في الحقيقة انني قرأت القصة عدة مرات، ولكن في هذه المرة أعجبتني طريقة السرد للقصة، اتمنى ان تحوز على اعجابكم أيضاً،

لم يحفظ التاريخ اسمها ولكنه حفظ فعلها....
امرأه صالحه كانت تعيش هي وزوجها في ظل ملك فرعون...زوجها مقرب من فرعون...
وهي خادمه ومربيه لبنات فرعون...فمن الله عليهما بالايمان...فلم يلبث زوجها ان علم فرعون بإيمانه فقتله...
فلم تزل الزوجه تعمل في بيت فرعون تمشط بنات فرعون...
وتنفق على اولادها الخمسه...
تطعمهم كما تطعم الطير افراخها....
فبينما هي تمشط ابنه فرعون يوما..
اذ وقع المشط من يدها..فقالت بسم الله..فقالت ابنة فرعون :الله ابي...
فصاحت الماشطه بابنه فرعون:كلا..
بل الله ربي وربك..ورب ابيك...
فتعجبت البنت ان يعبد غير ابيها...ثم اخبرت اباها بذلك...فعجب ان يوجد في قصره من يعبد غيره...فدعا بها..وقال لها:من ربك؟؟قالت:ربي وربك الله..فامرها بالرجوع عن دينها..وحبسها وضربها...فلم ترجع عن دينها...فأمر فرعون بقدر من نحاس فملئت بالزيت..ثم أحمي حتى غلا...واوقفها امام القدر..فلما رأت العذاب..ايقنت إنما هي نفس واحده تخرج وتلقى الله تعالى...فعلم فرعون ان احب الناس اولادها الخمسه...الايتام الذين تكدح لهم....وتطعمهم فأراد ان يزيد في عذابها فأحضر الاطفال الخمسه..تدور اعينهم...يدرون الى اين يساقون...
فلما رأوا امهم تعلقوا بها يبكون...فانكبت عليهم تقبلهم وتشمهم وتبكي....واخذت اصغرهم وضمته الى صدرها وارضعته...فلما راى فرعون هذا المنظر...امر بأكبرهم..فجره الجنود ودفعوه الى الزيت المغلي...والغلام يصيح بأمه ويستغيث...ويسترحم الجنود..ويتوسل الى فرعون...ويحاول الفكاك والهرب...وينادي اخوته....ويضرب الجنود بيديه الصغيرتين...وهم يصفعونه ويدفعونه...وامه تنظر اليه وتودعه..فما هي الا لحظات..حتى القي الصغير في الزيت..والام تبكي وتنظر..واخوته يغطون اعينهم بأيديهم الصغيره..حتى اذا ذاب لحمه على جسمه النحيل..وطفحت عظامه بيضاء فوق الزيت..
.نظر اليها فرعون وامرها بالكفر..فأبت..فغضب فرعون..وامر بولدها الثاني..فسحب من عند امه وهو يبكي ويستغيث...فما هي الا لحظات حتى القي في الزيت..وهي تنظر اليه وتبكي...حتى طفحت عظامه بيضاء واختلطت بعظام اخيه..والام ثابته على دينها..موقنه بلقاء ربها...ثم امر فرعون بالثالث فسحب وقرب من القدر ثم حمل وغيب في الزيت...وفعل به مافعل بأخويه..والام ثابته على دينها..فأمر فرعون ان يطرح الرابع في الزيت..
فأقبل الجنود اليه..وكان صغيرا قد تعلق بثوب امه..فلما جذبه الجنود..بكى وانطرح على قدمي امه..ودموعه تجري على رجليها...وهي تحاول ان تحمله مع اخيه...تحاول ان تودعه وتشمه...فحالوا بينه وبينها..وحملوه من يديه الصغيرتين..وهو يبكي ويستغيث ويتوسل بكلمات غير مفهومه..وهم لايرحمونه..
وماهي الا لحظات حتى غرق في الزيت المغلي...وغاب الجسد وانقطع الصوت...وشمت امه رائحه اللحم..وعلت عظامه الصغيره بيضاء فوق الزيت يفور بها...تنظر الام الى عظامه وقد رحل عنها الى دار اخرى..وهي تبكي وتتقطع لفراقه..طالما ضمته الى صدرها وارضعته...
طالما سهرت لسهره..وبكت لبكائه...كم ليله بات في حجرها...ولعب بشعرها..كم قربت منه العابه..والبسته ثيابه...فجاهدت نفسها ان تتجلد وتتماسك...فالتفتوا اليها وتدافعوا اليها....وانتزعوا الخامس الرضيع من بين يديها..فلما انتزع منها صرخ الصغير..وبكت المسكينه...فلما رأى الله تعالى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها..انطق الصبي في مهده...وقال لها:ياأماه اصبري فإنك على حق..ثم انقطع صوته عنها...

وغيب في القدر مع اخوته...وذهب الاولاد الخمسه..وهاهي عظامهم يلوح بها القدر...ولحمهم يفور به الزيت..تنظر المسكينه الى هذه العظام الصغيره..عظام من؟؟؟انهم اولادها..الذين ملئوا عليها البيت ضحكا وسرورا..انهم فلذات كبدها..وعصاره قلبها..الذين لما فارقوها..كأن قلبها اخرج من صدرها طالما ركضوا اليها وارتموا بين يديها وضمتهم الى صدرها ومسحت دموعهم بأصابعها....ثم هاهم ينتزعون من بين يديها..ويقتلون أمام ناظريها..وتركوها وحيده وتولوا عنها..وعن قريب ستكون معهم..كانت تستطيع ان تحول بينهم وبين العذاب..بكلمه كفر تسمعها لفرعون..لكنها علمت ان ماعند الله خير وابقى..ثم لما لم يبق الا هي..اقبلوا عليها كالكلاب الضاريه..ودفعوها الى القدر..فلما حملوها ليقذفوها في الزيت..نظرت الى عظام اولادها...فتذكرت اجتماعها معهم في الحياه...فالتفتت الى فرعون وقالت:لي اليك حاجه..فصاح بها وقال:

ماحاجتك؟
فقالت: ان تجمع عظامي وعظام اولادي فتدفنها في قبر واحد..ثم اغمضت عينيها..والقيت في القدر...
واحترق جسدها... وطفحت عظامها...
مااعظم ثباتها..واكثر ثوابها...
ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليله الإسراء شيئا من نعيمها..فحدث به اصحابه وقال لهم فيما رواه البيهقي(لما اسرى بي مرت بي رائحه طيبه..
فقلت: ماهذه الرائحه؟
فقيل لي: هذه ماشطه بنت فرعون واولادها...)
الله اكبر..
تعبت قليلا..
لكنها استراحت كثيرا..
مضت هذه المرأه المؤمنه الى خالقها..
وجاورت ربها..ويرجى ان تكون اليوم في جنات ونهر...ومقعد صدق عند مليك مقتدر..وهي اليوم احسن منها في الدنيا حالا..
واكثر نعيما وجمالا
اللهم الحقنا بالصالحين
يارب يا كريم