الشرطة الشرفاء فى أن يستثمروا فترة احتياج الناس إليهم، ليصالحوهم ويثبتوا أن من بينهم شرفاء يحمون الوطن ويحافظون على حرماته، كما أتمنى استثمار فترة انتشار البلطجة فى مصر ليتم تطهير البلد من كل موبقاتها، ومحو الصورة السلبية التى ترسخت فى أذهان الجميع عن ضابط الشرطة الذى كان صورة رسمية للبلطجة.
لم تعدم مصر من أبنائها الشرفاء، سواءً فى داخل الجهاز الشرطى أو من خارجه، والحلول ليست مستعصية على من صنعوا المستحيل وأزاحوا "مبارك" بكل طغيانه، وأخشى فى نهاية المطاف أن يفقد الناس الثقة فى الشرطة إلى الأبد، وما يقلقنى أن هذا الشعور بدأ فى التنامى مؤخرًا، خاصة أن الكثيرين من شباب الثورة شعروا أن أتباع حبيب العادلى فى الوزارة يكيدون لهم كيدا، وأن مسلسل الانهيار الأمنى بدأ فى الازدياد مع محاكمة "مبارك" ورجاله واقتراب ما يطلق عليه زبانيته "يوم رد الجميل" كل هذا لتحقيق هدف واضح وصريح، وهو أن تكره الناس الثورة، مستغلين حالة المغالطة الشائعة وهى أن الثورة تسببت فى الفوضى، وهذا بالطبع ما يثير السخرية والألم فى آنٍ، لأن ما تسبب فى هذه الحوادث التى لم تصل أبدًا إلى ما يسمى بـ"الفوضى" جاء بعد هروب رجال الشرطة من مواقعهم ، كما أن ثوار مصر لم يمنعوا رجال الشرطة من أداء واجبهم بل على العكس ساعدوهم ودعوا الناس إلى الالتفاف حولهم، ولقطع الطريق على كل هذه الادعاءات الفارغة، هناك حل أخير أقترحه إذا لم تعد الشرطة إلى مواقعها وتقوم بواجبها وهو أن يقوم الشباب الذى لا يخاف فى حب مصر لومة لائم بتشكيل لجانًا شعبية للدفاع عن مؤسسات البلد ضد البلطجية، ومن الجائز أن تتطور هذه اللجان التى ستضم فيما بينها خريجى الحقوق والتربية الرياضية لتصبح "شرطة شعبية" ينتفى بوجودها ما يسمى بالشرطة الرسمية، التى أصحبت ترعى البلطجة، ولا تراعى الوطن، فرصة أخيرة وحل لا أتمنى أن يتحقق، والأمر كله بيد وزارة الداخلية وضباط مصر الشرفاء الذين نتمسك بوجودهم على أن يقوموا بواجبهم، لا أن يصبحوا "عالة" على المجتمع وعبئًا على أبنائه.