ها هو رمضان يجري بنا ونحن معه نستبق الزمن، نحاول أن ندرك من شهر رمضان فرصة لتُغفر ذنوبنا وتُعتق رقابنا من النار فنفوز بجنة الرحمن ..
ومن خصوصيــات هذا الشهر المبـــارك التي تُميزه عن غيره من الشهور: صلاة التراويح .. فضلاً عن أنها تستوجب مغفرة الذنوب المُتقدمة، فإن قيــام رمضان له لذة وبهجة خاصة عجيبة ليس كمثلها شيء .. وليل رمضان له مذاق خاص يختلف عن جميع ليالي السنة ..


وإليكم بعض المنشطات لقيـــام رمضان، أولها فوائد هذه العبادة ..
فوائد صلاة التراويح
1) قيـــام رمضان من الإيمان ومغفرة لسالف الذنوب ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه" [متفق عليه]

كم من ذنبٍ لك في صحيفتك؟ وكم هي معاصيك؟!
أمامك فرصة لتُمسَح جميع ذنوبك ومعاصيك، فتصير صحيفتك بيضــاء نقية بلا أي ذنب،،


2) قافلة الصالحين ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات" [صحيح الجامع (4079)]
وعبـــاد الله الصالحين هم أصحاب القلوب الرقيقة الصافية، فيتخذ الله تعالى قلوبهم آنيةً في الأرض .. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله تعالى آنية من أهل الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها" [رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الجامع (2163)]
فمن واظب على قيــــام الليل حتى صار دأبه، أدخله الله في عباده الصالحين .. وكلمة "دأب" توحي بالمجاهدة والصبر والمداومة على هذا العمل ..

فاجتهد فيه كجهدهم، تكُن منهم،،


3) منهاة عن الإثم وعصمة من الذنوب ..
فمن سُنن الله تعالى التي لا تتبدَّل: أن الجزاء في الدنيــا مُعجَّل على الطاعات والمعاصي .. فالعاصي لابد أن يُعاقب في الدنيــا ويعيش ذُل وهوان المعصية، حتى لو بدا أمام الناس سعيدًا هانئًا .. قال الحسن: "وإن هَمْلَجَتْ بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال إن ذل المعصية لفي قلوبهم، أبى الله عزَّ وجلَّ إلا أن يُذِلَّ من عصاه" [إغاثة اللهفان (9:5)] .. فلا تغرك المظاهر؛ لأن العصاة في داخل قلوبهم ألم وحزن لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
أما المؤمن فيعيش في سعادة وراحة قلبية .. مهما كان فقيرًا أو ضعيفًا أو مريضًا؛ لأن بداخل قلبه سعادة الرضا عن الله عزَّ وجلَّ.
ومن أجر قيـــام الليل المُعجَّل في الدنيـــا: أن ينهاك عن الإثم .. قال أبو سليمان "مَنْ أَحْسَنَ فِي نَهَارِهِ كُوفِئَ فِي لَيْلِهِ، وَمَنْ أَحْسَنَ فِي لَيْلِهِ كُوفِئَ فِي نَهَارِهِ" [البداية والنهاية (14:148)]
يقول ابن القيم أن أول أسباب الوقوع في الذنب هي "الإنخلاع من عصمة الله له؛ وأنك إنما ارتكبت الذنب بعد إنخلاعك من توبة عصمته لك .. فما خلَّى الله بينك وبين الذنب إلا بعد أن خذلك وخلى بينك وبين نفسك، ولو عصمك ووفقك لما وجد الذنب إليك سبيلاً" [مدارج السالكين (1:180)]
فالله تعالى يَعْصِم العبد المُطيع، فيصرف عنه أسباب المعاصي ويحفظه من الوقوع فيها .. قال تعالى { .. وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101]
أما العاصي فهو مخذول، أينما ذهب وجد المُحرمات أمامه ووقع في المعاصي حتى لو لم يكن يرغب في ذلك.

فلو كنت عزيــز عند الله تعالى لمنعك من الوقوع في المعصية، أما لو هُنت عليه سيتركك تعصي ..
أَيُّهَا الْمُعْرِضُ عَنَّا إِنَّ إِعْرَاضَكَ مِنَّا
لَوْ أَرَدْنَــاكَ جَعَلْنَا كُلَّ مَا فِيْكَ يُرِدْنــا


4) شرف المؤمن ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ".. شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس" [رواه البيهقي وحسنه الألباني، صحيح الجامع (73)] .. فواظب على قيـــام الليل، تكُن من الشرفاء عند الله سبحانه وتعالى.



5) قيـــام رمضان سببٌ للتعوُّد على القيــام طول العام ..
فالله تعالى يعوِّدنـا خلال ثلاثين يومًا متتالية على الطاعة، وقيام الليل يأتي بالتعوُّد .. كانت امرأة من السلف تقول لأبنائها "يا بني، تعوَّدوا فعل الخير، فإن فعل الخير عادة وإن القلوب إذا اعتادت فعل الطاعة وراودها الملعون على معصية مرت بهم المعصية محتشمة وهم لها منكرون"

وَيَنْشَأُ نَاشِيْءِ الْفَتِيِّـــانّ مِنَّا عَلَىَ مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوْهُ
وَمَا دَانَ الْفَتَى بِحَجـــىً وَلَكِنَّ يَعُودُهُ الْتَّدَيُّنِ أَقْرَبُوهُ


6) القيــــام نور الوجوه والقلوب ..
قيل للحسن: ما بال القائمين أحسن الناس وجوهًا؟، فقال: "إنهم خَلَوْا بالله في السَحَر فألبسهم من نوره" .. وهذا من إكرام الله سبحانه وتعالى لأهل القيــام.