منذ ان بدأت العداوة بين بني آدم والشيطان عقب استكبار ابليس

للسجود لآدم اتخذ ابليس وجنوده هدفا لا يزيغون عنه ولا

يحيدون وهو اغواء بني آدم وزرع الوقيعة بينهم فتراهم

منتشرين غير مرئيين ولكنهم محسوسون -علي قارعة الطريق

يحتشدون يسولون ويملون لبني آدم ويعلمون منه الكثير من

الضعف فيزينون له ما يحب ويهيؤون له ما يطلب -

ان ابن آدم ضعيف والكثير منهم يرزح تحت رغباته وشهواته

وبين تعدد الرغبات والشهوات أيضا تتعدد الشياطين المصاحبة

له في هذا الطريق فيلهم الشيطان ابن آدم الهاما ما أنزل الله به

من سلطان وخطط كفيلة بأن تجعل الحليم حيرانا فالمال له حشد

كبير من هؤلاء الذين يبعدوا كل ماهو طيب وجلب كل ماهو

خبيث حول الشخص ذاته وهؤلاء البشر أيضا هم من جنود

ابليس ومابين سلطة مطلقة تصير مفسدة مطلقة تتجمع حول

من يملك السلطة بطانه تحل ماحرم ويشيع الفساد ويعم الظلم

أرجاء البلاد -وبين الأخوة والأصدقاء مرتعا خصبا تتقطع فيه

أواصر المحبة والمودة ليحل محلها البغض والكراهية والعداء -

واما سلطان ابليس علي النفس البشرية ودواخلها فهو مسكنه

ومأواه ويعلم منا مالا نعلمه نحن فتري قوة تهيء وتدفع بنا الي

كل ماهو سيء مخزي نندم عقب فعله فنحارب من قبله اذا فكرنا

في عمل خير فيوجد لنا الذرائع ليمنعنا من فعله وان فعلنا

فيشككنا في نيته أو تقديم خدماته المجانية وبذل قصاري جهده

لنرقص معه بانسجام تام بعد ان يموت الضمير وتخلو الساحة

الا منه فما أسوأ ان تخلو القاعة البشرية من نفس لوامة

وتقوي رادعة ونفس راغبة وتصير قاعتنا ضجيجا عاليا وصخبا

ويتراقص بنو آدم رقصة متناغمة مع الشيطان -