الجذور الدبلوماسية

في 28 يونيو 1914، تم اغتيال وريث العرش النمساوي "فرانز فرديناند"

على يد الصربي "جافريلو برينسيب" مماأجج النقم النمساوي على الصرب

وأشعل فتيل الحرب العالمية الأولى. وليس من الإنصاف إلقاء اللوم

على حادثة الإغتيال بدون الرجوع إلى الوراء والنظر إلى الحالة السياسية

للقارة الأوروبية في تلك الفترة للتعرف على الأرض الخصبة لإشعال

الحرب العالمية الأولى وأن حادثة الإغتيال لم تكن إلا الشعرة التي قسمت ظهر البعير.

ففي القرن الثامن عشر، كانت فرنسا على حافة الثورة والغليان الشعبي

كان في أوجه، فكان المجتمع الفرنسي يتكون من الملك في أعلى الهرم،

والشعب في المستنقع، والكنيسة والنبلاء بمرتبة تقل عن الملك بقليل لكنها

بعيدة كل البعد عن الطبقة الدنيا (طبقة الشعب). وبتغير العجلة

الإقتصادية الفرنسية، أحدث التغيير تكوين طبقة اجتماعية جديدة تسمّى بالبرجوازية

التي بدورها طالبت أن تُعامل معاملة النبلاء بالرغم من كونها طبقة متوسطة.

وبتزايد حدّة الضرائب الملقاه على كاهل الشعب باستثناء النبلاء نتيجة المغامرات

الحربية للملك الفرنسي لويس، حاول الفرنسيون إصلاح الإقتصاد الفرنسي المكسور

وتحوّل الإصلاح الإقتصادي إلى ثورة شعبية تمخّضت عن نابليون كزعيم لفرنسا.

ولم ينفك نابليون من تجهيز الجيوش وتسخير أوروبا مرتعاً له ولفرنسا

مستعيناً بدغدغة المشاعر الوطنية الفرنسية مماأحدث حسّاً جديداً سُمّي بالوطنية والإنتماء للوطن.

وتنامت المشاعر الوطنية في أرجاء أوروبا بتعدد عنصرياتها وبدأ

الصراع بين معتنقي الصرعة الجديدة (الوطنية) وبين أنصار أنظمة الحكم

التقليدية التي تنادي باعتلاء العائلات العريقة والنبلاء دفّة الحكم.

إضافة إلى ماسبق ترجع جذور التحالف بين إنجلترا وفرنسا

تبعا للوفاق الودي عام 1904 وتكون العداء بين كل منهما

وبين ألمانيا نظرا لرغبة ألمانيا في إقامة إمبراطورية لها

ورفضها أن تضع فرنسا المغرب تحت سيطرتها (الأزمة المغربية الأولى)

وتم عقد مؤتمر لإنهاء الأزمة انتهى بأن خرجت ألمانيا صفر اليدين

وتأكدت من ضرورة مواجه التحالف الفرنسي الإنجليزي السبب

فيما حدث كما يذكر أن النمسا بعد حادث قتل ولى العهد أرسلت

إلى ألمانيا تطلب تأييدها ووافقت ألمانيا انتقاما من الروس وبدا فتيل الحرب في الاشتعال.

******************************

الإنفجار:

تنامت الجغرافية ضعفين نتيجة حرب البلقان، وقلقها من مساندة

روسيا لصربيا للإستيلاء على الأراضي السلافية من النمسا.

ووصلت النمسا إلى قناعة الهجوم على صربيا كضربة وقائية

لتفادي شرّ الصرب، كما نظر النمساويون للضربة الخاطفة

لصربياً حلاً للمشاكل الداخلية للإمبراطورية النمساوية الهنغارية

المتمثلة بوجود حكومتين المخاوف النمساوية على وحدة أراضيها

من الجارة صربيا وخصوصاً أن الأخيرة اتسعت رقعتها

(نمساوية وهنغارية) تحت النظام الملكي النمساوي.

فكان النمساويون مسؤولين عن السياسة الخارجية للإمبراطورية

التي تدعو لتسليح الإمبراطورية إلا أن الهنغاريين عارضوا الإنفاق

اللازم للتسلح. وبدعم ألماني، ارسلت الحكومة النمساوية رسالة ذات

10 نقاط للحكومة الصربية بمثابة تهديد وقبل الصرب الشروط باستثناء شرط واحد.

وفي 1909، تعهدت روسيا بالدفاع عن السيادة الصربية مقابل السكوت

عن الإحتلال الروسي للبوسنة. فقامت روسيا بتحريك قواتها نتيجة

ضغوط الجنرالات الروس للدفاع عن الصرب. وطالبت ألمانيا

من روسيا عدم تحريك القوات وأن تتراجع القوات الروسية عن حالة الإستعداد،

ولمّا لم تمتثل روسيا للمطالب الألمانية، أعلنت ألمانيا الحرب على

روسيا في 1 اغسطس 1914 ولحقتها بإعلان آخر ضد فرنسا في 3 اغسطس. ...