الإعلام الإسلامي إعلام متميز، يستمد صفاته وخصائصه
من تعاليم الإسلام ومن منهج الدعوة فيه، وبعبارة أخرى فإن خصائص الإعلام
الإسلامي يمكن استنتاجها من خصائص “الكلمة” كما يرتضيها الإسلام..
وهذه الخصائص هي:
أولا: الصـدق:
الصدق هو لسان الحق، وكما نعلم فإن المسلم مأمور بتحري الصدق في النية والقول والعمل.
والصدق قي القول هو قوام الاتصال والتعامل والتعارف والتناصح في المجتمع
المسلم، وقد نهى الإسلام عن الكذب بكل صوره وأشكاله ـ قال تعالى:
(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (النحل:105)، وقال سبحانه: (فاجْتَنِبُوا
الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (الحج:30) ـ
وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ
الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) .
ولما كان الإعلام في كل صوره يقوم على الكلمة فلابد أن تكون الكلمة
الإعلامية في المجتمع المسلم هي الصدق كل الصدق ـ أي لابد أن تكون صادقة
المنبت نابعة عن رؤية إسلامية صادقة صحيحة، وبحيث تهدف إلى تحقيق الخير
والنفع للمسلمين.. وحين نأتي إلى مجال التطبيق الإعلامي ـ فإن صفة الصدق
في الإعلام تستلزم ما يلي:
- صدق الخبر:
وهو ما يعني الالتزام بالحقيقة المجردة بغير زيادة ولا نقصان، فالخبر في
الإعلام الإسلامي ينبغي أن يكون مرآة صادقة للواقع المجرد،وقد أمرنا
القرآن الكريم أن نتيقن ونتبين صدق الخبر حتى لا تختلط الأمور ويصبح
المجتمع الإسلامي نهبا للشكوك والشائعات وهما أساس كل فتنة، قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6) .
- صدق الصياغة:
من المألوف إعلاميا أن نجد الخبر الواحد وقد صيغ في عدة صياغات تتسم
بإيحاءات تختلف حسب وجهة نظر المصدر الإعلامي وموقفه من الحدث الذي يعبر
عنه الخبر.
والإعلام الإسلامي في صياغته للخبر ملتزم بأمانة الكلمة في الإسلام، فلا
يعمد إلى ما يعمد إلى ما يعمد إليه غيره من التهويل أو استخدام أسلوب
الإثارة أو الإيحاء بغير الحقيقة المجردة .
والصياغة الإسلامية للخبر ينبغي أن تتسم بصفتين:
1ـ ذكر الحقيقة كاملة مجردة بغير زيادة ولا نقصان.
2ـ تحقيق وجهة النظر الإسلامية في صياغة الخبر.
بمعنى أن يصاغ الخبر في صيغة تعين المسلم على اتخاذ الموقف الصحيح من الحدث الذي يعبر عنه الخبر.
· صدق المقصد:
يتميز الإعلام الإسلامي بأنه الإعلام الهادف إلى تحقيق الخير للمجتمع
الإنساني عامة وللمجتمع الإسلامي خاصة؛ ولذلك فإن “المادة الإعلامية” فيه
لابد وأن تكون هادفة إلى تحقيق غاية إنسانية صالحة لا أن تكون مجرد عرض
لفكر قد يحمل في طياته أضرارا ظاهرة أو خفية، ولا أن تكون مجرد “لغو” لا
ينفع ولا يضر.
وقد أرسى القرآن الكريم مبدأ أمانة الكلمة في قوله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً
سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
(الأحزاب:70،71)
والقول السديد هو ذلك القول الذي يتوفر له جانبا الصدق والخير معا . وسداد
القول يحتم التفكر والتعقل والروية قبل إصدار القول، إلى جانب أن يكون
القول صادرا عن صدق وإيمان.
وقد جاء في خطبة للإمام على كرم الله وجهه: ” .. وإن لسان المؤمن وراء
قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه، لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام
تدبره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه، وإن كان شرا واراه، وإن المنافق يتكلم
بما أتى على لسانه لا يدري ماذا له وماذا عليه”.
