-1-
"لن ينصلح حال هذا البلد أبداً!
ومنذ متى قد "انصلح حاله" هذا؛ فهو في كل فترة يخرج من"نُقرة" إلى"دحديرة"، وخاصة في العصور الأخيرة التي كان فيها متخلفاً، متراجعاً عن بقية الدول، ويحلو لبعض الكتّاب أن يتحدثوا عن دول انطلقت في موكب التقدم؛ بينما نحن مازلنا في ذيل القافلة نندب حظنا الأسود"!
"لن ينصلح حال هذا البلد أبداً!
فقدَرُنا أن نجابه جيوش المستعمرين، ونهزمهم؛ ليرجعوا إلى بلادهم كما أتوا، لكن ماذا عن المستعمرين من بني جلدتنا، الذين يمصّون دمنا، وينخرون في عظامنا بصبر يُحسدون عليه؟
فتحت دعاوى الإصلاح، والخوف على البلد، والتقدم والعدالة الاجتماعية: يرتكبون مما لم يرتكبه المستعمرون، وفي النهاية هم منا ومن بيننا"!
"لن ينصلح حال هذا البلد أبداً!
وكيف سينصلح إذا كنا نسمع كل يوم وعوداً وأمنيات من القائمين عليه بتحسن الحال، وأن القادم أفضل من الحاضر، والواقع يُكذّب هذا وذاك؛ معلناً أن الصدق ليس من فضائلهم"!
-2-
ما سبق ستجده في عقول الكثيرين من المفكرين والمصلحين المهمومين بحال البلد؛ والذين تنضح مقالاتهم وكتبهم بالكآبة وعدم التفاؤل!
أو بالجملة الشهيرة: تمتعوا بالسىئ؛ فالأسوأ قادم!
والواقع أن هناك فئة أخرى تبتسم على الدوام؛ مؤكدة أن كل بلاد العالم تواجه ما نواجهه من غلاء وفقر، وانهيار البنية التحتية بسبب الفساد والعشوائية، وتطلب من المواطنين أن تنظر للشرق- على أساس أنها جهة شروق الشمس- بتفاؤل فأكبر خطر يمكن أن يواجهه المرء هو فقدان الأمل!
-3-
المثير هنا أنك ستجد نفسك واقفاً أمام مجموعتين:
مجموعة متشائمة على الدوام؛ تنظر حولها باستمرار راصدة الظواهر التي نُبتلى بها كل يوم، ويتحدثون بلهجة من يعرف جيداً أن نهاية البلد قادمة لا محالة!، ربما تظنني مبالغاً.. ربما! لكن حاول أن تقرأ جرائد المعارضة، لتُصاب بالغمّ مما تقرأه حتى أن هناك من توقف عن قراءة تلك الجرائد أصلاً؛ لأن مرارته قد "انفقعت"، وضغط دمه يعلو كثيراً، فحفاظاً على البقية الباقية يقوم بحل الكلمات المتقاطعة، ويقرأ الكاركاتير الساخر ليس من باب الانتماء الوطني؛ بل من باب الفكاهة والضحك فقط.
حتى البرامج إياها التي تجدها على القنوات الفضائية، وخاصة قناة "الجزيرة"؛ ستجد فيها الكثير من الموضوعات الساخنة التي تجعلك تشعر بالاشمئزاز و"القرف" مما تشاهده وتسمعه، فإذا ما حاولت أن تتجاهل هذه القلة الحاقدة، وتقرأ الجرائد الكبرى، ستجد أن هناك "مصر" أخرى غير التي تمشي في شوراعها كل يوم أثناء ذهابك إلى عملك -هذا إذا كنت تعمل أصلاً- مصر نظيفة، متألقة، مليئة بالخير والجمال، وأهلها راقون متمسكون بالقيم، ولا توجد فيها بطالة، والأسعار فيها مناسبة، وكل شيء فيها متاح ومتيسر؛ ولولا بقية من العقل لقلت لنفسك: لابد أنها المدينة الفاضلة!
