إذا أردتَ أن تتكلَّم، قالوا لك: مَن أنت؟ كما قال القذافى لشعبه: من أنتم؟
وإذا أردتَ أن تنصح رجلا مشهور، قالوا: كيف لمغمور مثلك، أن ينصح مشهورا مثله؟
وإذا أردتَ أن توجِّه ذا سابقة قالوا: هذا قدَّم وبذل وأعطى وجاهد. ونسوا: أن ليس الخير فيمن سبق، ولكن الخير فيمن صدق. وأن السابقة لا تعنى العصمة.
وإذا أردتَ أن تنقد رجلا كبيرا، قالوا: كيف تنصحه، ولستَ فى مثل سنه؟ وتجاهلوا أن المرء بأصغريه.
دخلت وفود المهنئين على عمر بن عبد العزيز فى أول ولايته، من كلِّ جهة وفد، فتقدَّم من وفد الحجازيين غلام صغير للكلام، فقال له عمر: ارجع أنت، وليتقدَّم مَن هو أسن منك. فقال الغلام: أيَّد الله أمير المؤمنين، المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، فإذا منح الله العبد لسانا لافظا، وقلبا حافظا، فقد استحقَّ الكلام، ولو أن الأمر - يا أمير المؤمنين - بالسنِّ لكان فى الأمة مَن هو أحقُّ منك بمجلسك هذا. فتعجَّب عمر من كلامه وأنشد يقول:
تعلَّم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمَن هو جاهل
فإن كبير القوم لا علم عنده صغير إذا التفت عليه المحافل
وإن صغير القوم والعلم عنده كبير إذا ردَّت إليه المسائل
هل لا بد للناصح من فصاحة إسماعيل، وفهم سليمان، وحكمة لقمان، وعلم محمد عليه الصلاة والسلام، حتى تقبل نصيحته، أو يسمع قوله؟! ولا يقال له: من أنت؟
أنا إنسان، قطعا أكبر من الهدهد، ويقينا أنصح من هو دون سيدنا سليمان، وقد قال الهدهد لسليمان: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} [النمل:22]. والهدهد هو الهدهد، وسليمان هو سليمان.
أنا إنسان ناصح، البون بينى وبين من أنصحه أقل مما بين الحباب بن المنذر ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الحباب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أمنزل أنزلكه الله، أم هو الحرب والرأى والمكيدة؟ ... ليس هذا بالمنزل.
أنا إنسان خلقه الرحمن، وعلمه البيان.
أنا إنسان جعل الله لى عينين، ولسانا وشفتين، وهدانى النجدين.
أنا إنسان وهبنى الله عقلا أفكِّر به، وقلبا أشعر به، ورؤية أوازن بها بين الأمور.
لستُ بحاجة لأن أتنازل عن رأيى لأن فلانا من الناس لا يقول به.
ولستُ بحاجة إلى أن أؤمن مجاملة على كلام لا أراه صوابا.
ولستُ بحاجة إلى أن أتبع اسمى بأوصاف كثيرة، حتى لو كانت كلُّها حقيقية.
ولستُ بحاحة إلى أن استعير من الأوصاف ما ليس لى لأغرى مَن يسمعنى أو يقرأ لى بالاقتناع بكلامى.
قدَم أحد الأساتذة المعروفين ورقة، واتبع اسمه بخمسة أوصاف حقيقية له، مستشار كذا، ورئيس كذا، وأمين كذا، وعضو كذا، وأستاذ كذا. قلتُ له: أنت رجل معروف، ولست بحاجة لكلِّ هذه الأوصاف لتعرف بنفسك، يكفيك أحب هذه الأوصاف إلى قلبك، ولو وضعت اسمك من غير وصف فهو كافٍ. فاستجاب مشكورا.
من الناس مَن لا يكاد يسمع لك أو يقتنع بما تقول، حتى تُجلب عليه بخيلك ورجلك، بمثل هذه الأوصاف الحقيقة أو المكذوبة.
والله تعالى يقول: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ} [البقرة:206].
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "الكلمة الحكمة ضالة المؤمن، فأنى وجدها فهو أحق بها".
وعمر بن الخطاب يقول: كل الناس أفقه من عمر؟!
وعلى بن أبى طالب يقول: لا تعرف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله.