وهكذا نجد أن صدق المقصد يمثل ركيزة من ركائز نقاء الإعلام الإسلامي
وتساميه وترفعه عن اللغو والعبث، إلى جانب أنه يمثل سياج حماية للمادة
الإعلامية من كل ما يضر بفكر المجتمع المسلم.
- صدق الحكم :
من أهداف الإعلام الكبرى تزويد الناس بالمعلومات والأخبار التي تعينهم على
تكوين رأي صائب ومنهج سوي في كل مجالات حياتهم ولما كان المجتمع الإسلامي
يقوم على دعائم الحق في كل أركان بنائه فإن الإعلام فيه ينبغي أن يكون
إعلاما متحررا من أهواء وشبهات التضليل.. بمعنى أن يكون إعلاما نزيها في
حكمه على الأمور وتقديره لها
وإذا كان الإعلام في مجتمعات الغرب الرأسمالي يخضع لسطوة رأس المال ومراكز
النفوذ ويوجه إلى الاتجاه الذي يخدم أهداف الممولين،وإذا كان الإعلام في
المجتمعات الشيوعية يمثل بوق دعاية للنظام السياسي والمذهب الاقتصادي
القائم فيها، فإن الإعلام الإسلامي لا يخضع ـ ولا ينبغي ـ لنظام أو مذهب
سياسي معين، ذلك أن من حق المسلم على المسلم أن يصدقه القول والحكم
والنصيحة، فكيف برجل الإعلام المسلم أو جهاز الإعلام الإسلامي إذ يخاطب
ملايين المسلمين؟!
وقصارى القول أن الإعلام في المجتمع المسلم مطالب دائما بصدق الحكم على
الأمور بميزان الرؤية الإسلامية النزيهة الصحيحة بغير ميل أو تحيز إلى
نظام أو مذهب معين.
ثانيـا: الواقعية:
وواقعية الإعلام الإسلامي لا نعني بها مدلول الواقعية الشائع من الخضوع
لواقع ومسايرته، فواقعية الإعلام الإسلامي لا تعني أنه يخضع لواقع المجتمع
فيسايره أو يخضع لواقع العصر فيصطبغ بصبغته، وإنما نعني بها هنا تلك
الواقعية المستمدة من موافقة المنهج للفطرة البشرية وللحياة الإنسانية على
وجه العموم.. وواقعية الإعلام الإسلامي تتمثل في شقين:
1. واقعية منهجية.
2. واقعية تطبيقية .
1 ـ الواقعية المنهجية:
وهي تعني موافقة وملاءمة المنهج الإسلامي للإعلام للفطرة البشرية واتساق
هذا المنهج مع المنهج الإسلامي العام في بناء الحياة البشرية الصالحة في
كل جوانبها.. ويتضح ذلك من خلال الأسس الثلاثة التي يقوم عليها الإعلام
الإسلامي وهي:
· الدعوة إلى الخير .
· الأمر بالمعروف.
· النهي عن المنكر.
وكما نرى فإن هذه الأسس الثلاثة تؤكد اتصال المنهج الإسلامي للإعلام بمنهج
الدعوة العام فلا انفصال بينهما. ثم إن الإسلام قد كفل للكلمة الإعلامية
المسلمة عامل التأثير وعنصر الاستجابة من خلال التزامه بمنج الحكمة
والموعظة الحسنة، وهو أساس المنهج التطبيقي العام للدعوة الإسلامية في كل
جوانبها .
وينبغي أن نتوقف هنا لنقرر أن الواقعية التطبيقية للإعلام الإسلامي تقوم على عنصرين أساسيين:
·
الكلمة الطيبة
منج الحكمة
والموعظة الحسنة
ذلك أن الفطرة البشرية بطبيعتها ومهما بلغ بها الانحراف لا تستطيع أن تنكر الكلمة الطيبة حتى وإن لم تستجب لها.
ثالثا: الشمولية:
يكتسب الإعلام الإسلامي صفة الشمولية من كونه “إعلاما إسلاميا” فلما كان
الإسلام هو دين الله عز وجل الذي رضيه للناس كافة فإن الإعلام الإسلامي
يجب أن يرقى إلى هذه الدرجة من الشمولية بمعنى أن يكون قادرا على مخاطبة
الناس كافة وعلى التأثير فيهم.