لابد أنك ستطوي الجريدة أيضاً، وأنت تشعر بنفس الاشمئزاز و"القرف".
-4-
والأمر يتجاوزه إلى قنوات الإعلام نفسها:
كمية مهولة من المسلسلات والأفلام التي تتحدث عن العشوائيات، والمخدرات، والدم، والثأر، والفساد!
تخيل أنك تشاهد كل يوم بأنه لا فائدة من التعليم، ولا يوجد وظائف، وترى شباباً يسافرون من أجل تحسين الوضع، وأن المستقبل مظلم.. مظلم؛ وبدلاً من أن يساهم الإعلام في ترقية المجتمع تجده يتحدث بتشاؤم مماثل، وأقسى، بدعوى الواقعية والصدق الفني؛ بدلاً من أن يُقدّم نماذج جيدة تجعل الشباب يقاوم ويغير طريقه الخاص!
وكأن الجميع صار يردد مع الفنان "هاني رمزي" في مسرحية "وجهة نظر":
- مافيش فايدة!
بين هاتين المجموعتين يتأرجح الحال:
بين كذب مطلق، وتشاؤم مطلق، ومن يتحدثون عن الإصلاح قلة، وصوتهم غير مسموع بفعل فاعل؛ لأن هناك من يهمهم أن يقبع الناس في الظلام الحالك بلا بصيص نور!
هل بات من المستحيل أن نجد فئة من الناس تنقل الواقع كما هو وترصد الإيجابيات والسلبيات بأمانة، ثم تنصح وتستبشر وتتشاءم بشكل معقول لا يجعلنا نضيق بواقعنا الضيق أصلاً، أو نتفاءل بطريقة "عبيطة" وكأنهم يعطوننا مخدّراً لا يجعلنا نرى إلا صورة بعيدة تماماً عن الواقع الحقيقي!
أجل.. نحن في حاجة لهؤلاء، فيمكننا بهم أن نفهم ونتقدم ونرتقي!
"لن ينصلح حال هذا البلد أبداً!
ومنذ متى قد "انصلح حاله" هذا؛ فهو في كل فترة يخرج من"نُقرة" إلى"دحديرة"، وخاصة في العصور الأخيرة التي كان فيها متخلفاً، متراجعاً عن بقية الدول، ويحلو لبعض الكتّاب أن يتحدثوا عن دول انطلقت في موكب التقدم؛ بينما نحن مازلنا في ذيل القافلة نندب حظنا الأسود"!
"لن ينصلح حال هذا البلد أبداً!
فقدَرُنا أن نجابه جيوش المستعمرين، ونهزمهم؛ ليرجعوا إلى بلادهم كما أتوا، لكن ماذا عن المستعمرين من بني جلدتنا، الذين يمصّون دمنا، وينخرون في عظامنا بصبر يُحسدون عليه؟
فتحت دعاوى الإصلاح، والخوف على البلد، والتقدم والعدالة الاجتماعية: يرتكبون مما لم يرتكبه المستعمرون، وفي النهاية هم منا ومن بيننا"!
"لن ينصلح حال هذا البلد أبداً!
وكيف سينصلح إذا كنا نسمع كل يوم وعوداً وأمنيات من القائمين عليه بتحسن الحال، وأن القادم أفضل من الحاضر، والواقع يُكذّب هذا وذاك؛ معلناً أن الصدق ليس من فضائلهم"!
-2-
ما سبق ستجده في عقول الكثيرين من المفكرين والمصلحين المهمومين بحال البلد؛ والذين تنضح مقالاتهم وكتبهم بالكآبة وعدم التفاؤل!
أو بالجملة الشهيرة: تمتعوا بالسىئ؛ فالأسوأ قادم!
والواقع أن هناك فئة أخرى تبتسم على الدوام؛ مؤكدة أن كل بلاد العالم تواجه ما نواجهه من غلاء وفقر، وانهيار البنية التحتية بسبب الفساد والعشوائية، وتطلب من المواطنين أن تنظر للشرق- على أساس أنها جهة شروق الشمس- بتفاؤل فأكبر خطر يمكن أن يواجهه المرء هو فقدان الأمل!