والشاعر العربى يقول:
قل لمَن يدعى فى العلم معرفة علمتَ شيئا وغابت عنك أشياء
وإذا أردتَ أن تنصح رجلا مشهور، قالوا: كيف لمغمور مثلك، أن ينصح مشهورا مثله؟
وإذا أردتَ أن توجِّه ذا سابقة قالوا: هذا قدَّم وبذل وأعطى وجاهد. ونسوا: أن ليس الخير فيمن سبق، ولكن الخير فيمن صدق. وأن السابقة لا تعنى العصمة.
وإذا أردتَ أن تنقد رجلا كبيرا، قالوا: كيف تنصحه، ولستَ فى مثل سنه؟ وتجاهلوا أن المرء بأصغريه.
دخلت وفود المهنئين على عمر بن عبد العزيز فى أول ولايته، من كلِّ جهة وفد، فتقدَّم من وفد الحجازيين غلام صغير للكلام، فقال له عمر: ارجع أنت، وليتقدَّم مَن هو أسن منك. فقال الغلام: أيَّد الله أمير المؤمنين، المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، فإذا منح الله العبد لسانا لافظا، وقلبا حافظا، فقد استحقَّ الكلام، ولو أن الأمر - يا أمير المؤمنين - بالسنِّ لكان فى الأمة مَن هو أحقُّ منك بمجلسك هذا. فتعجَّب عمر من كلامه وأنشد يقول:
تعلَّم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمَن هو جاهل
فإن كبير القوم لا علم عنده صغير إذا التفت عليه المحافل
وإن صغير القوم والعلم عنده كبير إذا ردَّت إليه المسائل
هل لا بد للناصح من فصاحة إسماعيل، وفهم سليمان، وحكمة لقمان، وعلم محمد عليه الصلاة والسلام، حتى تقبل نصيحته، أو يسمع قوله؟! ولا يقال له: من أنت؟
أنا إنسان، قطعا أكبر من الهدهد، ويقينا أنصح من هو دون سيدنا سليمان، وقد قال الهدهد لسليمان: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} [النمل:22]. والهدهد هو الهدهد، وسليمان هو سليمان.
أنا إنسان ناصح، البون بينى وبين من أنصحه أقل مما بين الحباب بن المنذر ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الحباب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أمنزل أنزلكه الله، أم هو الحرب والرأى والمكيدة؟ ... ليس هذا بالمنزل.
أنا إنسان خلقه الرحمن، وعلمه البيان.
أنا إنسان جعل الله لى عينين، ولسانا وشفتين، وهدانى النجدين.
أنا إنسان وهبنى الله عقلا أفكِّر به، وقلبا أشعر به، ورؤية أوازن بها بين الأمور.
لستُ بحاجة لأن أتنازل عن رأيى لأن فلانا من الناس لا يقول به.
ولستُ بحاجة إلى أن أؤمن مجاملة على كلام لا أراه صوابا.
ولستُ بحاجة إلى أن أتبع اسمى بأوصاف كثيرة، حتى لو كانت كلُّها حقيقية.
ولستُ بحاحة إلى أن استعير من الأوصاف ما ليس لى لأغرى مَن يسمعنى أو يقرأ لى بالاقتناع بكلامى.
قدَم أحد الأساتذة المعروفين ورقة، واتبع اسمه بخمسة أوصاف حقيقية له، مستشار كذا، ورئيس كذا، وأمين كذا، وعضو كذا، وأستاذ كذا. قلتُ له: أنت رجل معروف، ولست بحاجة لكلِّ هذه الأوصاف لتعرف بنفسك، يكفيك أحب هذه الأوصاف إلى قلبك، ولو وضعت اسمك من غير وصف فهو كافٍ. فاستجاب مشكورا.
من الناس مَن لا يكاد يسمع لك أو يقتنع بما تقول، حتى تُجلب عليه بخيلك ورجلك، بمثل هذه الأوصاف الحقيقة أو المكذوبة.
والله تعالى يقول: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ} [البقرة:206].
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "الكلمة الحكمة ضالة المؤمن، فأنى وجدها فهو أحق بها".
وعمر بن الخطاب يقول: كل الناس أفقه من عمر؟!
وعلى بن أبى طالب يقول: لا تعرف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله.
والشاعر العربى يقول:
قل لمَن يدعى فى العلم معرفة علمتَ شيئا وغابت عنك أشياء