كما أن شمولية الإعلام الإسلامي تتأكد من خلال التزامه بالمنهج الإسلامي
العام والذي تتكامل فيه شتى الجوانب التي تلبي حاجات الحياة الإنسانية
الصالحة للبشرية جمعاء.
ثم تأتي بعد ذلك “شمولية الأداء” وهي صفة ينفرد بها هذا الإعلام الإسلامي
دون غيره . ذلك أن المسلم الفرد في المجتمع الإسلامي يستطيع القيام بدور
إعلامي مفيد سواء داخل مجتمعه أو خارج نطاق المجتمع .
وغني عن البيان والتفصيل ما قام به تجار المسلمين قديما من الإسهام في نشر
الإسلام في الهند وأفريقيا وأقصى بقاع الأرض من خلال عمليات إعلامية فردية
بوسيلة الاتصال الشخصي والدعوة القدوة .
ولا يفوتنا أيضا أن نذكر هنا أن المجتمع الإسلامي بطبيعة تكوينه هو مجتمع
إعلامي وذلك بما يحتمه الإسلام على أتباعه من التواد والتراجم والتناصح
بين المسلمين.
رابعا: الثبـات والمرونة:
نعني بصفة الثبات هنا ثبات الأسس والمبادئ التي يقوم عليها الإعلام الإسلامي، وكذلك ثبات غاياته وأهدافه في كل زمان ومكان.
أما مرونة الإعلام الإسلامي فهي تعني قدرة الفكر الإعلامي الإسلامي على
مواكبة وتقوم كل تطور أو تغير يحدث في محيط الحياة البشرية، وكذلك توجيه
كل نشاط بشري إلى الوجهة الصالحة الصحيحة.
وينبغي في هذا المقام أن نذكر أن الفكر الإسلامي منبع فياض لكل فكر إنساني
يهدف إلى بناء وتطوير الحياة الإنسانية وهو ما يحقق عامل المرونة في مصادر
الإعلام الإسلامي، ولا يبقى بعد ذلك سوى تحقيق المرونة في استخدام الوسائل
والفنون الإعلامية المتطورة لكي يبلغ تأثير الإعلام الإسلام غايته المرجوة
سواء داخل المجتمعات الإسلامية أو خارجها.
من تعاليم الإسلام ومن منهج الدعوة فيه، وبعبارة أخرى فإن خصائص الإعلام
الإسلامي يمكن استنتاجها من خصائص “الكلمة” كما يرتضيها الإسلام..
وهذه الخصائص هي:
أولا: الصـدق:
الصدق هو لسان الحق، وكما نعلم فإن المسلم مأمور بتحري الصدق في النية والقول والعمل.
والصدق قي القول هو قوام الاتصال والتعامل والتعارف والتناصح في المجتمع
المسلم، وقد نهى الإسلام عن الكذب بكل صوره وأشكاله ـ قال تعالى:
(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (النحل:105)، وقال سبحانه: (فاجْتَنِبُوا
الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (الحج:30) ـ
وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ
الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) .
ولما كان الإعلام في كل صوره يقوم على الكلمة فلابد أن تكون الكلمة
الإعلامية في المجتمع المسلم هي الصدق كل الصدق ـ أي لابد أن تكون صادقة
المنبت نابعة عن رؤية إسلامية صادقة صحيحة، وبحيث تهدف إلى تحقيق الخير
والنفع للمسلمين.. وحين نأتي إلى مجال التطبيق الإعلامي ـ فإن صفة الصدق
في الإعلام تستلزم ما يلي:
- صدق الخبر:
وهو ما يعني الالتزام بالحقيقة المجردة بغير زيادة ولا نقصان، فالخبر في
الإعلام الإسلامي ينبغي أن يكون مرآة صادقة للواقع المجرد،وقد أمرنا
القرآن الكريم أن نتيقن ونتبين صدق الخبر حتى لا تختلط الأمور ويصبح
المجتمع الإسلامي نهبا للشكوك والشائعات وهما أساس كل فتنة، قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6) .
- صدق الصياغة:
من المألوف إعلاميا أن نجد الخبر الواحد وقد صيغ في عدة صياغات تتسم
بإيحاءات تختلف حسب وجهة نظر المصدر الإعلامي وموقفه من الحدث الذي يعبر
عنه الخبر.