-3-
المثير هنا أنك ستجد نفسك واقفاً أمام مجموعتين:
مجموعة متشائمة على الدوام؛ تنظر حولها باستمرار راصدة الظواهر التي نُبتلى بها كل يوم، ويتحدثون بلهجة من يعرف جيداً أن نهاية البلد قادمة لا محالة!، ربما تظنني مبالغاً.. ربما! لكن حاول أن تقرأ جرائد المعارضة، لتُصاب بالغمّ مما تقرأه حتى أن هناك من توقف عن قراءة تلك الجرائد أصلاً؛ لأن مرارته قد "انفقعت"، وضغط دمه يعلو كثيراً، فحفاظاً على البقية الباقية يقوم بحل الكلمات المتقاطعة، ويقرأ الكاركاتير الساخر ليس من باب الانتماء الوطني؛ بل من باب الفكاهة والضحك فقط.
حتى البرامج إياها التي تجدها على القنوات الفضائية، وخاصة قناة "الجزيرة"؛ ستجد فيها الكثير من الموضوعات الساخنة التي تجعلك تشعر بالاشمئزاز و"القرف" مما تشاهده وتسمعه، فإذا ما حاولت أن تتجاهل هذه القلة الحاقدة، وتقرأ الجرائد الكبرى، ستجد أن هناك "مصر" أخرى غير التي تمشي في شوراعها كل يوم أثناء ذهابك إلى عملك -هذا إذا كنت تعمل أصلاً- مصر نظيفة، متألقة، مليئة بالخير والجمال، وأهلها راقون متمسكون بالقيم، ولا توجد فيها بطالة، والأسعار فيها مناسبة، وكل شيء فيها متاح ومتيسر؛ ولولا بقية من العقل لقلت لنفسك: لابد أنها المدينة الفاضلة!
لابد أنك ستطوي الجريدة أيضاً، وأنت تشعر بنفس الاشمئزاز و"القرف".
-4-
والأمر يتجاوزه إلى قنوات الإعلام نفسها:
كمية مهولة من المسلسلات والأفلام التي تتحدث عن العشوائيات، والمخدرات، والدم، والثأر، والفساد!
تخيل أنك تشاهد كل يوم بأنه لا فائدة من التعليم، ولا يوجد وظائف، وترى شباباً يسافرون من أجل تحسين الوضع، وأن المستقبل مظلم.. مظلم؛ وبدلاً من أن يساهم الإعلام في ترقية المجتمع تجده يتحدث بتشاؤم مماثل، وأقسى، بدعوى الواقعية والصدق الفني؛ بدلاً من أن يُقدّم نماذج جيدة تجعل الشباب يقاوم ويغير طريقه الخاص!
وكأن الجميع صار يردد مع الفنان "هاني رمزي" في مسرحية "وجهة نظر":
- مافيش فايدة!
بين هاتين المجموعتين يتأرجح الحال:
بين كذب مطلق، وتشاؤم مطلق، ومن يتحدثون عن الإصلاح قلة، وصوتهم غير مسموع بفعل فاعل؛ لأن هناك من يهمهم أن يقبع الناس في الظلام الحالك بلا بصيص نور!
هل بات من المستحيل أن نجد فئة من الناس تنقل الواقع كما هو وترصد الإيجابيات والسلبيات بأمانة، ثم تنصح وتستبشر وتتشاءم بشكل معقول لا يجعلنا نضيق بواقعنا الضيق أصلاً، أو نتفاءل بطريقة "عبيطة" وكأنهم يعطوننا مخدّراً لا يجعلنا نرى إلا صورة بعيدة تماماً عن الواقع الحقيقي!
أجل.. نحن في حاجة لهؤلاء، فيمكننا بهم أن نفهم ونتقدم ونرتقي!
ماذا تفضّل؟