والإعلام الإسلامي في صياغته للخبر ملتزم بأمانة الكلمة في الإسلام، فلا
يعمد إلى ما يعمد إلى ما يعمد إليه غيره من التهويل أو استخدام أسلوب
الإثارة أو الإيحاء بغير الحقيقة المجردة .
والصياغة الإسلامية للخبر ينبغي أن تتسم بصفتين:
1ـ ذكر الحقيقة كاملة مجردة بغير زيادة ولا نقصان.
2ـ تحقيق وجهة النظر الإسلامية في صياغة الخبر.
بمعنى أن يصاغ الخبر في صيغة تعين المسلم على اتخاذ الموقف الصحيح من الحدث الذي يعبر عنه الخبر.
· صدق المقصد:
يتميز الإعلام الإسلامي بأنه الإعلام الهادف إلى تحقيق الخير للمجتمع
الإنساني عامة وللمجتمع الإسلامي خاصة؛ ولذلك فإن “المادة الإعلامية” فيه
لابد وأن تكون هادفة إلى تحقيق غاية إنسانية صالحة لا أن تكون مجرد عرض
لفكر قد يحمل في طياته أضرارا ظاهرة أو خفية، ولا أن تكون مجرد “لغو” لا
ينفع ولا يضر.
وقد أرسى القرآن الكريم مبدأ أمانة الكلمة في قوله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً
سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
(الأحزاب:70،71)
والقول السديد هو ذلك القول الذي يتوفر له جانبا الصدق والخير معا . وسداد
القول يحتم التفكر والتعقل والروية قبل إصدار القول، إلى جانب أن يكون
القول صادرا عن صدق وإيمان.
وقد جاء في خطبة للإمام على كرم الله وجهه: ” .. وإن لسان المؤمن وراء
قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه، لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام
تدبره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه، وإن كان شرا واراه، وإن المنافق يتكلم
بما أتى على لسانه لا يدري ماذا له وماذا عليه”.
وهكذا نجد أن صدق المقصد يمثل ركيزة من ركائز نقاء الإعلام الإسلامي
وتساميه وترفعه عن اللغو والعبث، إلى جانب أنه يمثل سياج حماية للمادة
الإعلامية من كل ما يضر بفكر المجتمع المسلم.
- صدق الحكم :
من أهداف الإعلام الكبرى تزويد الناس بالمعلومات والأخبار التي تعينهم على
تكوين رأي صائب ومنهج سوي في كل مجالات حياتهم ولما كان المجتمع الإسلامي
يقوم على دعائم الحق في كل أركان بنائه فإن الإعلام فيه ينبغي أن يكون
إعلاما متحررا من أهواء وشبهات التضليل.. بمعنى أن يكون إعلاما نزيها في
حكمه على الأمور وتقديره لها
وإذا كان الإعلام في مجتمعات الغرب الرأسمالي يخضع لسطوة رأس المال ومراكز
النفوذ ويوجه إلى الاتجاه الذي يخدم أهداف الممولين،وإذا كان الإعلام في
المجتمعات الشيوعية يمثل بوق دعاية للنظام السياسي والمذهب الاقتصادي
القائم فيها، فإن الإعلام الإسلامي لا يخضع ـ ولا ينبغي ـ لنظام أو مذهب
سياسي معين، ذلك أن من حق المسلم على المسلم أن يصدقه القول والحكم
والنصيحة، فكيف برجل الإعلام المسلم أو جهاز الإعلام الإسلامي إذ يخاطب
ملايين المسلمين؟!
وقصارى القول أن الإعلام في المجتمع المسلم مطالب دائما بصدق الحكم على
الأمور بميزان الرؤية الإسلامية النزيهة الصحيحة بغير ميل أو تحيز إلى
نظام أو مذهب معين.
ثانيـا: الواقعية:
وواقعية الإعلام الإسلامي لا نعني بها مدلول الواقعية الشائع من الخضوع
لواقع ومسايرته، فواقعية الإعلام الإسلامي لا تعني أنه يخضع لواقع المجتمع
فيسايره أو يخضع لواقع العصر فيصطبغ بصبغته، وإنما نعني بها هنا تلك
الواقعية المستمدة من موافقة المنهج للفطرة البشرية وللحياة الإنسانية على
وجه العموم.. وواقعية الإعلام الإسلامي تتمثل في شقين:
1. واقعية منهجية.
2. واقعية تطبيقية .
1 ـ الواقعية المنهجية:
وهي تعني موافقة وملاءمة المنهج الإسلامي للإعلام للفطرة البشرية واتساق
هذا المنهج مع المنهج الإسلامي العام في بناء الحياة البشرية الصالحة في
كل جوانبها.. ويتضح ذلك من خلال الأسس الثلاثة التي يقوم عليها الإعلام
الإسلامي وهي:
· الدعوة إلى الخير .
· الأمر بالمعروف.
· النهي عن المنكر.
وكما نرى فإن هذه الأسس الثلاثة تؤكد اتصال المنهج الإسلامي للإعلام بمنهج
الدعوة العام فلا انفصال بينهما. ثم إن الإسلام قد كفل للكلمة الإعلامية
المسلمة عامل التأثير وعنصر الاستجابة من خلال التزامه بمنج الحكمة
والموعظة الحسنة، وهو أساس المنهج التطبيقي العام للدعوة الإسلامية في كل
جوانبها .
وينبغي أن نتوقف هنا لنقرر أن الواقعية التطبيقية للإعلام الإسلامي تقوم على عنصرين أساسيين:
·
الكلمة الطيبة
منج الحكمة
والموعظة الحسنة
ذلك أن الفطرة البشرية بطبيعتها ومهما بلغ بها الانحراف لا تستطيع أن تنكر الكلمة الطيبة حتى وإن لم تستجب لها.
ثالثا: الشمولية:
يكتسب الإعلام الإسلامي صفة الشمولية من كونه “إعلاما إسلاميا” فلما كان
الإسلام هو دين الله عز وجل الذي رضيه للناس كافة فإن الإعلام الإسلامي
يجب أن يرقى إلى هذه الدرجة من الشمولية بمعنى أن يكون قادرا على مخاطبة
الناس كافة وعلى التأثير فيهم.
كما أن شمولية الإعلام الإسلامي تتأكد من خلال التزامه بالمنهج الإسلامي
العام والذي تتكامل فيه شتى الجوانب التي تلبي حاجات الحياة الإنسانية
الصالحة للبشرية جمعاء.
ثم تأتي بعد ذلك “شمولية الأداء” وهي صفة ينفرد بها هذا الإعلام الإسلامي
دون غيره . ذلك أن المسلم الفرد في المجتمع الإسلامي يستطيع القيام بدور
إعلامي مفيد سواء داخل مجتمعه أو خارج نطاق المجتمع .
وغني عن البيان والتفصيل ما قام به تجار المسلمين قديما من الإسهام في نشر
الإسلام في الهند وأفريقيا وأقصى بقاع الأرض من خلال عمليات إعلامية فردية
بوسيلة الاتصال الشخصي والدعوة القدوة .
ولا يفوتنا أيضا أن نذكر هنا أن المجتمع الإسلامي بطبيعة تكوينه هو مجتمع
إعلامي وذلك بما يحتمه الإسلام على أتباعه من التواد والتراجم والتناصح
بين المسلمين.
رابعا: الثبـات والمرونة:
نعني بصفة الثبات هنا ثبات الأسس والمبادئ التي يقوم عليها الإعلام الإسلامي، وكذلك ثبات غاياته وأهدافه في كل زمان ومكان.
أما مرونة الإعلام الإسلامي فهي تعني قدرة الفكر الإعلامي الإسلامي على
مواكبة وتقوم كل تطور أو تغير يحدث في محيط الحياة البشرية، وكذلك توجيه
كل نشاط بشري إلى الوجهة الصالحة الصحيحة.
وينبغي في هذا المقام أن نذكر أن الفكر الإسلامي منبع فياض لكل فكر إنساني
يهدف إلى بناء وتطوير الحياة الإنسانية وهو ما يحقق عامل المرونة في مصادر
الإعلام الإسلامي، ولا يبقى بعد ذلك سوى تحقيق المرونة في استخدام الوسائل
والفنون الإعلامية المتطورة لكي يبلغ تأثير الإعلام الإسلام غايته المرجوة
سواء داخل المجتمعات الإسلامية أو خارجها.